يبدأ الاتحاد الأوروبي، اعتبارًا من غدٍ الخميس 1 يناير 2026، تطبيق آلية تعديل الكربون على الحدود (CBAM)، في خطوة تهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية المصاحبة للواردات، وسط توقعات بتأثير محدود في المرحلة الأولى على حركة التجارة الدولية، مقابل تداعيات أوسع محتملة على المدى المتوسط والطويل.
وتشمل الآلية في مرحلتها الحالية أقل من 5% من واردات الاتحاد الأوروبي، وتقتصر على منتجات أساسية مثل الصلب والألمنيوم والإسمنت والأسمدة.
غير أن نطاقها مرشح للتوسع اعتبارًا من عام 2028، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن انعكاساتها المستقبلية على الشركاء التجاريين.
ووفق تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تستهدف الآلية حاليًا 303 منتجات فقط، تمثل نحو 3% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي، بينما قدّر صندوق النقد الدولي النسبة بنحو 4.5% استنادًا إلى بيانات التجارة لعام 2021.
ويرجّح خبراء أن تؤدي الضريبة الجديدة إلى إعادة توجيه جزئي للواردات الأوروبية لصالح دول أقل كثافة في الانبعاثات الكربونية، مثل كندا والمكسيك وتشيلي وتركيا، في مقابل تراجع تنافسية صادرات دول أخرى.
وفي هذا السياق، حذرت تقارير صادرة عن البنك الدولي من أن دولًا نامية تعتمد بشكل كبير على السوق الأوروبية، من بينها موزمبيق ومصر، إضافة إلى الهند وإندونيسيا وتونس وجنوب إفريقيا، قد تتكبد خسائر نتيجة تراجع القدرة التنافسية لصادراتها.
من جانبها، ترى منظمة التجارة العالمية أن المنتجات كثيفة الانبعاثات المستوردة إلى الاتحاد الأوروبي ستصبح أقل قدرة على المنافسة، ما قد يمنح المنتجات الأوروبية حصة سوقية أكبر، ويشجع على إعادة توطين جزئي لبعض الأنشطة الصناعية داخل أوروبا، مع احتمال تقصير سلاسل القيمة العالمية بسبب ارتفاع كلفة الواردات.
ويتركز القلق الأكبر على الصناعات الواقعة في المراحل اللاحقة من سلاسل الإنتاج، والتي تعتمد على مواد أولية خاضعة للضريبة، إذ قد تواجه ارتفاعًا في التكاليف وتراجعًا في التنافسية، لا سيما مع اقتران تطبيق الآلية بإصلاح نظام تداول حصص الانبعاثات وتقليص آليات التعويض تدريجيًا حتى عام 2036.
كما حذرت قطاعات صناعية أوروبية من آثار تضخمية محتملة في حال عدم تكيّف سلاسل التوريد بسرعة، في وقت تشير فيه منظمات مهنية إلى عدم جاهزية بعض المستوردين الأوروبيين للامتثال الكامل للآلية، ما قد يؤدي إلى تعطيل شحنات في الموانئ الأوروبية مع بدء التطبيق الكامل.
ولا تزال آلية تعديل الكربون محل انتقادات من عدد من دول الجنوب العالمي، التي تعتبرها إجراءً حمائيًا مقنّعًا، رغم نفي الاتحاد الأوروبي ذلك. وفي هذا الإطار، تقدمت روسيا بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية، وسط تحذيرات من أن الآلية قد تسهم في زيادة التوترات التجارية عالميًا.
كما تواجه الآلية تحفظات أمريكية، إذ أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معارضة واضحة لها، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى بحث إمكانية إبداء قدر من المرونة تجاه الشركات الأمريكية المعنية مع دخول الآلية حيز التنفيذ الكامل.
التعليقات