غدا.. إغلاق المدارس مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية وسقوط ضحايا في لبنان

أصدر المكتب الإعلامي لوزير التربية والتعليم العالي، أكرم شهيب، بيانا عن إغلاق المدارس والجامعات غدا السبت، نتيجة لاستمرار الأوضاع الحالية، ويأتي ذلك عقب احتدام الاشتباكات بين القوى الامنية والمتظاهرين وسقط ضحايا بين قتيل وجريح بحسب ما نقله تلفزيون الجديد، ففي طرابلس أعلن عن سقوط متظاهر بعد إطلاق مرافقي النائب السابق مصباح الأحدب النار على المتظاهرين وسقوط عدد من الجرحى ووفاة أحدهم.

وكان النائب، قد حاول الانضمام للمتظاهرين في ساحة طرابلس لكنهم رفضوا حديثه فانسحب تحت وابل من الشتائم وبدا تراشق لزجاجات المياه نحوه فقام مرافقوه بإطلاق النار صوب المتظاهرين.

وأقدم المتظاهرون، في طرابلس على إحراق وتكسير إحدى شركات النقل التابعة للنائب السابق مصباح الأحدب في منطقة التل في طرابلس، وذلك عقب إطلاق مرافقيه النار على المتظاهرين في ساحة النور وسقوط عدد من الجرحى.

ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم بشعارات تطالب كل الحكومة بالاستقالة مع الرئاسة وكامل أعضاء مجلس النواب.

ونقلت رويترز، نبأ قيام عشرات الآلاف من المحتجين في أنحاء لبنان بأغلاق الطرق وأشعال النار في إطارات يوم الجمعة في ثاني يوم من الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النخبة السياسية التي يقولون إنها خربت الاقتصاد وأوصلته إلى نقطة الانهيار.

ويشارك في أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ أعوام عامة الشعب من مختلف الطوائف والدوائر. ورفع المحتجون لافتات وهتفوا بشعارات تطالب حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري بالاستقالة.

وبحلول العصر خرجت جموع من المحتجين في القرى والبلدات في جنوب وشمال وشرق لبنان وكذلك العاصمة بيروت ووجهوا انتقادات لجميع الزعماء السياسيين مسلمين ومسيحيين دون استثناء، ووصل المتظاهرون إلى مشارف القصر الرئاسي في ضواحي بعبدا.

وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، صهر الرئيس ميشال عون، يوم الجمعة من القصر الرئاسي، إن على الحكومة عدم فرض أي ضرائب جديدة وأن تعمل على وقف الفساد وتنفيذ إصلاحات طال تأجيلها، محذرا من أن الاحتجاجات الحاشدة قد تؤدي إلى فتنة، مؤكدا أن ما يحصل قد يكون فرصة كما يمكن أن يتحول إلى كارثة... ويدخلنا بالفوضى والفتنة".

وفي رده على دعوات المحتجين لاستقالة الحكومة، قال باسيل "البديل عن الحكومة الحالية هو ضباب وقد يكون أسوأ بكثير... الخيار الآخر هو الفوضى بالشارع وصولا للفتنة".

واندلعت أحدث موجة توتر في لبنان بفعل تراكم الغضب بسبب معدل التضخم واقتراحات فرض ضريبة جديدة وارتفاع تكلفة المعيشة، وفي أنحاء البلاد هتف المحتجون ضد كبار قادة البلاد ومنهم عون والحريري ورئيس البرلمان نبيه بري وطالبوا باستقالتهم، وفي خطوة غير مسبوقة هاجم محتجون مقرات نواب من جماعة حزب الله وحركة أمل في جنوب لبنان.

وقال فادي عيسي، أحد المششاركين في الاحتجاجات: "نزلنا على الشارع ما بقى فينا نتحمل في ظل السلطة الفاسدة، أولادنا ما عندهم مستقبل. الوضع كثير صعب. هذا النظام كله فاسد. كلهم حرامية ما حدا بيشتغل لمصلحة البلد يأتون ليملأوا جيوبهم. هم أصحاب صفقات وسمسرات".

وأضاف "ما بدنا استقالة فقط بدنا محاسبة وبدهم يرجعوا المصاري يللي سرقوها ولازم يصير تغيير والشعب هو الذي يستطيع أن يغير".

تأتي الاحتجاجات في وقت يحذر فيه خبراء اقتصاد ومستثمرون ووكالات تصنيف ائتماني من أن الاقتصاد اللبناني المثقل بالدين والنظام المالي المتخم بالفساد على شفا الانهيار أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب التي اجتاحت البلاد في الثمانينيات.

وضغط حلفاء أجانب على الحريري، لإجراء إصلاحات تعهد بها منذ وقت طويل، لكنها لم تتم أبدا بسبب مصالح شخصية، بدءا بإصلاح بعض الأصول الحكومية، وتجمع المحتجون أمام مقر الحكومة في وسط بيروت مساء يوم الخميس مما أجبر مجلس الوزراء على التراجع عن خطط فرض رسوم جديدة على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على بعض المحتجين بينما وقعت اشتباكات بين قوات الأمن ومحتجين خلال الليل، وأغلق المحتجون الطرق في الشمال والجنوب والعاصمة يوم الجمعة بينما أغلقت المدارس والشركات أبوابها، ورددوا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

ودفع التوتر رئيس الوزراء سعد الحريري، لإلغاء اجتماع الحكومة الذي كان مقررا يوم الجمعة لمناقشة مسودة ميزانية السنة المالية 2020.

بينما تصاعد الدخان من الحرائق التي كانت مشتعلة في شوارع وسط بيروت صباح يوم الجمعة، وتناثرت قطع من الزجاج على الأرصفة بعد تهشم واجهات عدة متاجر ومُزقت اللوحات الإعلانية.

وقالت فاطمة طبيبة أسنان، "اتظاهر ليشيلوا من جيوبهم يللي عم يسرقوه ويضعوه على الطاولة تحت تصرف الناس، لوما منهم ما في مشكلة اقتصادية المشكلة بالفساد السياسي، كلهم مشاركين بالفساد دون استثناء. بكل البلاد الدولة تساعد الشعب ولكن عندنا الدولة بتاخذ فلوس من الناس".

وفي بلد تحكمه حسابات طائفية منذ أمد بعيد يلقي النطاق الجغرافي الواسع على نحو غير مألوف للاحتجاجات الضوء على تفاقم الغضب بين اللبنانيين. وفشلت الحكومة التي تضم كافة الأحزاب اللبنانية تقريبا في تطبيق إصلاحات ضرورية لحل الأزمة.

بينما طالب الزعيمان السياسيان سمير جعجع ووليد جنبلاط، اللذان يشغل أعضاء من حزبيهما بعض المناصب الوزارية في حكومة الوحدة، باستقالة الحكومة.

وفي محاولة لجمع إيرادات أعلن وزير بالحكومة يوم الخميس عن خطط لفرض رسوم جديدة قيمتها 20 سنتا يوميا على المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت الذي تستخدمه تطبيقات مثل واتساب المملوك لفيسبوك، لكن مع انتشار الاحتجاجات ظهر وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير في وسائل إعلام مساء يوم الخميس وقال إن الحكومة سحبت الرسوم المقترحة.

ويعاني لبنان، الذي شهد حربا بين عامي 1975 و1990، من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد، وتضرر النمو الاقتصادي بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة، وبلغ معدل البطالة بين الشباب أقل من 35 عاما 37 بالمئة.

وتبين منذ أمد طويل أن الخطوات المطلوبة لإصلاح المالية العامة عصية على التنفيذ، واستغل ساسة من مختلف الطوائف، معظمهم من المحاربين القدامى الذين شاركوا في الحرب الأهلية، موارد الدولة لمصالحهم السياسية الشخصية ويمانعون في التنازل عن مكتسباتهم.

وتفاقمت الأزمة بسبب تباطؤ تدفقات رأس المال إلى لبنان الذي يعتمد منذ أمد بعيد على التحويلات المالية التي يرسلها المغتربون لتلبية الاحتياجات المالية التي تشمل عجز الموازنة الحكومية.

وبدا أثر الأزمة واضحا في الآونة الأخيرة في الاقتصاد الفعلي حيث عجز المستوردون عن توفير دولارات بسعر الصرف المحدد.

التعليقات