أصدر " مجلس الامارات للافتاء " فتوي حول أحكام أداء العبادات الجماعية " وذلك نظراً لما تقتضيه المصلحة العامَّة في التعامل مع فيروس كورونا المستجد " كوفيد – 19 " و ضرورة تعاون جميع الجهات في الدولة للتصدي لهذا المرض و الحد من فشوه و اعتبارا لوجوب طاعة ولي أمر المسلمين في كل ما يأمر به من تعليمات.
وقال المجلس في فتواه إنه " يجب شرعًا على جميع فئات و شرائح المجتمع الالتزام التام بكل التعليمات الصحية والتنظيمية الصادرة عن الجهات المختصة في الدولة، بالإضافة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتقال المرض وانتشاره، ولا يجوز شرعًا مخالفتها بأي حالٍ من الأحوال".
وأكد أنه " يحرم شرعًا على كل من أصيب بهذا المرض أو يشتبه بإصابته به التواجد في الأماكن العامة، أو الذهاب إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة أو الجمعة أو العيدين، ويجب عليه الأخذ بجميع الاحتياطات اللازمة بدخوله في الحجر الصحي، والتزامه بالعلاج الذي تقرره الجهات الصحية في الدولة؛ وذلك حتى لا يسهم في نقل المرض إلى غيره " .
وأفتى بأنه " يرخص في عدم حضور صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والتراويح لكبار المواطنين (كبار السن)، وصغار السن، ومن يعاني من أعراض الأمراض التنفسية، وكل من يعاني من مرض ضعف المناعة، ويؤدون الصلاة في بيوتهم، أو مكان تواجدهم، ويصلون صلاة الظهر بدلاً عن صلاة الجمعة ".
و فيما يخصُّ الحج والعمرة والزيارة النبوية أوجب " على الجميع الالتزام بالتعليمات التي تصدرها حكومة المملكة العربية السعودية انطلاقًا من مسؤوليتها السيادية والشرعية في رعاية الحجاج والمعتمرين والزوار، وإعانةً لها في الحفاظ على صحة الجميع وسلامتهم" .
وأكد المجلس أنه " يجب شرعًا على جميع الجهات التعاون مع الجهات المختصة وتقديم الدعم اللازم لها - كلٌّ بما يخصه – للحدِّ من انتشار المرض والقضاء عليه، ومنع نشر الشائعات المتعلقة به من خلال الاقتصار على استقاء المعلومات الرسمية من الجهات المختصة، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار الدولة عبر الشائعات التي يروجون لها " .
و فيما يلي نص فتوى مجلس الامارات للافتاء حول أحكام أداء العبادات الجماعية .
( إنطلاقًا من قول الله تبارك وتعالى :" هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" سورة الحج، الآية: 78. وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" سورة النساء، الآية 59.. ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلم :"... وما أمرتُكم به فأتوا منه ما استطعتُم ... " متفق عليه.
ومن القاعدة الشرعية: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، والقاعدة الأخرى: "يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام"، ونظراً لما تقتضيه المصلحة العامَّة في التعامل مع فيروس كورونا المستجد " كوفيد – 19 " وضرورة تعاون جميع الجهات في الدولة للتصدي لهذا المرض والحد من فشوه واعتبارا لوجوب طاعة ولي أمر المسلمين في كل ما يأمر به من تعليمات أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بالتمرير الفتوى الآتية: أولاً: يجب شرعًا على جميع فئات و شرائح المجتمع الالتزام التام بكل التعليمات الصحية والتنظيمية الصادرة عن الجهات المختصة في الدولة، بالإضافة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتقال المرض وانتشاره، ولا يجوز شرعًا مخالفتها بأي حالٍ من الأحوال.
ثانيًا: يحرم شرعًا على كل من أصيب بهذا المرض أو يشتبه بإصابته به التواجد في الأماكن العامة، أو الذهاب إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة أو الجمعة أو العيدين، ويجب عليه الأخذ بجميع الاحتياطات اللازمة بدخوله في الحجر الصحي، والتزامه بالعلاج الذي تقرره الجهات الصحية في الدولة؛ وذلك حتى لا يسهم في نقل المرض إلى غيره.
ثالثًا: يُرخص في عدم حضور صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والتراويح لكبار المواطنين (كبار السن)، وصغار السن، ومن يعاني من أعراض الأمراض التنفسية، وكل من يعاني من مرض ضعف المناعة، ويؤدون الصلاة في بيوتهم، أو مكان تواجدهم، ويصلون صلاة الظهر بدلاً عن صلاة الجمعة.
رابعًا: فيما يخصُّ الحج والعمرة والزيارة النبوية: يجب على الجميع الالتزام بالتعليمات التي تصدرها حكومة المملكة العربية السعودية؛ انطلاقًا من مسؤوليتها السيادية والشرعية في رعاية الحجاج والمعتمرين والزوار، وإعانةً لها في الحفاظ على صحة الجميع وسلامتهم.
خامسا: يجب شرعًا على جميع الجهات التعاون مع الجهات المختصة وتقديم الدعم اللازم لها - كلٌّ بما يخصه – للحدِّ من انتشار المرض والقضاء عليه، ومنع نشر الشائعات المتعلقة به من خلال الاقتصار على استقاء المعلومات الرسمية من الجهات المختصة، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار الدولة عبر الشائعات التي يروجون لها.
سادسا: دعوة صادقة إلى جميع الجهات والأفراد لمدِّ يدِ العون والمساعدة كلٌّ باختصاصه، وعدم استغلال مثل هذه الحالات من خلال رفع الأسعار خاصة الدوائية والعلاجية.
سابعا: المستند الشرعي للفتوى: دلَّ على الفتوى السابقة أدلة من: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس. نذكر منها: أولاً: القرآن الكريم: -?قول الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) سورة النساء، الآية 29.
-?قول الله تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) سورة البقرة، الآية 195.
- قول الله تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) سورة النساء، الآية 83. ثانيًا: السنة النبوية: - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ... فرّ من المجذوم كما تفر من الأسد» رواه البخاري.
والجذام مرض معد، وفي الحديث الشريف الأمر بالفرار منه كي لا تقع العدوى وفي ذلك دلالة على إثبات التأثير للعدوى بإذن الله تعالى والحث على البعد عن أسبابها.
- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها» أخرجه البخاري.
ومن أسباب نهي المصاب عن الخروج من بلد المرض لئلا ينقل المرض إلى غيره بل يعزل عن الأصحاء في ذلك البلد وقد ذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ 2/ 377 ما حاصله: "أنَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه، خرج بالناس عندما أصابهم طاعون عمواس إلى الجبال، حتى رفعه الله عنهم، وأن فعله هذا بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم ينكره".
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ? قال : «لاَ تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ» رواه البخاري.
- عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا ضرر ولا ضرار» رواه الإمام مالك في الموطأ.
- أحاديث وجوب الطاعة الكثيرة في صحيح المسلم وغيره، الدالة على وجوب امتثال أوامره وتعليماته، وتصرّفات الإمام منوطة بالمصلحة إلا أنّ تقدير هذه المصالح موكول إلى الإمام وإلى الجهات الولائية، فكما يقول السرخسي في السير الكبير " إنْ أمرهم بشيءٍ لا يدرون أينتفعون به أَمْ لا، فعليهم أنْ يُطيعوه، لأنَّ فرْضيَّةَ الطَّاعة ثابتةٌ بنصٍّ مقطوعٍ به.. وما تردَّد لهم من الرَّأي في أنَّ ما أُمر به مُنتفعٌ أو غير مُنتفعٍ به لا يصلح مُعارضًا للنَّصِّ المقطوع".. وأمر الحاكم يُصير الجائزات واجبة، كما يقول ابن عابدين في "باب الاستسقاء" من حاشيته.
ثالثًا: الإجماع: أجمع العلماء على أنَّ: (الضرر يزال) وجعلوا ذلك قاعدة كلية و مما يدخل ضمنها البعد عن مواطن الإصابة بالأوبئة المعدية حفاظًا على النفس من الهلاك وسلامة البدن من الضرر.
رابعًا: القياس: ثبت أنَّ الشرع الحنيف أمر مَن به رائحة مؤذية باعتزال المسجد وخروجه منه بل إخراجه دفعًا للأذى عن الناس ففي صحيح مسلم: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فكان مما قال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ : هَذَا الْبَصَلَ و َالثُّومَ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا).
فإذا كان هذا الإخراج لمجرد الأذية بالرائحة الكريهة؛ فكيف بأذية العدوى التي قد تودي بحياة الناس وفي ذلك قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (6/422): "وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يُتأذى به ، ففي القياس : أن كل ما يتأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ... ذا ريحة قبيحة لسوء صناعته ، أو عاهة مؤذية كالجذام وشبهه وكل ما يتأذى به الناس إذا وجد في أحد جيران المسجد وأرادوا إخراجه عن المسجد وإبعاده عنه كان ذلك لهم ، ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول ، فإذا زالت ... كان له مراجعة المسجد".
وفي الختام يدعو المجلس جميع المسلمين إلى الالتجاء إلى الله بالدعاء وكثرة الاستغفار، فإن الاستغفار يرفع البلاء ويقوّي المناعة، كما في قوله تعالى حكاية عن هود على نبينا وعليه الصلاة والسلام: (ويا قومي استغفروا ربّكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم) (سورة هود ، آية 52)، فنسأل الله تعالى أن يديم لطفه وحفظه وعافيته على دولة الإمارات، بمن فيها وما فيها، قيادةً وشعبًا، وأن يرفع هذا المرض عن المسلمين والعالم أجمعين"، والله تعالى أعلم.
التعليقات