صفحات الفيسبوك.. لها تأثير مثل الدبابة - وأحيانا أكثر. هذا ما قاله عضو البرلمان الإسرائيلي داني دانون (الليكود)، وأثبتته الأيام. مع بداية حرب غزة شنت الجماعات الصهيونية المسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي حربا إعلامية كبيرة ضد حماس بعد 7 أكتوبر؛ استخدمت فيها خدعة قطع رؤوس الأطفال من قبل حماس، تلك الأكذوبة التي تم كشفها لاحقًا.
وقد أيد الخدعة في البداية الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن، ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض المتحدثين باسم جيش الدفاع الإسرائيلي ، ثم انتشرت بشكل ساذج من قبل وسائل الإعلام الغربية.
للأسف أن الرئيس بايدن كذب في مؤتمر صحفي قال إنه رأى "صورًا مؤكدة لإرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال"، وكرر المتحدث باسم رئيس الوزراء نتنياهو نفس اللغة.
الجميع يعلم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من عاشقي استخدام لغة "الميم" - أي صورة أو فيديو أو عبارة تنتشر على نطاق واسع بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ".. نشر نتنياهو "قنبلة بيبي الخاصة به على فيسبوك" في غضون أيام من ظهور الميم - وهي صورة مُعدّلة بالفوتوشوب لابتسامته الشهيرة على خلفية خطاب نتنياهو الأخير في الأمم المتحدة؛ ذلك الخطابٌ الذي ألقاه خلال مسعى العضوية الفلسطينية المثير للجدل. أشاد مدونون يهود أمريكيون بهذا الجهد، معتبرين إياه تحولاً مُرحّباً به عن النبرة "الصارمة والخالية من روح الدعابة" لمكتب رئيس الوزراء، ورفضاً مُنعشاً للافتراض القائل بأن مواقع التواصل الاجتماعي "سلوكٌ لا يليق" برئيس دولة.
بدأ استخدام لغة الميم باحترافية بمجموعة من الصور التي انتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية في أكتوبر 2011. كانت مناسبة هذه الصور إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط، الذي احتجزته حماس لخمس سنوات، مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية.. استندت العديد من الصور التي نشرتها الحكومة الإسرائيلية بمناسبة إطلاق سراح شاليط، على صورة تُظهر شاليط وهو يعانق والده وخلفه رئيس الوزراء المبتسم. وتنوعت الصور المُعاد إنتاجها لهذا الحدث، من لحظاتٍ محورية في تاريخ إسرائيل إلى أحداثٍ وصورٍ ثقافيةٍ شعبيةٍ شهيرة (مثل حفل زفاف ويليام وكيت، والانضمام إلى فريق عمل فيلم "الماتريكس" ، وغيرها)، وكلها مُغطاة بابتسامة نتنياهو.
في مارس 2011، أصبح نتنياهو ثالث زعيم عالمي يظهر في برنامج "World View" للمقابلات المباشرة على يوتيوب. كانت استجابة المستخدمين كبيرة، حيث نشر آلاف المشاهدين من أكثر من 90 دولة أسئلةً مصورة ونصية، وأجاب نتنياهو بلهجته الإنجليزية الأمريكية المتقنة وأسلوبه في الخطابة. لم يكن جوهر تعليقاته جديدًا، بما في ذلك دفاعه المعتاد عن بناء المستوطنات واحتفاءه بالديمقراطية متعددة الثقافات في إسرائيل. إلا أن يوتيوب شكّل الفارق - أي الطرق التي غيّرت بها هذه المنصة الاجتماعية هيكل خطابه وأدائه؛ حيث تواجد نتنياهو في غرفة معيشته بالقدس، حيث أقيم الحدث، بينما ظهر المُحاور على شاشة كمبيوتر كبيرة ؛ عُرضت عليها أسئلة الفيديو من مشاهدي يوتيوب؛ مع التزام معظم المشاركين ببروتوكولات المنصة للهواة. وجه نتنياهو حديثه مباشرةً إلى الشاشة، مستخدمًا أسلوبًا مبالغًا فيه وغير رسمي، وهو السمة المميزة لوسائل التواصل الاجتماعي. تمت الأشادة من خلال لجان الصهاينة عالميا بقدرته على مخاطبة جمهور الإنترنت الدولي "دون أي قيود".
السؤال الأن متى نستخدم دبابة الفيسبوك، المسماة لغة "الميم"، بشكل أحترافي مع صور المجاعة في عزة؛ بدلا من توجيهها إلى صدر مصر، من قبل الجماعات الأرهابية .
التعليقات