مسلسل تلفزيوني إنتاج كوريا الجنوبية من بطولة بارك شين هاي، بارك هيونغ سيك المسلسل من كتابة: بايك سيون-وو عدد الحلقات:16 حلقة.
يبدأ المسلسل الكوري الطبيبان المنهكان بطبيبة التخدير "نام ها نول" وهي تفقد وعيها، وصلت البطلة إلى القاع فجأة دون أن تدري، فلقد كانت طالبة مجتهدة منذ صغرها لدرجة إنها كانت تتناول حبوب القهوة بدلا من أن تشربها لكي لا تهدر وقتاُ، ظنًا منها إن هذا هو الصحيح لترضي أهلها الذين فقدوا الأمل في تفوق أخيها "نام با دا" و ضغطوا عليها لتتفوق أكثر، ثم يليها عملها في إحدى "المستشفيات الكبرى" في كوريا، اجتهدت في عملها على سبيل صحتها وراحتها، والموافقة دائما على كل ما يطلب منها في العمل، وقبولها بالإهانات المتكررة من مديرها، اعتقاداً أن هذا سيصلها إ أن تصبح أستاذة جامعية، ولكن توقع ماذا حدث؟
استغلت! من قبل استاذها "مين كيونغ مين" الذي استغل طيبتها واجتهادها وقت مقابلة تقديمها على العمل، ودافع عنها حين اتهمها إحدي الأطباء إنها غير إجتماعية، ويتطلب عملها في التخدير خدمة المرضى والتواصل الجيد معهم، ولكن دفاعه لم يكن عنها بل من أجل مصلحته، واللطف الزائد الغير مبرر لم يخدعها للحظة، استغربت! ولكنها لم تشك بل وعزمته على وجبة اعترافاً بمساعدته لها، وبالفعل استغل أبحاثها في أعماله الغير شريفة، ومع قبولها بكل شئ انهارت واستقالت.
ولكن هل علي الإنسان أن يصل لدرجة الانهيار لكي يلاحظ إنه يجب أن يرحل الآن؟!
كان يجب أن ترحل في أول إشارة لها بأن هناك شيئاً خاطئ، مع أول إهانة، مع أول إحساس لها إنه ليس مكانها الذي تنتمي إليه، لا إن تصل إلي الشعور إنها بلا قيمة، فحب نفسها كان يجب أن يكون بنفس قدر حبها للاجتهاد لكي لا تصل لدرجة الشك في استحقاقها للسعادة والنجاح، والدفاع عن نفسها في مواقف المهينة حتى لو صرخت بدون ترتيب كلماتك، المهم هو ألا تلتزم الصمت في المواقف يجب أن تحمي نفسها فيها، وهذا ما جعلها تزور الطبيب النفسي فصمتها وقبولها بما لا تستحقه حولها من طالبة متفوقة إلي إنها رأت نفسها إنها عديمة القيمة.
واكتشفت إنها مرضت بالاكتئاب ووصلت إلى كهف مظلم، وهنا تبدأ الأحداث لتبين المعني الحقيقي "للاحتراق الوظيفي" كان يجب عليها أن تقول لا، فقبولها بالجلوس بعد ساعات عملها، وصمتها بتأدية أبحاث ولا يكتب عليها اسمها ويذهب تعبها للآخرين، وفي الأعمال التي لا تقدرك منذ البداية وتكتفي بعبارات رنانة مثل "شكرا لاجتهادك" هذه العبارات لاستغلال طيبتك واجتهادك لمصالحهم الشخصية، و سوف تستباح وتشتغل أكثر.
وهنا يقابلها صديق الطفولة وهو جراح تجميل الطبيب "يو جيونغ وو" و كان ينافسها في الفوز بلقب " الطالب الأول"، وكان كل ما يشغل أهله هو وصوله إلى أعلي المراتب ودخول أكبر الجامعات الكورية، وها هو قد وصل للقاع أيضأً، لقد اتهم بخطأ طبي وقتل مريضة وقت القيام بجراحة تجميلية لها، مما دفعه لبيع كل شئ لدفع التعويض ويستأجر سطح بيت "نام ها نول" ويتفاجأ لأنهم كانا لا يتطيقون بعضهم البعض، ولكن محنتهم قربتهم من بعض، وهنا يأتي دور الدعم النفسي من الأصدقاء، فأهله لم يكونوا داعمين له، كان أهم شئ مظهرهم الإجتماعي، وهنا الألم يكون على أشده حينما يتخلى عنك أهلك عكس أهل "نام ها نول" الذين أخطئوا بالضغط عليها من أجل التفوق، ولكن حينما سقطت لم يتركوها، وعندما غضبت البطلة من إمها في إحدي المواقف أخبرها خالها إن إمها لا تملك إن تدعمها إلا عن طريق البحث علي الإنترنت عن الأكلات المفيدة لها، الدعم ليس من مهم أن يكون كبيرا لكن ممكن تكون إعداد وجبة دافئة يكفي إنها إعدت من إجلها، ولكن حتي هذا يكون صعب علي بعض الأهالي لإنهم لم يقدروا إبناءهم التقدير الذي يستحقونه، وهذا ماكان يألم البطل تخلي كل الناس عنه إلا "صديقة الطفولة" الذي دعمته في قضيته بتقديم أدلة للمحكمة تثبت أن حدثت قصة مشابهة في الهند، ومساعدته للذهاب إلى الطبيب النفسي للعلاج ما بعد الصدمة، وأيضأ أهلها دعموه باستضافة في منزلهم، فأصعب موقف حين يتم رفضك من العالم أن تجد من يحتضنك، ولكن الرفض كان ضروري لذهابه إلي أماكن جديدة تستحقه، والبطلة تقول جملة عن الرفض أن "الرفض يهديها فرصة! أن تجد توفيق أجمل في مكان تاني بدلأً من أن تسمح للرفض أن يهز ثقتها بنفسها"، أو أن تعرف حقائق من حولك، فالرفض جعله يكتشف أن صديقه "بن داي يونغ" في الجامعة الذي كان يغير من نجاحه، أنه يحبه وهو من دعمه وفتح له عيادته وقت تخلي عنه من كانوا يظهرون أنهم أصدقائه،
ولكن قبل أن استكمل حديثي أحب أوضح عن أهمية اللجوء إلي طبيب نفسي، وهذا ما استعرضه المسلسل عن أهمية ودور الطبيب النفسي بجانب دعم الأهل، ولكن في كثير من الأحيان لن تجد أهلك بجانبك بل يمشون ضدك، فقط أبحث عن الدعم الصادق حتى لو كان طبيب نفسي، هناك أهالي يعانون من أمراض نفسية فلا تنجرف معهم وأنجو بنفسك كما فعل البطل، فلقد قال جملة للبطلة "عندما خسرت كل شئ ولم أجد أهلي بجانبي ماتت كل لحظة ندم بداخلي" إذا لم يدعموك أهلك لا تدعهم يدمروك بإسم "أكيد أحنا بنحبك" إذا كان يحبونك كانوا قدروا ألمك ولم يعتبرونه نوع من الدلع.
والبطلان في المسلسل أصابهم ألم نفسي جراء عملهما، ألم الخسارة والإهانة والرفض، ولكن هذا السقوط كان نقطة تحول في حياتهما، أنهما يكسبون كل شئ مرة أخري، هذه الخسارة هي في الحقيقة "صفحة على الوجه" لكي تتغير، "نام ها نول" كانت يجب ألا تقبل ما قبلته، وهذا التغير ظهر في نهاية المسلسل عندما كلفها مديرها بالسفر للخارج لافتتاح قسم التخدير في المستشفى، وبعدها اعتذر لها لأن الإدارة اختارت طبيبة غيرها، ورغم إن كلامها لن يغير شئ ولكنها لم تسكت وعبرت عن مشاعرها وقالت "اختاروا الطبيبة الأخرى لإن الإدارة تفضلها" ، مهما حدث من مواقف يجب عليك أن تعبر عن مشاعرك ولا تكتمها حتى لو لم تكسب المعركة، الصمت عن العنف تجاهك هو شكل من أشكال كره الذات، تدريجياً سينفجر في وجهك ويقول لك إنك صمت أذن أنك لا تستحق شئ!
إما "يو جيونغ وو" كان مشكلته ثقته العمياء في أصدقائه، وثق في "مين كيونغ مين" الذي كان يدرسه الرياضيات، ولأن أمه كانت قاسية في معاملتها له، قرر"مين كيونغ مين" الانتقام من "يو جيونغ وو"، وهو السبب في خسارته كل شئ ويصل إلى الحضيض، وتسبب له في الصراع بين مسامحته أو لا، لأنه كان قد وقف بجانبه في يوم تخرجه ولم يحضر غيره، والبطلة قالت جملة في غاية الجمال "لا تسامح مادمت غير قادرالآن، لإنك إذا سامحت فدموعك ستكون بلا معني"، ولكي يحسم هذا الصراع ترك كل شئ للوقت، فيما بعد استطاع أن يسامحه، واستطاع أن يثق فيمن يثبتون له صدق نواياهم، في الحقيقة لا تصدق ما يظهره الناس لك لأنه قناع، وخصوصا الكلام المعسول غير مبرر لأنه فخ لطيبتك، لا تنخدع واترك المواقف تثبت لك صدق نواياهم.
انتهى المسلسل بعبارة رائعة للطبيب النفسي قالها للبطلة "السعادة غير دائمة، ولكن بعد ما تعرضتي له ستكوني قوية لكي تقفي صامدة ولا تنهار هذا الانهيار مرة أخري" وفي الحقيقة جملة السعادة قرار تثير أعصابي لأن في كثير من الأحيان تتعرض لمواقف أكبر منك ولا تستطيع السعادة وقتها، ولكن أعتقد أن لم تستطيع السعادة فأقبل ما أنت فيه، كما قال البطل للبطلة حينما قالت له "اشعر أني في القاع فقال لها استريحي قليلا هناك" ، ليس طوال الوقت يجب أن تجتهد، أحيانا يجب أن تلعب وتسافر وتتجول لأن هذا ما يساعدك تصل إلى أهدافك، والراحة ليس معناها إنك فاشل معناها إنك إنسان.
وجاءت كل هذه الأحداث في بناء متناسق، الحبكة مترابطة، كل تفصيلة في مكانها وليها معني في الأحداث، ورسم المشاهد أخذت وقتها في الظهور، فظهرت المعاناة بوضوح فاستمتعنا بانفراجها، ولهذا ظهر المسلسل بهذه اللوحة الرائعة التي تجعلك تتعمق في داخلك، وتذكرك بما تستحق، وأن تتقبل الخسارة وتحولها لمكسب، ولا تتعرض للاحتراق الوظيفي والاستغلال وأصرخ بأعلي صوتك لا، ولا تعامل أي عمل إنه نهاية العالم، ستجد في رحيلك عنه الأجمل لإنك تعرف حدودك وما تستحقه، إذا كسرت حدودك ونسيت ما تستحق ستتعرض للاحتراق الوظيفي.
التعليقات