"أفراح القبة" بذرة فنية ألقاها الأديب العالمي نجيب محفوظ عام 1981، فعلى خشبة المسرح وعلى لسان 4 شخصيات تُروى الأحداث، كلٌ يرى الحقيقة من منظوره الخاص، لكن الحقيقة الوحيدة هنا هي نسبية الحقيقة نفسها، وذلك أيضًا ما أعاد تقديمه كلًا من السيناريست محمد أمين راضي والمخرج محمد ياسين عام 2016 للشاشة الصغيرة مع نسج الكثير من الشخصيات والأحداث.
أما اليوم بعد 39 عامًا تزهر بذرة نجيب محفوظ إبداعًا جديدًا، حيث أعاد تقديمها المخرج المسرحي المتميز يوسف المنصور، فعلى خشبة المسرح الحقيقية تدور الأحداث، وعلى قلم المنصور تنسج ملامح مختلفة للشخصيات، فيبتعد بعرضه عن المقارنة مع ما سبق تقديمه من أفراح القبة.
لما أختار يوسف المنصور أفراح القبة؟ وكيف ابتعد بها عن المقارنات؟، أصعب ما واجهه في إعداد نص عن رواية لمحفوظ؟ وكيف أختار أبطال عرضه؟، ففي السطور التالية سيجيب المنصور عن كل تلك الاسئلة وأكثر متحدثًا مكانة المسرح المصري في الوقت الحالي وما يواجهه من مشكلات، وكيف تقوم الدولة بدعمه.
لماذا اخترت رواية "أفراح القبة"؟
بدايةً أنا لست من المقتنعين بأن المخرج يقول "أنا عاوز أخرج"، فأنا مقتنع بأنه هناك قضية تجذب انتباهي فيمكنني القول حينها أني أود تقديمها.
أما عن رواية "أفراح القبة" فأنا قارئ بشكل عام، وحين قرأت الرواية وجدتها تدور حول قضية نسبية الحقيقة، وهي قضية دائمًا ما تشغلني في الحياة عمومًا، فالإنسان الذي لا يستوعبها تتولد لديه الكثير من الصفات السيئة، ومنها العنصرية وأحادية النظرة، عكس مدركها الذي يمكنه تقبل الآخر مؤمنًا بأن الاختلاف فقط في وجهة النظر.
أنا مهتم جدًا بقضية نسبية الحقيقة، واقحمتها في العديد من النصوص المسرحية التي أخرجتها سابقًا، وحين وجدت أن رواية أفراح القبة مبنية على تلك القضية "مسكت فيها بأيدي وسناني".
هل كان التحضير لمسرحية عن رواية لنجيب محفوظ صعب؟
طبعًا صعب، الورق كان ولا زال أصعب عنصر في التحضير للمسرحية، وإلى الآن ففكرة أن مدة العرض ساعتين قد يكون طويل بالنسبة لبعض المشاهدين.
ولكي تقللي من العرض فالمسألة تخص الورق، والورق حساس جدًا فمسألة اختيار الكلمة أو الجملة صعب جدًا، وكان من البداية صعب فالنص الورقي للمسرحية الآن 40 ورقة، فيما كانت النسخة الأولى التي كتبتها 150 ورقة.
تحولت الرواية بالكامل لمسرحية مع الخطوط الدرامية المضافة من قِبلي، فوضع نجيب محفوظ بالرواية الكثير من الشخصيات بشكل عبقري، حيث يمكن محفوظ من كتابة جملة واحدة عن كل شخصية تجعل خيالك يتسع متصورًا الكثير عن الشخصية، فبجملة واحدة يجعلك محفوظ تنطلق، فمن الطبيعي أن يصل تحويل الرواية كاملة مع الخطوط الجديدة إلى 150 صفحة، لكن تمكن الاختزال بمقصه الحساس أن يجعل النص من 150 إلى 50، ومن 50 إلى 40 صفحة.
ماذا عن الاختلاف بين الرواية والمسرحية؟
الاختلاف جاء من تدخل الإعداد المسرحي، فالرواية في الإساس هي رواية سينمائية، وكانت الميزة الوحيدة التي سهلت الإعداد المسرحي هي أن المكان الأساسي للأحداث هو المسرح، كما أن أبطال الرواية ممثلين مسرح، فكان من السهل جعل البيئة المحيطة لحياتهم هي المسرح.
ولكي أحول السرد من سينمائي أو روائي إلى مسرحي كان من الطبيعي أن يعمل خيالي بشكل مختلف، فهناك بيئة تفرض عليك التغيير، ففي المسرح لا يمكنني عمل كل أماكن التصوير الموجودة بالرواية مستحيل، وبالتالي كنت أحاول تطويع المشاهد، فمثلًا مشهد وحيد دار في "المقلة"، فلن أصمم ديكور من أجل مشهد واحد، فقمت أثناء الكتابة بجعل المشهد يدور بالمسرح بدلًا من المقلة، وذلك ما جعل طريقة السرد تختلف، فكنت أريد أ، أطوع النص ليتناسب مع إمكانيات المسرح بشكل فني فلا يشعر المشاهد بأي خلل.
والاختلاف كان طبيعي لأن الأدوات في المسرح تتغير بشكل كامل، وتأتي جودة الكتابة من أن يحدث هارموني متجانس للعمل النهائي، فإذا كان الكاتب غير مدرك للإطار الذي تدور فيه الأحداث فلن يخرج العمل بشكل متجانس.
وما كنت أركز فيه بشكل كبير هو أني أحول الرواية لشكل مسرحي، فيجب أن يأخذ النص بأكمله الطابع المسرحي، حتى إذا لجأت للصورة السينمائية لسرعة النقلات، حيث أن هناك مشاهد صغيرة تحدث بسرعة، كما كان هناك مشاهد لا استطيع تطويعها، فمثلًا مشهد بغرفة النوم لم استطع بناء ديكور غرفة نوم فقمت باستخدام الإضاءة في صنع بؤرة ضوء، حيث يتم تجريد المشهد فلا يرى المشاهد ما بالخلفية، وفي النهاية يجب أن يكون العمل متجانس حتى لا يشعر المشاهد بغربة.
ألم تخف من مقارنة المسرحية بالمسلسل؟
كان عندي الكثير من التخوفات، وكان هاجس بالنسبة لي لأن المسلسل كان جيد جدًا، والمخرج مهم، كل العناصر كانت ممتازة في المسلسل، لكني تجرأت لسبب واحد، وهو أني شعرت بأني أمتلك ميزة لم تتواجد بالمسلسل، وهي أن قضية نسبية الحقيقة أجمل ما فيها أن تُشاهد بشكل متتابع، فأنا كمشاهد أرى وجهة نظر في حلقة اليوم وغدًا وجهة النظر الأخرى، وقد تكون بعد 10 حلقات فمن المؤكد سينقطع التواصل، ومن الممكن أن ينسى المشاهد ما حدث سابقًا، ومن هنا شعرت أن هذه القضية ستكون أفضل إذا تم تقديمها على المسرح أو في السينما.
وهذه الميزة جعلتني أكثر جرأة، فالرواية تتحدث عن ممثلين مسرح بالإضافة إلى قضية نسبية الحقيقة فسيكون لها رونق خاص على المسرح، فمهما كان المسلسل رائع وبديع فكونه 30 حلقة منفصلة سيؤدي إلى نسيان المتفرج لسير الأحداث.
أما الشيء الآخر الذي دفعني للعمل فكان جودة الممثلين والإخراج، كنا نعلم إن المقارنة ستتم، لذا حاولنا أن نسد آذاننا، وقدر الإمكان كنت أبعد الممثلين عن مشاهدة المسلسل تمامًا، ونوعًا ما حاولت أن خطوطًا بعيدة عن المسلسل.
ولنكن على علم بأن سواء المسلسل أو المسرحية أو أي شخص سيقوم بتحويل الرواية لعمل فني آخر عليه أن يضيف بقلمه، لأن نجيب محفوظ في الرواية وضع خطوط عريضة وتركها للقارئ أو الكاتب، وكنت أحاول الابتعاد عن المسلسل تمامًا حتى إذا تشابه أمر في خيالي مع المسلسل بعدت عنه.
فأخذت الأبطال الرئيسين لخطوط بعيدة عن المسلسل، فيما عدا الخطوط التي وضعها نجيب محفوظ في روايته، فنجيب في أفراح القبة مستفيض في شخصيات (طارق رمضان، كرم يونس، حليمة الكبش، عباس كرم يونس)، لذا لا يمكنني التغيير في أي منهم، كما لا يغير فيهم المسلسل أيضًا، لكن درية، تحية، سرحان الهلالي فشبكات العلاقات فيهم متروكة للكاتب لأن نجيب لم يكتب عنهم سوى جمل مقتضبة، فلم يذكر مثلًا عن درية سوى أنها نجمة الفرقة، ولم يكتب عن سرحان سوى كونه مدير المسرح الذي يصر على عمل الرواية دون ذكر سبب.
فبعدت تمامًا في المسرحية عما كتب في المسلسل، فالمسلسل استفاض في الحديث عن تحية، لكن في المسرحية عاشت تحية بصورة مختلفة تمامًا.
كيف أخترت أبطال مسرحيتك؟
كل من أبطال المسرحية نقابي ومسرحي وله أعمال مهمة سابقة، وكنت اختار من السوق الفني، فعندي شخصية ذات ملامح محددة فابدأ بالبحث عن من يشبهها، وأحيانًا كثير كنت لا أجد في دائرة حياتي من يشبه للشخصية، فكنت ابدأ بالبحث فاتصل بالأصدقاء والمقربين، وفي نهاية البحث أجمع 12 اسم للدور، ثم أعاود البحث مجددًا أشاهد أعمال المُختارين، وأحاول تسكين الأدوار بشكل مناسب، فمثلًا إذا قمت بتسكين دور حليمة فمن المناسب ليلعب دور كرم أمامها بمواصفات جسمانية معينة ومواصفات شكلية معينة، ومن يملك المواصفات المناسبة ليلعب أمامهما دور سرحان الهلالي، فكلها موازنات دقيقة حتى يكتمل فريق العمل، فكان اختيار الممثلين للأدوار من أصعب المراحل.
من هي الشخصية الأصعب من وجهة نظرك كمخرج؟
جميع الشخصيات صعبة، فجميعها تركيبات معقدة جدًا، حتى الشخصيات التي صيغت على قلمي صيغت معقدة، فقد تلبست روح نجيب محفوظ فقدمت النفس الإنسانية بتقلباتها بعمقها لا بسطحيتها، فقد قدم نجيب في روايته شخصيات معقدة للغاية، ولكي أكتب شخصيات أخرى إلى جانب تلك الشخصيات يجب أن تكون على نفس مستوى العمق، فكنت أحاول أن أتتبع أسلوبه.
وكانت صعوبة اختيار الممثلين للأدوار تكمن في بحثك عن ممثل يلعب دور صعب جدًا بمرحلة سنية صعبة أيضًا، وبأزمات إنسانية من الصعب على ممثل في العشرينات من عمره أن يستوعبها، فكان من الضروري أن أبحث عن ممثلين أعمارهم قد تجاوزت الـ 30 عامًا على الأقل، لكي يكون قد مر في حياته بالتجارب والمآسي التي تجعله يستجمع خبرات إنسانية تجعله قادر على أن يقدم ما تحمله الشخصية من عمق.
وكانت شخصية "عباس كرم يونس" هي الأصعب في الاختيار، حيث أني كنت أبحث عن ممثل يبدو ذو سن صغير، والدور في منتهى الصعوبة التي لا يقدر شاب صغير على تقديمه، فعباس شخصية شاب واجهه المأساة وبنى وجهة نظر سيئة عن أمه ولديه مأساة هاملت نوعًا ما، فكان تسكينه منتهى الصعوبة، فكانت معادلة إيجاد ممثل شاب يبدو شكله أقل من 20 عامًا حتى يستوعب الجمهور المأساة أو الأزمة في زواجه سيدة تكبره بعشر سنوات، وفي الوقت ذاته تحمل الشخصية عمق وشحنة نفسية لا يستوعبها ممثل إلا ممثل تخطى عمره الـ 30 عامًا على الأقل.
فكان أن تجعل شاب في العشرينات يستوعب كيف يبني وجهة النظر تلك وكيف عاش النكسة وعاش انتصار 73، كيف عارض المجتمع بأكمله كان صعب للغاية.
واعتقد أيضًا أن تسكين دور عباس في المسلسل كان صعبًا، لأن الفنان محمد الشرنوبي كان سنه صغيرًا وقتها أيضًا.
وأيضًا أن تكون شخصية مثل عباس سواء في المسلسل أو المسرحية شاب صغير في مواجهة ممثلين أقوياء يضيف للشخصية صعوبة أيضًا، فالشاب يكون في معركة على مستوى التمثيل صعبة، فهم خبرات ويساعدهم سنهم في فهم المآسي، ولكي يصل ممثل صغير في السن لذلك المستوى من العمق صعب جدًا.
وفي النهاية يمكنني أن أقول أن أصعب دور على مستوى التسكين هو عباس، لكن على مستوى التمثيل فكل الأدوار صعبة.
ماهي المشاهد الأصعب في المسرحية؟
هناك الكثير من المشاهد الصعبة، فقضية العرض ليست فقط نسبية الحقيقة، فهناك أكثر من قضية نتحدث فيها بشكل درامي، فمثلًا في قضية نسبية الحقيقة كانت أصعب المشاهد هي تلك التي تُعاد من منظور كل شخصية، كيف توصل الممثل أو الممثلة أنه يمثل م وجهة نظر شخصية أخرى، كيف تكون لغة الحوار واحدة حين تحكي الشخصية من منظورها وحين تحكي من منظور الآخر، لكن المختلف هو التشخيص.
كما أن من المشاهد الأصعب أيضًا تلك التي يتم فيها النقل من التمثيل الصامت للصوت، وكيف يحافظ الممثلين على أداءهم، فكان من الصعب أن يقوم الممثل بدوره مرتين، مؤديًا نفس الأداء بنفس الشكل ولكن صامتًا.
والمشاهد الصعبة 3 أنواع صعبة في الإحساس، وصعبة في التكنيك، وصعبة في الإحساس.
وبعض المشاهد التي تحتوي على نقلات درامية صعبة، فمثلًا مشهد الصراع بين طارق وعباس بسبب إعلان عباس وتحية زواجهما كان مشهد صعب جدًا، كذلك مشهد تعرية تحية لحليمة الكبش من أصعب المشاهد وأهمها من وجهة نظري، حيث أنه المشهد الذي يترجم المسرحية، ويجعل المشاهد يفهم السبب في أن تحكي كل شخصية الحقيقة من وجهة نظرها، فإن لم تعرف تفاصيل حياة كل شخصية فلن تستوعب سلوكها، وتكمن صعوبة ذلك المشهد في كيف تجعل الممثل مشحون بالإحساس الذي تريد إيصاله للجمهور، فإذا لم يحدث ذلك فلن يصل الإحساس للجمهور، والعمل كاملًا قائم على إحساس الشخصيات، فإذا لم يشعر المشاهد بالممثل لن أصل لما أريد تقديمه.
ويعد المشهد الأخير الذي يقوم به سرحان مشهد صعب أيضًا، فهو مشهد فك طلاسم العمل، ففيه يصل المشاهد لترجمة كل ما شاهده من تكوين المشاهد والتفاصيل الصغيرة، وهو مشهد صعب في التكنيك حيث تتوافق فيه الإضاءة مع الديكور مع الحبكة والمونولوج مع تركيبة شخصية سرحان على خطوط الحركة القديمة المُعادة، فكيف يتم ذلك كله بتزامن معين منضبط يوصل المطلوب للجمهور.
كيف ساهم العناصر الفنية المختلفة في نجاح العرض المسرحي؟
الموسيقى كان فيها الإحساس، وانقسمت لجانبين، فالجانب الأول للمؤلف الموسيقى أحمد نبيل وهو مؤلف ممتاز، حيث استطاع أن يشعر بالممثلين، كما شعر أيضًا بما أريده أنا كمخرج.
والجانب الثاني للموسيقى كان للمخرج، وهو التأريخ الزمني الموسيقي لكل فترة في المسرحية، فمثلًا سنة 1954 ماهي أشهر أغانيها فكانت "من قد إيه كنا هنا" لمحمد عبد الوهاب، سنة النكسة كانت الأشهر أغنية "عدى النهار" لعبد الحليم حافظ، فكانت هذه دراسة للحقب التاريخية التي تمر بها أحداث المسرحية.
أما الإضاءة فكانت عنصر فكانت صعبة جدًا، حيث كان مُعتمد عليها في نقل كثير من الأماكن، وكانت الرواية سينمائية وبها الكثير من الأماكن، لكن الأماكن الأساسية هي (المسرح- المسرح في زمن آخر- البيت القديم)، وهم ما تم بناء ديكور لهم، أما باقي الأماكن فكانت النقلات بالإضاءة هي أساسها.
إلى جانب أن الإضاءة هي كانت أداة النقل من زمن لزمن آخر، فكانت تعطي التأثير لتغيير الديكور، فكان ذلك صعب جدًا، لكن د. عمرو الأشرف مصمم الديكور والإضاءة كان موفق بنسبة كبيرة، فقد حقق رؤيتي، فتظهر الحالة بدون صخب، لأن من المفترض أن أحداث المسرحية تدور سنة 1979 حيث لا تتواجد إمكانيات الإضاءة الموجودة حاليًا، لكن كان من اللازم استخدام الإضاءات الحالية أو الحديثة حتى لا يظهر العرض فقيرًا، وفي الوقت ذاته حاولنا إظهار تأثيره كما لو كانت الإضاءة من الماضي.
ماهي الرسالة التي أردت إيصالها للمشاهد؟
لا جديد عن الرسائل التي قدمتها الرواية، فقد آمنت بما قدمته الرواية وأحببت أن أقدمها، فأحببت أن أوصل نسبية الحقيقة بشكل كبير لكل من يشاهد العرض، فإذا وصلت هذه القضية بالفعل فستحل مشاكل كثيرة نوعًا ما، على سبيل المثال لن نجد خلافات وسنصل لنقطة تلاقي في النهاية، وهذا هو الهدف الأسمى بالنسبة لي، واتمنى ان يدرك كل من يشاهد مسرحية أفراح القبة أنه لا يوجد في البشر ملائكة وشياطين إنما يوجد في البشر بني آدميين كلٌ يرى من منظور.
وإلى جانب قضية نسبية الحقيقة فهناك سؤال مهم "ما هو الشرف؟"، فالمشاهد للمسرحية سيرى أمامه 5 سيدات تتناول كل منهن الشرف من وجهة نظرها.
حليمة: اغتُصبت مرة ولم يمسها أحد بعدها، لكن يظل زوجها يحاسبها طيلة حياتها، حيث يراها امرأة غير شريفة.
تحية: التي دخلت علاقة حب واحدة ويراها المجتمع غير شريفة أيضًا فلا يقبل المجتمع أن تتزوج، وحين تتزوج شاب أصغر منها بـ 10 سنوات يراها المجتمع مذنبة أيضًا، رغم أنه لا يوجد في الأمر ما هو حرام.
درية: نجمة الفرقة التي لم تُمس من رجل، لكنها تفعل الأبشع من خداع واحتيال.
زبيدة: التي ربت جيل مشوه بسبب ظلمها من زوجها في الماضي فأصبحت ترى أن الحياة لا يوجد بها شيء اسمه شرف من الأساس.
أم هاني: التي تتساءل ما الذي يقل شرف المرأة إذا اختارت هي زوجها؟.
فمن في هؤلاء النساء شريفة؟ على المشاهد أن يرى المسرحية ويحكم، فأنا لم أفرض وصايتي على المشاهد أبدًا، أنا عرضت عليه خمسة نماذج، وعليه أن يحدد من الشريف ومن غير الشريف، وأنا شخصيًا لا أعلم فقد تركت السؤال مطروحًا للجمهور.
هل كان الإنتاج عائق؟
لا فقد قام "مسرح الشباب" بدور وبأكثر من دوره، ويعد هذا العرض هو الإنتاج الأضخم في تاريخ مسرح الشباب، وكان هناك توتر بأن مسرح الشباب مستحيل ينتج عرض بهذه الضخامة، إلا أن مدير المسرح الأستاذ عادل حسان والأستاذ إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح وقفوا بجانب التجربة وأصروا أن يقوم مسرح الشباب بإنتاجها.
ولكن رغم أن ميزانية الإنتاج هي الأضخم في تاريخ مسرح الشباب فهي لم تكن كافية للعرض لذا اضطررنا للتنازل عن بعض الأشياء، ومن تلك الأشياء ستارة المسرح، والتي طالبت بإصلاحها، لأنها بطل أساسي في الرواية، لكن لن يتم ذلك والسبب هو البيروقراطية التي تفرض نفسها، لكني تغلبت على تلك المشكلة وقمت بتطويعها دراميًا.
ورغم التنازل ظلت الميزانية ضخمة على مسرح الشباب، لكن القائمين على المسرح والبيت الفني دعموا التجربة وقدموا ما في وسعهم حتى عُرضت المسرحية.
هل تدعم الدولة المسرح؟
نعم أنا أرى أن الدولة تدعم المسرح، لكن هناك بعض المشكلات البسيطة أتمنى أن تُحل، فالعاملين على العملية المسرحية في الدولة حاليًا عندهم الرغبة للدعم والتطوير وذلك ما لمسته من خلال تجربتي، وجدت إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح، وخالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الفني الثقافي لديهم الرغبة في الدعم وبالفعل يقفون بجانب التجارب الجيدة.
ورغم وقوف الدولة إلى جانب التجارب الجيدة إلا أن المخرجين الجيدين هم من يعزفوا عن البيت الفني وعن الدولة، وذلك البيروقراطية، فالبيروقراطية بالبيت الفني صعبة جدًا وأكبر من سلطات جميع الموجودين، فالعروض تظل عام ونصف أو عامان حتى تخرج، فأنا شخصيًا انتظرت عامًا ونصف، فهل هذه مشاكل إدارية أم بسبب المخرج نفسه؟، من الممكن أن يكون بسبب المخرج لكن إذا كان المخرج جيد فينبغي تذليل الصعاب له.
كما أن هناك مشكلة كبيرة أيضًا بالدعاية المُروجة لمسرح الدولة، فإذا تواجدت دعاية جيدة للبيت الفني فالعروض المسرحية ستحقق أرباح أضعاف ما أنفق على إنتاجها، فلماذا لا تتم المناقصات للدعاية، ويدخل كل عرض مسرحي بشركة دعاية تدعمه فستكون المنافسة قوية وستحقق العروض أعلى الإيرادات، لماذا البيت الفني بكل إنتاجه تحتكره شركة دعاية واحدة فقط؟
فأكبر أزمتان يواجها مسرح الدولة هما البيروقراطية والدعاية.
هل الإعلام مهتم بالحديث عن العروض المسرحية ونجاحها؟
الإعلام غير مهتم ولن يلتفت إلا إذا كانت الدعاية قوية، فلن يهتم الإعلام إلا إذا شعر بأن هناك ضجة على مسرحية بعينها.
لماذا لا يتم تصوير المسرحيات وتعرض بالتليفزيون؟
لا تعليق، فهذا هو التليفزيون المصري، وهذا هو الإنتاج المصري، ومن الممكن أن تشتري القنوات الفضائية العروض لمسرحية الناجحة وتعرضها لكن لا أفهم ما المانع.
هل هناك أمل بأن يعود المسرح لمجده كما كان قديمًا؟
نعم هناك أمل، كما أن هناك رغبة وحراك تهدف لحدوث ذلك، ولكي يحدث ذلك يجب الاهتمام بالدعاية، فالعالم أجمع قد فهم أن الدعاية هي الأساس، فهي قادرة على صنع النجاح لعرض ضعيف فما بالك إذا كان عرض جيد، فبسبب الدعاية العروض تظهر وتنتهي ولم يسمع عنها أحد.
التعليقات