يوافق اليوم ميلاد ابن الإسكندرية الكاتب الروائي والقاص المصري إبراهيم عبد المجيد، الذي استطاع من خلال أعماله أن يجعلك تغوص في أدق تفاصيل الإسكندرية كما أطلق عليها عبد المجيد "مدينة العالم"، فقد قدم إبراهيم عبد المجيد للقارئ 19 رواية، 15 منها في حيز الإسكندرية، ولكن أشهرها ما جاء في ثلاثية الإسكندرية، وعندما تبدأ في القراءة تنفصل عن عالمك، لتجد نفسك واحد من أبناء الإسكندرية تشغلك الحرب، يتخلل روحك نسيم البحر وانت في مقعدك حيثما كنت، تتعاطف مع مجد الدين وتبكي لموت دميان، وكأنه صديق حميم، تسمع دُوي الانفجارات، وتشعر بالخوف من أن تصيبك أحد القذائف، تأخذك سلاسة الكتابة بالفعل لما وراء السطور من مشاعر صادقة ولدت من روح كاتبها، فخطها لك في كتاباته.

جاءت ثلاثية الإسكندرية في (لا أحد ينام في الإسكندرية- طيور العنبر- الإسكندرية في غيمة)، واستغرق كتابة الجزء الأول منها 6 سنوات، بدأت عام 1990 وحتى 1996، قضاها عبد المجيد في القراءة والكتابة والسفر، فقال في أحد لقاءاته انه مشي في الصحراء الغربية مسافات تعادل ضعف المسافة بين الإسكندرية والسلوم، خلع حذائه ليشعر بحرارة الرمال، يخلع قميصه ليشعر بحرارة الجو وبرودته، يزور الصحراء صيفًا وشتاءً ليشعر باختلاف الجو، كما قال أن السفر مغذي عظيم للكتابة، واصفًا الكتابة بأنها برزخ بين السماء والأرض.

وقال عبدالمجيد انه لطالما حلم بالكتابة عن الحرب العالمية الثانية، والسبب في ذلك هو حكايات والديه وهو صغير عن الحرب وأيامها، وفي عام 1990 وعند سفري مع زوجتي وابنائي لمرسى مطروح ومرورنا بالعلمين، شعرت بأنه قد حان الوقت للكتابة عن الحرب العالمية الثانية، ومن هنا استطاع عبدالمجيد أن ينقل لنا تحليل دقيق ومميز للإسكندرية وطبقاتها وتنوعها الحضاري والاجتماعي والفكري في ظل الحرب العالمية الثانية واثرها على المدينة.

وتم نشر "لا أحد ينام في الإسكندرية"  عام 1996، واعادة دار الجمل بنشرها مره أخرى عام 2000، لتأتى في 434 صفحة من القطع المتوسط، ثم قامت دار الشروق بإصدارها في طبعة محسنة من 453 صفحة من القطع المتوسط، عام 2004، كما تمت ترجمتها إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية.

وفي عام 2006 تم تحويل الرواية لمسلسل تليفزيوني، شارك في بطولته ماجد المصري، معالي زايد، أحمد راتب، ريهام عبد الغفور، عمرو سعد، طارق لطفي، حنان مطاوع، مي كساب، سهير المرشدي، ومن إخراج حسن عيسى، وقيل عنه حين عُرض أنه يُعتبر من الأعمال الأعلى تكلفة في تاريخ مدينة الإنتاج الإعلامي.

وتعتبر"لا أحد ينام في الإسكندرية" أحد الأعمال الهامة في تاريخ الأدب المصري والعربي المعاصر، حيث حصلت على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب لأحسن رواية عن عام 1996، وقد جاءت نسختها الإنجليزية ضمن قائمة أفضل مائة رواية عالمية للأعمال الأدبية الحديث.

وعن كتاباته قال إبراهيم عبد المجيد في البداية تأثرت بالشعارات السياسية وظهر ذلك جليًا في كتاباتي، لكن اخلصت بعد ذلك للكتابة الفنية، وأحببت كثيرًا القصة القصيرة، وكنت في البداية حريص على الكتابة في المجلات الأدبية، حتى يقرأ لي الأدباء، لكن الآن اترك المساحة للأدباء الشباب.

وأكد عبد المجيد على إيمانه الدائم بالموهبة أكثر من الحظ، حيث أن الحظ ذو فائدة مؤقتة، قائلًا أن الموهبة تظل وتشبع الروح أفضل من أي حظ.

أرجع عبد المجيد الفضل لمن جعلوه يحب القراءة ولهم أثر كبير في حياته، لكل من الأديب العالمي نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، ودوستويفسكي، ألبير كامو، كافكا، دينو بوتزاتي، ويحيي حقي الذي تعلم منه التخلص من شوائب اللغة.