كثيرة هي الحكايات التي سطرها علماء المصريات، عن المرأة ومكانتها في مصر القديمة، وكيف شغلت نساء الفراعنة، مناصب لم يكن بمقدور نساء العالم أن يشغلنها آنذاك، إذ كانت المرأة المصرية، وقبيل آلاف السنين، ملكة تحكم، ووزيرة ، ومستشارة ، وقاضية ، تشارك الرجال في حكم أعظم الإمبراطوريات التاريخية في العالم.
وبحسب دراسة تاريخية حديثة، لمركز الأقصر لدراسات وحقوق المرأة بحزب الشعب الجمهوري ، صدرت بمناسبة حلول اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف غدا الخميس ، فإن ما حققته المرأة في مصر القديمة ، من مكانة اجتماعية وما حصلت عليه من حقوق، وما حازته من مناصب رفيعة، كل ذلك كان نتاجا لما عرفته مصر الفرعونية من تَحَضُرٍ ورقى إنساني، وتَمَدُنٍ ألقى بظلاله على مختلف مناحي الحياة في ربوع مصر القديمة، وفقا لبوابة الأهرام.
وبحسب الدراسة ، التي أشرف عليها المؤرخ والباحث المصري فرنسيس أمين، فإن المدنية في أعلى معانيها قد ولدت في مصر، التي وصفها المؤرخون بأنها شهدت بزوغ فجر ضمير العالم، حيث لم تعرف مصر القديمة أي تمييز بين الرجل والمرأة، وكان انعدام الفوارق الاجتماعية أمام القانون، من أرقى مظاهر الحضارة المصرية.
وطبقا للدراسة ، كانت العدالة الاجتماعية تتحقق في أبهى صورها، مما أتاح الفرصة أمام النساء ، للمشاركة في الحكم وشغل أرفع المناصب، و ممارسة العمل بكل المهن .
ولم يكن بروز مكانة المرأة في المجتمع المصري القديم، قاصراً على العمل وشغل المناصب العليا، بل امتد لمكانتها كزوجة، إذ كانت المرأة الفرعونية المتزوجة، تحظى بقدر كبير من الاحترام والتقدير من قبل الزوج، وهو الاحترام الذى تجسد في قول حكيم فرعوني : " أحٍبً زوجتك .. واسعى لما يدخل السرور على قلبها ".
وقد حاكت حكم الحكماء أقوالا في ذكر الزوجة المحبة، والجميلة، كما أورد الآثاريون وعلماء المصريات، في كتبهم، حكايات عن نماذج انثوية فرعونية خالدة مثل : " إيزيس الأم المثالية "، و "حتحور الباسمة "، و" نفرتارى جميلة الجميلات" .
كل ذلك في ظل مجتمع اهتم بالنساء وجعلهن " مساويات للرجال في الحقوق الشرعية "، وكانت لهن " نفس وعود الحياة الأبدية للرجال " .
وامتد ما تمتعت به المرأة في مصر القديمة، من مكانة وحقوق، إلى حرية التنقل والتحرك " كُنً يسِرٌنَ بحرية في المدن وفى الحقول وقرب تنزه الملك في رحلات الصيد قرب الفيوم ".
وكانت هناك أماكن واسعة للحريم في الدولة الفرعونية الحديثة، وكان ينفق عليها من ريع أوقاف وضرائب معينة، وكانت الملكات يذهبن إلى أماكن الحريم ويقمن بها.
واشارت الدراسة إلى أن كلمة مرأة، مشتقة من كلمة " مٍرٌةٌ " الفرعونية ، والتي تعنى المحبوبة، و أن المرأة في مصر القديمة أطلق عليها كلمة " ست "، أي الأم والسيدة والمرأة، وكان الرجل ينادى زوجته بكلمة أخت ، وهو نوع من المودة والتقدير حتى جعلها اختاً له.
وبحسب دراسة مركز الأقصر لدراسات وحقوق المرأة، فإن قدماء المصريين، نظروا إلى المرأة الملكة ، نظرة مقدسة، ولم يكن لقب المرأة قاصراً على ملكات مثل "حتشبسوت" ، بل كان هناك ثلاثة أنواع من الملكات، مثل أم الملك، وزوجة الملك، والزوجة العظمى، التي كان لأولادها وحدهم الحق في وراثة العرش.
وكما كان هناك وادٍ لمقابر ملوك الفراعنة في غرب مدينة الأقصر، فإن هناك وادٍ مخصص لمقابر ملكات الفراعنة، ايضا ويطلق عليه وادى الملكات، وهو على مقربة من وادى الملوك، وقد اطلق عليه الفراعنة اسم " مكان الجمال" ، واطلق عليه المصريون المعاصرون " بيبان الحريم ".
ووادي الملكات ، الذى يقع في حضن جبل القرنة التاريخي، غرب مدينة الأقصر، في صعيد مصر، دُفِنًتٌ فيه ملكات مثل الملكة نفرتاري، وزوجات وبنات الملك.
واكتشفت كثير من مقابر النساء الفرعونيات، في وادى الملكات، على يد المستكشف الإيطالي الكبير" ارنست سكيا باريلىً " ، الذى أعاد باكتشافاته في وادى الملكات، ملكات وأميرات الفراعنة، إلى الحياة بعد موتهن.
التعليقات