لم تحظ وفاة أحد العلماء، ما حظي به إعلان وفاته اليوم الأربعاء، من حزن واهتمام، نظرا لتأثيره الكبير في علوم المستقبليات، إلى حد يمكن معه القول إنه العالم الذي جعل العلم مادة شعبية.
إنه عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينج، الذي توفي اليوم الأربعاء عن عمر يناهز 76 عاما، والذى كان يعاني من مرض التصلب الجانبي الضموري (العصبون الحركي)، لكنه أصبح واحدا من أكثر علماء عصره شهرة، وحظي باحترام واسع على المستوى المهني والإنساني.
ولد ستيفن ويليام هوكينج في الثامن من يناير عام 1941، في أكسفورد - إنجلترا، وكان منزل والديه في شمال انجلترا، ولكنهم انتقلوا إلى أكسفورد خلال الحرب العالمية الثانية باعتبارها مكاناً آمناً، وعندما بلغ الثامنة من عمره.
انتقلت عائلته إلى "سانت البانز"، التي تقع شمال لندن بـ20 ميل، في سن الحادية عشرة، ذهب ستيفن إلى مدرسة سانت البانز، ومن ثم إلى جامعة أكسفورد، جامعة والده القديمة، ورغم ان والدة كان يفضل الطب ولكن ستيفن أراد دراسة الرياضيات، وتحول إلى الفيزياء بدلاً من الرياضيات، لعدم وجود حينها كلية الرياضيات في الجامعة، وبعد 3 سنوات، حصل على مرتبة الشرف الأولى في العلوم الطبيعية.
التحق "ستيفن" بعدها بجامعة كامبريدج لإجراء البحوث في علم الكون، وأصبح أول باحث ثم أول بروفيسور، نظراً لعدم وجود أي شخص في جامعة أكسفورد يعمل بهذا المجال وقتها، وذلك بعد حصوله على شهادة الدكتوراه، وبعد أن غادر معهد علم الفلك عام 1973، انتقل ستيفن إلى قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية عام 1979.
وشغل منصب "بروفيسور لوكاسي" في الرياضيات عام 1979 حتى عام 2009، وكان تأسس هذا المنصب بداية عام 1663 من الأموال المتبقية عن وصية القس "هنري لوكاس"، الذي كان عضواً في مجلس النواب عن الجامع، واستلم هذا المنصب لأول مرة إسحاق بارو، ومن بعده إسحاق نيوتن في عام 1669.
وفى عام1963، تم تشخيص إصابته بمرض الـALS؛ وهو مرض من الأمراض العصبية الحركية يسمى"مرض العصبون الحركي" وتسبب المرض بشلل هوكينج، إذ كان بإمكانه فقط أن يحرك القليل من أصابعه، ما أدى إلى اعتماد بشكل كلي على الآخرين، أو على التكنولوجيا في غالبية الأمور، مثل الاستحمام، وارتداء الثياب، وتناول الطعام، وحتى الكلام.
واستخدم هوكينج آلة النطق، التي سمحت له بالتحدث بصوت محوسب بلكنة أمريكية، ورغم كونه مقعداً واعتماد كرسيه على نظام الصوت الحاسوبي للاتصال، إلا أنه استمر يجمع بين الحياة الأسرية وأبحاثه في الفيزياء النظرية سويةً، فضلاً عن برنامج مكثف من السفر و المحاضرات.
وهوكينج، الذي يعتبره الكثيرون من أعظم العلماء في عصرنا الحالي، هو عالم في علم الكون، وعلم الفلك، والرياضيات، وقد قام بتأليف العديد من الكتب بما في ذلك كتاب "A Brief History of Time"، والذي بيع منه أكثر من عشرة ملايين نسخة في العالم.
وعمل هوكينج مع معاونه جيم هارتل في تطوير نظرية "الكون اللامحدود"، التي غيرت من التصور القديم للحظة الانفجار الكبير عن نشأة الكون، إضافة إلى عدم تعارضها مع أن الكون نظام منتظم ومغلق.
عمل ستيفن هوكينج على القوانين الأساسية التي تحكم الكون، وأظهر مع روجر بينروز، أن نظرية النسبية العامة لآينشتاين، متضمنة الوقت والفضاء سيكون لها أساس في الانفجار العظيم، ونتيجة في الثقوب السوداء؛ وتحدد هذه التجارب ضرورة دمج النسبية العامة مع نظرية الكم، (التي تعد أيضاً تطوراً كبيراً في النصف الأول من القرن العشرين)؛ ومن النتائج المترتبة عن هذا التوحيد، اكتشاف أن الثقوب السوداء لا ينبغي أن تكون سوداء تماماً، بل يجب أن تصدر إشعاعات تتضاءل وتختفي في نهاية المطاف.
اعتقاد آخر تثيره هذه النتائج، هو أن الكون ليس له حافة أو حدود في وقت تخيلي، وهذا يعني أن الطريقة التي تشكل بها الكون كانت مصممة وفقاً لقوانين العلم، تتضمن منشوراته العديدة، النسبية العامة، والعديد من الكتب الأخرى، بالإضافة إلى كتبه ذات الشعبية الكبيرة مثل تاريخ موجز عن الزمن، والثقوب السوداء، والأكوان الطفلة والعديد من المقالات الأخرى كالكون في قشرة الجوز والتصميم الكبير وموجز تاريخي.
حاز هوكينج على 12 درجة فخرية؛ وحصل على العديد من الميداليات و الجوائز، وقُدم كرئيس شرف للبنك المركزي عام 1989، بالإضافة لكونه زميل لعدة جامعات فلكية، وعضو الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، ولدى هوكينج ثلاثة أولاد، وثلاثة أحفاد، بحسب ما ذكر موقعه الإلكتروني.
وقال أولاده، لوس، وروبرت، وتيم في بيان: "نشعر بحزن بالغ لأن والدنا الحبيب توفي اليوم"، وأضافوا: "لقد كان عالماً عظيماً ورجلاً غير عادي سيبقى عمله وتراثه قائماً لسنوات عديدة، لقد ألهمت شجاعته، واستقامته، وذكائه، وروح الدعابة الذي تحلى بها، الناس في جميع أنحاء العالم. لقد قال في إحدى المرات لن يكون الكون مهماً إذا لم يكن موطناً للأشخاص الذين تحبهم.. سنفتقده إلى الأبد".
التعليقات