شيماء عبد الحميد

شيماء عبد الحميد

عبدالمحسن سلامة

لولا خشية الاختلاف مع الصديق ماجد منير رئيس التحرير لوضعت صورة الطالبة شيماء عبد الحميد على رأس هذا المقال فى كسر لقواعد كتابة العمود الصحفى لأنها تستحق ذلك وأكثر.

شيماء عبد الحميد إحدى ضحايا حادث الطريق الإقليمى بالمنوفية، وبنت قرية السنابسة بمركز أشمون، وهى طالبة فى كلية الهندسة إحدى كليات القمة، أى أنها كانت من بين أوائل خريجى الثانوية العامة.

شيماء نموذج للقوة الصلبة فى المجتمع المصرى مثلها فى ذلك مثل الملايين من المكافحين والمجتهدين والنابغين البعيدين عن النماذج التافهة والمتخلفة التى لا تجيد إلا التفاهة.

فى أثناء الإجازة لا تعرف «الخروجات»، ولا «الفسح»، ولا «النادى»، ولا مصايف الدرجة الأولى ولا حتى العاشرة، وإنما كل همها التركيز فى العمل، وتدبير مصاريف الملابس، والكتب، قبيل بدء العام الدراسى، ومساعدة أسرتها فى تدبير هذه الاحتياجات الأساسية.

هناك غيرها يحاكمون أسرهم على تقصيرهم بشكل فج، ويلهثون خلف تفاهات «الفيس»، و«التيك توك»، ومن يقوم بالصرف أكثر فى اليوم الواحد؟ وهل الصرف بالجنيه أم بالعملات الأجنبية؟

ما فعلته شيماء عبد الحميد وغيرها من الطالبات اللاتى كن معها فى رحلة البحث عن الرزق إلى جوار الدراسة هو سر من أسرار تقدم الدول والشعوب، ولقد رأيت هذا بنفسى أثناء زيارات عمل إلى نيويورك حينما قابلت شابا مصريا اسمه شادى يدرس فى كلية الطب هناك، ويعمل سائقاً فى الوقت نفسه لتدبير احتياجاته ومتطلبات دراسته.

المشهد نفسه حكاه لى الطالب الرائع عبدالغفار يوسف حفيد أحد الأصدقاء والمقيم بكندا والطالب بكلية طب الأسنان حيث كان يعمل فى مطعم للوجبات السريعة ليتمكن من استكمال دراسته رغم حالة أسرته الميسورة التى لا تحتاج إلى عمله.

شيماء وصديقاتها هن النماذج الإيجابية الحقيقية التى يجب التركيز عليها ليكن القدوة والنموذج فى مجتمع يسعى إلى التقدم الحقيقى، وتطوير قدراته.

للأسف الشديد غابت تلك النماذج، وظهرت نماذج سيئة، وتافهة تتصدر المشهد، وكأنهم قدوة لهذا المجتمع.

ربما يكون ذلك الحادث المأساوى فرصة للكشف عن المعدن الحقيقى النقى والمكافح والصابر للمجتمع المصرى، والذى يجب التركيز عليه والاهتمام به وحل مشكلاته بعيدا عما نشاهده فى البرامج التافهة، والفيس، والتيك توك، وغيرها.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات