لا أتصور أن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلمانى سوف يتراجع بسهولة عن هذا التصور، الذى دفعه لكى يطلق على قناة (نايل سينما)، (موليوود سينما)، وأضاف من عنده إمعانًا فى تصور (موليوود دراما) بدلًا من (نايل دراما)، على وزن هوليوود وبوليوود ونيوليوود، الأولى تشير إلى السينما الأمريكية، والثانية الهندية، والثالثة النيجيرية، أى أننا نحل رابعًا حتى فى الاستنساخ.
هل هى عقدة الخواجة؟، تذكرت محمود حميدة فى أحد المهرجانات عندما أراد مذيع الإطراء عليه وقال له: (روبرت دى نيرو مصر)، غضب محمود حميدة قائلًا: (أنا اسمى محمود حميدة، لو مش عارف اسمى ما تعملش معايا حوار).
تذكرت أيضًا كيف أننا أطلقنا على هند رستم لقب (مارلين مونرو الشرق)، وعندما سألت جريدة الأخبار فى نهاية الخمسينيات كاتبنا الكبير عباس محمود العقاد أن يختار نجمة تحاوره، حيث كانت الجريدة قد استحدثت على صفحاتها تلك الفكرة، نجمة تحاور أديبًا، اختار العقاد هند رستم، وأول جملة قالها لها: (إن هذا اللقب يظلمها، وإنها حالة خاصة لا تتشبه بأحد حتى لو كانت مارلين مونرو).
تذكرت نجمنا عبدالله غيث عندما قدم دور سيدنا حمزة بن عبدالمطلب فى النسخة العربية من فيلم (الرسالة)، وأدى دوره أنطونى كوين فى النسخة الأمريكية، كان كوين قد طلب أن يرى أولًا عبدالله غيث، وهو يمثل الشخصية، رغم أن المخرج مصطفى العقاد فى أول يوم تصوير كان قد قرر العكس، إلا أن كوين كان موقنًا أن «غيث» يمتلك أدوات الدور أكثر منه وأراد أن يتابع أداءه لكى يتعلم منه التفاصيل.
تعودنا مع الأسف بسبب عقدة الخواجة عندما نريد (تحلية بضاعة) ننعتها بأنها مستوردة، والمفروض فيمن يتولى المسؤولية فى الإعلام التصدى لهذا الإحساس بدلًا من ترسيخه والدعوة إليه بتغيير اسم (النيل) إلى (موليوود).
لا أنكر أبدًا حسن نوايا الكاتب والإعلامى المسلمانى، إلا أنه كما يبدو من مساحات الغضب التى تابعتها بمجرد إطلاق الاسم الجديد، التى أكدت كثرة التداعيات السلبية، حتى من داخل المبنى، أن رئيس الهيئة الوطنية لم يراجع أحدًا، بمن فيهم قيادات القنوات التى تم تغيير أسمائها.
تابعت الكاريكاتير الرائع الذى نشره قبل يومين صديقى الفنان المبدع عمرو سليم عن تصور وزير التربية والتعليم، حيث اقترح تغيير اسم وزارة التربية والتعليم إلى (حقل تجارب)، وأرى أن ما يجرى فى الهيئة الوطنية للإعلام يستحق أيضًا عن جدارة هذا التوصيف (حقل تجارب).
الإعلام المصرى مؤهل لو تخلص من تلك المعوقات أن يحتل مساحة أفضل، تراجعنا كثيرًا بعد أن تشابهت أغلب المتابعات، وفقدنا السخونة والطزاجة فى معالجة قضايانا الحياتية.
نحتاج إلى رؤية أكثر عمقًا ودراية لكى ينتعش الفن المصرى، ومن ثم الإعلام المصرى، إلقاء كل إخفاقاتنا على شماعة ضعف الإمكانيات ليس أبدًا صحيحًا، الإعلام القوى والجاذب قادر على أن يحقق رواجًا يؤدى بالضرورة إلى انتعاشة اقتصادية، وبعدها ستتوقف شكوى عدد كبير ممن أحيلوا للمعاش بسبب تأخر مستحقاتهم.
إصلاح المنظومة الإعلامية هو الهدف الأهم، وأول خطوة أن نملك ثقافة التراجع عن الخطأ، ولا أقول حتى الاعتذار العلنى عنه، يكفى ألا نكمل الطريق ونقفز من القطار المتجه إلى المحطة العكسية، فهل يفعلها رئيس الهيئة الوطنية ويعلن أن قناتى السينما والدراما ستظلان تحملان اسم (النيل)؟
التعليقات