"الحب في زمن الكوليرا".. اكتشاف لمرحلة الحب لذات الحب

رواية "الحب في زمن الكوليرا" واحدة من أشهر الروايات في العالم، والتي نُشرت عام 1985م، للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز، وتدور أحداثها حول قصة حب بين رجلٍ وامرأةٍ في سن المراهقة، وبقي هذا الحُب متأججًا حتى بلوغهما العقد السابع من عمريهما، وما تضمنته تلك السنوات من أحداثٍ كالحروب الأهلية التي اشتعلت في الكاريبي، والتطورات التكنولوجية الضخمة، وتأثير هذا التطور على نهر مجدولينا في نهاية القرن التاسع عشر، والتغيرات التي حدثت حول العالم من حروبٍ، ومجاعاتٍ، وأمراضٍ، وتطوراتٍ في شتى نواحي الحياة الاقتصادية، والأدبية، والديموغرافية.

الحقبة الزمنية لأحداث الرواية هي نهاية القرن التاسع عشر، في إحدى قرى الكاريبي، حيث تعاهد شاب يعمل في التلغراف وفتاة غاية في الجمال على الزواج وأقسما على دوام الحُب مدى الحياة، لكن الفتاة وتدعى "فيرمينا" تزوجت من طبيبٍ شهيرٍ، فكان مصير العاشق التعيس "فلورينتينو" أن يأخذ عهدًا على نفسه بأن يصبح مشهورًا عن طريق العمل على تكوين ثروة، حتى يصبح جديرًا بالفتاة التي أقسم على حبها مدى العمر.

 وتتمحور الرواية حول إصرار الشاب على تحقيق هدفه على مدار خمسين عامًا، وعندما يتعجل فلورنتينو بعرض الزواج على فيرمينا في يوم وفاة زوجها، تُقدم على طرده بكيلٍ من الشتائم، وعلى الرغم من هذا لم يتراجع عن حلمه بالاقتران بها، فأرسل لها رسائلًا يحدثها عن الحياة والشيخوخة والزواج، وتنال تلك الرسائل رضاها لتتقبل الشيخوخة وانتظار الموت بشكل أفضل، وفي البداية كان قبولها له بصفته صديقًا، يتبادلان أطراف الحديث والتأملات، أما هو فقد كان يرى فيها حلم العمر والحبيبة بالرغم من ذبولها وتغير مظهرها لبلوغها السبعين من العمر، وشجعها ابنها على قبول فلورينتينو، وسعد بتلك العلاقة التي ستخرج والدته من عزلتها مع رفيقها الذي يساويها بالعمر، ولكن تلك العلاقة لا تُرضي ابنتها لوصفها الحُب في هذا العمر بأنه قذارة، الأمر الذي حَذا بفيرمينا أن تطرد ابنتها من البيت.

واكتشفت فيرمينا بأنها لا تزال تحب فلورينتينو عند دعوة الأخير لها لنزهةٍ بحريةٍ على متن سفينةٍ، وهناك اقترب منها أكثر فأكثر، فأدركت أنّها لا تزال تكنّ له مشاعر الحُبّ بعد اعتقادها بأنّ هذا العمر لا يصلح للحبّ .

كان فلورينتينو يريد الاختلاء بحبيبته، فأشاع في السفينة أن وباء الكوليرا قد انتشر ليتخلص من المسافرين، فأعلنت السلطات الحجر على السفينة لتستمر رحلتها جيئةً وذهابًا عبر النهر حاملةً لشعار الوباء، ولا تتوقف إلا للتزود بالوقود دون أن ترسو في أي مكانٍ، ولم يولِ العاشقان اهتمامًا لهذا الأمر، وكان شعورهما بأنهما قد وصلا لمرحلة ما وراء الحب، وهي مرحلة الحب لذات الحب.

التعليقات