كشفت دراسة حديثة أجرتها جمعية علم النفس الأمريكية أنه بالنسبة للعديد من الأمريكيين، "قراءة الأخبار لها جانب سلبي". ووفقا للدراسة فإن أكثر من نصف الأمريكيين يقولون أن الأخبار تسبب لهم الإجهاد، والشعور بالقلق، والتعب أو فقدان النوم، ومع ذلك يظهرالاستطلاع ،ان واحدًا من بين كل 10 بالغين يراقب الأخبار كل ساعة، و20% من الأمركيين يقدمون تقارير "باستمرار" لمراقبة أخبارهم الاجتماعية، والتي غالبًا ما تعرضهم لأحدث عناوين الأخبار، سواء كانوا يحبون ذلك أم لا.
وبطبيعة الحال، يشعر كثير من الناس أنه من المهم البقاء على علم بما يحدث، ومن المفهوم أن الأخبار التي تجدها قد تسبب التوتر والقلق، ولكن التغييرات الأخيرة في الطريقة التي يحصل بها الجميع علي أخبارهم، إلى جانب نمط الأخبار المهيمن اليوم، قد لا يكون جيد للصحة النفسية وحتى البدنية.
ويقول جراهام ديفي، أستاذ علم النفس في جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة ورئيس تحرير مجلة علم النفس التجريبي "لقد تغيرت طريقة عرض الأخبار والطريقة التي نصل بها إلى الأخبار بشكل ملحوظ على مدى السنوات الخمس عشرة أو العشرين الماضية، وهذه التغيرات غالبًا ما تكون ضارة بالصحة العقلية العامة".
ويقول ديفي ان أخبار اليوم "مرئية بشكل متزايد وصادم" و يشير إلي إدراج الهواتف الذكية لمقاطع الفيديو و المقاطع الصوتية كمثال.
ويمكن أن تكون وسائل الإعلام التي يلتقطها المارة مكثفة لدرجة أنها يمكن أن تسبب لهم أعراض الإجهاد الحاد مثل مشاكل النوم، وتقلب المزاج أو السلوك العدواني، أو حتى اضطراب ما بعد الصدمة.
وقد أظهرت بعض أبحاث ديفي أن الأخبار التلفزيونية السلبية لها دوركبير في تغيير المزاج، والمزاجات التي تميل إلي إنتاجها هي الحزن والقلق.
ويقول ديفي "أظهرت دراساتنا أيضًا أن هذا التغيير في المزاج يفاقم المخاوف الشخصية للمشاهد، حتى عندما تكون تلك المخاوف ليست ذات صلة مباشرة بالأخبار التي يتم بثها، في حين أن زيادة القلق والإجهاد هي سبب يكفي أن نكون حذرين من الإفراط في ذلك عندما يتعلق الأمر بالأخبار، يمكن لهذه الأمراض وغيرها من الأمراض النفسية أيضًا أن تغذي الأمراض الجسدية، فالهرمونات المتعلقة بالاجهاد وهي الكورتيزول، مرتبطة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من المخاوف الصحية الخطيرة.
لذلك إذا كانت الأدلة تشير إلى أن الأخبار يمكن أن تسبب الضغط للناس، فلماذا يعودون لطلب المزيد؟ ذلك لسبب واحد وهو أنها مسلية، وذلك ما قاله ديفي.
العقل البشري أيضًا يثيره أن يولي اهتمامًا بالمعلومات التي تخيفنا أو تقلقنا، وهو مفهوم يعرف بـ "التحيز السلبي"، وتقول لوريتا بريونينج، أستاذة سابقة في الإدارة في جامعة كاليفورنيا، ومؤلفة ""habits of happy braian، بطبيعة الحال يعتمد بقاءنا على إيجاد المنافع وتجنب الضرر، ولكن تجنب الضرر يأخذ الأولوية".
وتوضح برونينج "أن الدماغ البشري ينجذب إلى المعلومات المثيرة للقلق لأنه مبرمج للكشف عن التهديدات، وليس للتغاضي عنها، هذا يمكن أن يجعل من الصعب علينا تجاهل السلبيات والبحث عن الإيجابيات من حولنا."، وتضيف "إن دماغنا مستعد للتأثر السلبي ويعكس ذلك الأخبار التي نميل أكثر إلى قراءتها، في حين أن الدماغ قد تجد آخر الأخبار شيئا آسرًا، ومن الصعب الجدال في أن كل هذه الأخبار تفيد حقًا".
وتقول برنينج "إن كثيرًا من الآراء والتعليقات المتبادلة لتحليل الأخبار يعادل تلك الشائعات التي تخرج من غرف تناول الطعام، هناك فكرة عن أن متابعة الأخبار تجعلك مواطنًا مطلعًا، لكن كثيرًا مما تراه اليوم إشاعات مرتفعة إلي مستوى متطور".
وتقول "إذا كانت الأخبار التي تقرأها تثير مشاعرك أو تصيبك بالقلق، والبعض يقول هذا هو بالضبط هدف الكثير من التغطيات اليومية، فمن المحتمل أنها ليس لها أي فضل علي صحتك".
لكن خبراء آخرين يقولون إن تأثير الأخبار على صحة الشخص يختلف من شخص لآخر، ويقول كريس بيترز، أستاذ مشارك في وسائل الإعلام والاتصال في جامعة ألبورج كوبنهاجن "الأخبار ليست معدية أو شيء يسبب المرض مثل الجمرة الخبيثة أو فيروس الإيبولا الذي يؤثر على البشر بطرق معقولة نسبيًا، "إنه أمر معقد للغاية - إن لم يكن مستحيلًا - للتنبؤ بكيفية استجابة الناس بشكل عام للأخبار".
ويقول "إنه يجب ألا نركز على كمية الأخبار التي نستهلكها كل يوم، بل على الطرق التي نتعامل بها مع الأخبار فيما يتعلق بحياتنا اليومية والأشخاص الذين يملكونها".
إذا وجدت أن عاداتك الإخبارية تعبث بعلاقاتك أو رفاهيتك، فقد تكون بعض التغييرات التي تطرأ على طرق تفاعلك مع الأخبار مفيدة.
وتنصح ديفي "حاول أن تكون علي دراية بكيف الأخبارالتي تغير مزاجك أو تجعل أفكارك أكثر سلبية".
إذا لاحظت موجة من التشاؤم الناجم عن الأخبار، خذ استراحة مع أنشطة رفع المزاج مثل الاستماع إلى الموسيقي أو ممارسة الرياضة أو مشاهدة شيء ما يضحكك وقد تساعد جميعًا علي مواجهة تلك المشاعر السلبية.
يمكنك أيضًا التجرد من عاداتك الاخبارية، فمعظمنا هذه الأيام لديه تنبيهات الأخبار المثبتة علي هواتفنا الذكية، وعلى مدار 24 ساعة الأخبار توجد باستمرار في الخلفية " وأضافت "ربما يكون ذلك أكثر من اللازم".
توافق برونينج، وتوصي بتقليل قراءتك للأخبار إلى جزء واحد من الوقت كل يوم مثلًا،على الأقل لا تشاهد أو تقرأ الأخبار قبل النوم.
البقاء على علم بالأخبار هو شيء جيد، ولكن عندما يتعلق الأمر بصحتك، فالكثير من الأخبار يمكن أن يخلق مشكلة.
التعليقات