غريب أمر الحكومة أحياناً، ففى الوقت الذى تعمل فيه جاهدة على خفض الأسعار، تأتى فجأة، وتصدر قراراً عكسياً يؤدى إلى «لخبطة» الأسواق دون مبرر.
القرار الغريب هو قرار وزارة الاستثمار التى قررت فرض رسوم إغراق على واردات البليت بنسبة 16.2%، ويتضمن واردات المنتجات نصف الجاهزة من الحديد، ومن الصلب من غير الخلائط، وبما لا يقل عن 4613 جنيهاً للطن الواحد.
البليت هو منتج نصف مصنع من الصلب يتم استخدامه كخام أساسى فى صناعة حديد التسليح، مما يجعله عاملاً رئيسياً فى تحديد تكلفة أسعار الحديد، وأسعار بيعه فى الأسواق.
زيادة أسعار «البليت» تعنى بالضرورة رفع أسعار حديد التسليح، وكذلك معظم الأجهزة الكهربائية، والمنزلية، والهندسية بما يتعارض مع توجهات الحكومة بخفض الأسعار.
أسعار حديد التسليح قبل التعويم كانت تبلغ نحو 15 ألف جنيه للطن ثم ارتفعت إلى نحو 3 أضعاف لتصل إلى نحو 45 ألف جنيه، ثم بدأت تعاود الهبوط حتى بلغت نحو 35 ألف جنيه الآن قبل هذا القرار.
القرار انعكس سلبياً على الفور على أسعار الحديد حيث أعلنت بعض شركات الحديد رفع السعر بمعدل 2500 جنيه كمرحلة أولى لتصل أسعار التسليم ارض المصنع الى 37.5 ألف جنيه للطن.
يكفى بعض شركات الحديد أنها حققت أرباحاً خيالية بلغت المليارات نتيجة التعويم، وكذلك أصحاب المخازن والتوكيلات فى أبشع صور استغلال الأزمات مثلهم فى ذلك مثل أصحاب شركات وتوكيلات السيارات، والعقارات، والأجهزة الهندسية والمنزلية.
للأسف فإن الرسوم الجديدة سوف تصب فى مصلحة زيادة الاحتكارات فى مجال حديد التسليح حيث لن تستفيد سوى 4 شركات فقط فى حين سوف يتضرر أكثر من 25 شركة من شركات الحديد الأخرى بالإضافة إلى الشركات التى تعمل فى مجال الصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية التى تتعامل مع «الصاج» كإحدى الأدوات الرئيسية فى الإنتاج.
أتمنى أن تتم مراجعة هذا القرار، والجلوس مع أصحاب الشركات، ومراجعة التكاليف المتوقعة والعمل بجدية على الحد من الممارسات الاحتكارية فى مجال صناعة الحديد والصلب وغيرها من الصناعات الحيوية والإستراتيجية.
التعليقات