أتذكر دائما خلال احتفالات الإخوة المسيحيين بأعيادهم جارى القديم المرحوم فوزى جرجس.
نشأت فى بيتنا القديم، وكان بجوارنا جار مسيحى هو المرحوم فوزى جرجس، ولفت انتباهى أن هناك «شباكا»، فى ذلك المنزل يطل على الجار الملاصق لمنزلنا.
هذا «الشباك» كان مصدرا للود والصداقة بين الأسرتين، وتبادل الهدايا فى المناسبات الدينية، ولا مانع من الأحاديث الودية بين الأسرتين فى ساعات النهار المختلفة.
ظل هذا الوضع حتى جاء موعد إعادة بناء المنزل، وشاهدت جارنا المسيحى يزورنا، ويجلس مع الوالد ليتناقش معه فى الحائط المشترك بين منزلنا ومنزله، واكتشفت ان هذا الحائط هو ملك لنا، والجار، يخشى من هدمه حتى لايؤثر ذلك على سلامة بيته.
ببساطة وعلى فنجان الشاى تم حل المشكلة، وظل الحائط دون أى أعباء على الجار، وظل الود والتراحم طوال فترة الوجود فى البيت القديم.
تذكرت هذا بمناسبة عيد الميلاد المجيد الذى يحتفل به أشقاء الوطن من المسيحيين، والحالة الوطنية الخاصة التى يعيشها الشعب المصرى منذ قديم الأزل بعيدا عن التعصب والكراهية.
ميزة الشعب المصرى أنه يحمل «جينات» المواطنة، ومن الصعب أن تجد أى نوع من أنواع التفرقة بين المصريين فى المنازل أو الشارع، أو أماكن العمل إلا لدى البعض ممن يحملون «عقولا مغلقة»، و«قلوبا» عفا عليها الزمن.
الأديان جاءت لتنشر الحب والخير بين البشر، وليعرف الإنسان الطريق إلى الله الواحد الأحد.
اسم مفتى مصر نظير عياد من الأسماء المصرية التى يحملها المسلمون والمسيحيون معا، ولولا وجود اسم محمد الأب بين نظير وعياد لايمكن أن تعرف هل هو مسلم أم مسيحى، ولى العديد من الأصدقاء والصديقات الذين يحملون أسماء تتماشى مع طبيعة المصريين فى التسامح والإخاء والتعايش المشترك.
قلة متطرفة من هنا أو هناك حاولت للأسف زرع بذور الفتنة، لكن الشعب المصرى بتركيبته العتيقة، وعقله المتسامح تجاوز كل تلك المراحل لتظل مصر قوية قادرة بشعبها الواحد، وليظل الدين لله والوطن للجميع.
التعليقات