فاكرين أمّا كنا نرجع بسرعة من المدرسة علشان نشوف أمهاتنا عاملين أكل إيه، مَحشي ولا كُشَري مع الكِبدة، وبعدها نلعب بنك الحظ، ولا ندخل أوضتنا نشغل شريط عَمرو دياب الجديد اللي لما كان بينزل كانت محلات شريط الكاسيت بتشتغل عليه فترة والطوابير عندهم طويلة، ولا نسمع إيهاب توفيق وهو بيقول "جاني" ومصطفى قمر وهو بيهيص على "الليلة دوب ولازم نرضى بالمكتوب". رضينا بالمكتوب ودخلنا كليات، كل قعدتنا كانت في البوفيه اللي مشغل محمد منير، ولما نطلب يغيره يقول هو في حد غيره بيعرف يغني.
ومذاكرتنا على أغاني خالد عجاج "وحشتني عدد نجوم السما" وينادي بابا عليا "يا بِنْتي تَعالي اعمليلي كباية شاي" وأنا لسه راجعة من درس الجغرافيا في الثانوي.
ويوم الجمعة اللي كان أجازتنا الوحيدة أيامها، واحنا بنفطر مع بعض وبنتفرج على سينما الأطفال مع ماما عفاف وماما نجوى، وبرنامج حياتي اللي مش عارفة ليه كنا بنشوفه برغم إنه مالوش علاقة بسننا، يمكن علشان كده تلاقينا جيل أكبر من سنه ولا إيه؟
الشيخ الشعراوي وبعده الفيلم العربي القديم، كلها أيام حلوة صافية مكنتش داخلها تكنولوجيا ولا موبايلات ولا يوتيوب اللي غيروا حياتنا ومخلي أي فيلم أو برنامج مش فارق أشوفه النهارده أو أشوفه بكرة. أيامها التلفزيون كان له معنى وقيمة.
القعدة مع الأهل بالليل وأخويا وهو بيقولي "تعرفي تعمليلي بطاطس مقلية يا شيماء" علشان يتسلى وهو بيتفرج على مسلسلات ليالي الحلمية ولا أرابيسك.
فاكرة عيد ميلاد أختي اللي كان مليان زجاجات البيبسي وتورتة ورز باللبن عملتهم ماما بإيديها والبالونات اللي قعدنا يومين ننفخهم. وكلنا اتصورنا مع بعض، بفتكر لون الفستان الفوشيا كان حاجة عظيمة وآخر موديل عملتهولي عمتي بدل ما نروح عند الخياطة، وتأخرنا علشان عندها شغل كتير كالعادة في الفترة دي.
أيام مفيش منها بجد، خلينا نعيدها.
أعتقد إننا أكتر جيل وخصوصا هنا في لندن بنحنّ للأيام الجميلة دي أكتر من أي حد، وبنحاول نرجع وهنرجع ولو بضع ساعات.
ختاماً، علينا أن ندرك أن الحنين لتلك الأيام ليس مجرد شعور عابر، بل هو تذكير بقيمة البساطة والجمال في تفاصيل حياتنا اليومية. تلك الأيام لم تكن مثقلة بالتكنولوجيا والانشغالات التي تسرق منا لحظات الفرح الحقيقية. لذلك، لنجعل من ذكرياتنا منارة تنير طريقنا نحو بناء مستقبل يجمع بين التقدم والتواصل الإنساني العميق. فلنحيا بروح التسعينات، ولنجعل من كل يوم فرصة لنسترجع تلك اللحظات الجميلة، نعيشها وننقلها للأجيال القادمة.
التعليقات