بداية لا أصدر الأحكام على عواهنها، ولا أعمم أحكامي، ولا أشخصن الموضوع.
حتى لا يتهمنا أحد بالتجني والتحامل على الإخوة المعلمين.
فلطالما تبنيت قضايا التعلىم ومشكلاته ولطالما كتبت عن الخلل الذي أصاب العملية التعلىمية، والانعكاسات السلبية التي ستحدث على المدى القريب والبعيد جراء ذلك.
كثيرا ما تحدثت في مقالاتي عن مشاكل وهموم المعلمين وما ينبغي أن يقدم لهم من توفير حياة كريمة، سواء في التعلىم الإلزامي، أو التعلىم الجامعي.
لكن نقول كلمتنا في ما يحدث من بعض المعلمين وسأضع تحت هذه الكلمة ألف خط.
من هم المعلمون؟!!، هل المعلم هو من يدخل إلى الفصل ويشرح درسه وينصرف، فهم من فهم، ومن لم يفهم شرحه لم يفهم.
هل المعلم هو من يجبر طلابه على أخذ الدروس الخصوصية بحجة كثافة أعداد الطلاب وأن الوقت لا يكفي للشرح الوافي.
هل المعلم من يتحرش بالطلاب لفظيا ويسبهم بألفاظ نابية، ما أنزل الله بها من سلطان؟!!!
هل المعلم من يقضي وقت حصته بالتهريج مع الطلاب بألفاظ خادشة للحياء.
هل هي حقا رسالة المعلم الذي ينبغي علينا أن نقف أمامه نجله ونقدره ونحترمه،
هل هذا هو المعلم الذي ذكره أحمد شوقي بك قائلاً كاد المعلم أن يكون رسولا.
ما سمعنا وما قرأنا في كتبنا المقدسة أن الرسل كان سبابين ولا لعانين، وأنما الرسل جميعا رسالاتهم ترسيخ قيم الخير والحق والجمال، رسالاتهم جميعا الدعوة إلي مكارم الأخلاق، وما يثير دهشتنا أننا ندخل إلى الفصول فنرى على الجدران مكتوب عليها إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، العبارة تكاد أن أكون مكتوبه في وجه المعلم، وتجده يسب ويلعن ويشتم بالأب والأم.
ماذا ننتظر من هؤلاء من الذي سيتخرج من تحت أيديهم، سيتخرج بلطجي أو حرامي أو تاجر مخدرات، لماذا؟!! لأنه إذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة أهل بيته الرقص، والمدرسة بيت مجتمع صغير، داخل مجتمع كبير، والكبير كل والكل ما هو إلا مجموع الأجزاء، فكيف يكون الحال، لا ننتظر صلاحا ولا اصلاحا، الطالب يجد قدوته، المفروض المربي بئس المربي، من يخرج عن اللياقة والأدب، والأخلاق القويمة، بئس المربي من يستغل نفوذه ويتنمر بالطلاب، ويهينهم ويضربهم ويسبهم بأبشع الألفاظ، أي تربية هذه، هل هي تربية حقا، أم عدم تربية، هل نستمر نقول تربية تسبق التعليم، أم نقول قلة تربية، وقلة تعليم، نربي أولا، نربي تربية صالحة ناجعة، لكن كيف والقلة منهم ممن نطلق علىهم معلمون مجازا تحتاج إلي تربية وتقويمهم نفسيا قبل التقويم الأخلاقي.
الموضوع جد مهم، نحن نتحدث عن مستقبل بلد مستقبل، دولة تشهد صحوة وتصحيح لأوضاع كانت خاطئة قديما، والكل سعيد بذلك، لكن ضرورة ملحة إعداد بعض هؤلاء المعلمين وتأهيلهم تربويا وإعطائهم دورات في الإرشاد النفسي والتوجيه المهني والأكاديمي.
تعلمنا على أيدي أساتذة يشار لهم بالبنان رحم الله من سبقنا منهم إلي الله وبارك في أعمار حيهم، ما سمعنا منهم لفظا خارجا ولا سبا ولا قذفا، والنتيجة، تخرج من تحت أيديهم علماء وأساتذة جامعات وأطباء ومهندسين ومعلمين، يحاولون الآن التصدي بكل ما أوتوا من قوة لهذه القلة، معلمون حقيقيون تربوا في بيوت آبائهم علموهم القيم الخلقية،علموهم المبادئ والمثل العلىا، لكن للأسف هذه القلة وهذه الشرزمة تسيئ لهؤلاء الأخيار، أولئك الذين أعلمهم بالاسم لا يخرج العيب من فيه أحدهم، يقابلونك بالمودة والمحبة والإخلاص، يتبنون الطلاب تبنيا تاما، ليس هذا وحسب بل أنشأوا قنوات يوتيوب يشرحون علىها الدروس مجانا ولا يتقاضون أجرا من أحد، هؤلاء هم المعلمون الخلص الحقيقيون الذين نراهم في شوارعنا مهما مرت السنين نأخذهم بالأحضان.
أيهما يا سادة نقف له ونوفه التبجيلا.
يا سادة فاقد الشيئ لا يعطيه، فاقد الشيئ لا يستطيع الحفاظ على الأمانة وأبنأؤنا أمانة، والله تعالي أمرنا بأداء الأمانة، إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها.
الفرصة لازالت موجودة، كل معلم يفتش في داخله هل يستطيع تحمل هذه المسؤولية التي سيسئل عنها أمام الله تعالي.
والله الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه، إن القلب علبكم لمحزون، إن في القلب منكم غصة.
المسؤولية مشتركة، نحن ككتاب نقول، فلابد أن تتضافر الجهود للوقوف والتصدي لمثل هؤلاء، بالنصح والإرشاد وان لم يجدي بالعقاب، ولا. تأخذكم بهؤلاء رأفة، هؤلاء المستهترون العابثون بثروتنا القومية، وثروتنا القومية في شبابنا الذين هم عصب البلاد، الذين سيحملون الراية بعدنا، فمن أمن العقاب أساء الأدب.
الشكر كل الشكر لكل معلم حقيقي معتبر مهموم بقضايا التعلىم والعملية التعليمية ومستقبل أبنائنا.
ولا شكر للعابثين المتنطعين اللا مبالين الضاربين بمستقبل الأمة عرض الحائط، إلي أن يفيقوا من سباتهم وغفلاتهم وقتها يستحقون أن نلقبهم بهذا اللقب رفيع المقام عالي الشأن ((معلم)).
أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة السابق بآداب حلوان
التعليقات