أعدت الرابطة الدولية للقلم (فرع فلسطين) أنطولوجيا شعرية تحت عنوان (من قلب المعركة) ، ضمنتها شعر الشباب المقاوم في غزة أثناء حرب الابادة. واستهلت الأنطولوجيا الشاعرة والباحثة د.حنان عواد ، رئيس رابطة القلم الفلسطيني بكلمة أولى صدرتها بقصيدة الشاعر محمد الخطيب-غزة: "أمر على جدار الحلم مصلوبا/ على أوتار أغنية بلا كلمات / سأغزل من جفون الشوق / ما شاءت لي الأقدار / عن أمي.. وعن وطني/ وعن وجعي وعن غضبي/ وعن شعب ينام على الطرقات"
تقول د. حنان عواد: "أن تخط على أوراق الروح كلمات لشعراء شهداء واجهوا حرب الابادة ، يعني أن أن تلملم الجراح في بوتقة الصبر ، لترسم صورا عصية على الغياب في روح التجربة المريرة التي عاشها شعبنا المناضل في غزة ،والتي واجهها مبدعونا وعاشوا مرارتها ،وسجلوا بأوراق الدم الوضيء رحلة العذاب ، بكلمات عصية على الانكسار والغياب ،لتكون صورة الفعل الثوري والصمود الأسطوري لشعب واجه ارهاب المحتل ، وظل صامدا كالطود.
وتأتي هذه القصائد لتكون علامة فارقة في الابداع ، كتبت بغياب الضوء ،واخترقت كل طرق الصعب ، وظلت بلسما شافيا للمتلقي وهو برقب ما يجري من بشاعة فعل المحتل ، تزرع الأمل وتشكل ملامح التجربة الثورية المعاصرة.
ان الكلمة الثائرة الملتزمة في مطلق المباديء الأرقى ، لا يمكن اعتقالها أو تغييبها مهما حاولت قوى الظلم ، لأنها ستخترق كل الحواجز والجدران لتصل الى أحرار العالم. كلمات معتقة بروح الوعي ، وبلاغة التعبير ،محملة بصور الغضب وأمنيات تنتظر التحقيق ، وبريق دم الشهيد ، وصرخة الوليد ودعاء الأمهات الثكلى ، وحزن التراب ، وصرخة السجي ، وتدلل الصبايا على أجنحة الأحلام الوردية أمام الخيمة وأمام الدمار. قصائد مبدعة تستحق الوقوف عندها طويلا. بأقلام كتاب شباب يحملون أقلامهم رسالة ، وينتفضون رفضا لحرب الابادة ، ويسجلون بلغة العاشق الوله صورة وطن عاشوا به ، واسترسلوا في استحضار ذكرياته الجميلة ، ليعبروا قسرا في أزقة المعركة ، شمالا جنوبا ،شرقا وغربا ، بصمود معجز. يتنقلون من مكان الى آخر ، يعيشون لغة الوداع لآلاف الشهداء ، ويشاهدون ما خلفته الحرب من دمار وما زالت.. يعيشون الحصار المر بأقصى صوره ، يغضبون ، وينتصرون للحرية والكرامة. وتأتي النصوص المختارة ، لتكون شهادة حية على الظلم ،وباكورة لابداعات أخرى ترسم واقعية المشهد بريشة الابداع الحر.
وكتب الروائي عبد الله تايه رئيس لجنة التنسيق العليا لرابطة القلم في غزة: "إننا اذ نختار في هذا اللقاء عددا من القصائد الشعرية ، فاننا أردنا أن يسمع الكل صوت بعض كتابنا وشعرائنا في غزة التي تتعرض لهذا العدوان والقصف والقتل والموت المتواصل لأكثر من عام ، دون أن يرعوي القاتل عن هذه المقتلة الكبيرة ، والتي يروح ضحيتها كل يوم عشرات الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والرجال ، وتقصف فيها مراكز الايواء في المدارس والمستشفيات ومراكز الخيام التي لجأ اليها الذين فقدوا بيوتهم ، بعد أن تم بالقصف محو مباني الجامعات والمؤسسات والمدارس والمراكز الثقافية."
وأضاف الروائي الفلسطيني: "ان هذا الجنون لم يمر على اي شعب من الشعوب ، وان تجاهل القانون الدولي والانساني بهذا الشكل الفظيع ، يعبر عن الرغبة في الانتقام والتجهيل .وشعبنا الذي يعبر عنه كتابنا وشعراؤنا ، انما يطالب بالسلام والحياة الكريمة والحرية وزوال الاحتلال ، وأن يعيش مثل باقي الأمم والشعوب ، منتبها للتنمية الاقتصادية وتحسين الحياة اليومية ورفع مستوى التعليم والصحة والخدمات وحرية السفر ورفع الحصار. وأن كل هذه الأهداف الانسانية والحياتية لا يمكن لها ان تستقيم ، الا بنهاية الاحتلال والاستيطان والالتزام بالقانون الدولي والانساني في المقام الأول. وسنظل نطالب بالحرية التامة في وطن حر نتمع فيه بالكرامة والاستقلال والاحترام. تحية لكم من غزة المحاصرة المقصوفة التي يصر أهلها على الحرية والاستقلال والبقاء في أرضهم."
وبدإ إلقاء القصائد بمختارات الشعراء الشهداء، وأولهم هبة أبو الندى، وهي شاعرة وروائية ، حاصلة على جوائز عدة في الرواية والشعر. صدر لها رواية "الأكسجين ليس للموتى". واستشهدت في العشرين من أكتوبر 2023
(1)
أعيذك
في الفروض
والاستخارة
وأرقي كل مئذنة
وحارة
من الصاروخ لحظة
كان أمرا
من الجنرال
حتى صار غارة
أعيذك ، والصغار
قبيل يهوي
تغير بابتسامتها
مساره
(2)
أعيذك ، والصغار هنا
نيام
كما نام الفراخ بحضن
عش
ولا يمشون للأحلام ليلا
لأن الموت
نحو البيت
يمشي
ودمع الأمهات غدا يماما
ليتبعهم به
في كل نعش
(3)
أعيد أب الصغار وبعد
قصف
يشد البرج حتى لا يميلا
يقول للحظة الموت
ارحميني
"فماذا لو تاخرت
قليلا"؟
يقول:" لأجلهم أحببت
عمري ،
هبيهم مثلهم
موتا جميلا"
(4)
أعيذك أن تصابي
أو تموتي
بعز حصارنا
وببطن حوت
شوارعنا تسبح كل
قصف
وتدو للمساجد
والبيوت
فحين القصف يبدأ
من شمال
ستبدا من جنوب
بالقنوت
(5)
أعيذك أن تصابي
أو تعاني
فقد حوطت بالسبع
المثاني
من الفسفور طعم البرتقال
وألوان السحاب
من الدخان
أعيذك
ان من عشقا
وماتا
سينقشع الغبار
ويضحكان
التعليقات