قبل نحو شهر تواصلت معه تليفونيًا، وقال لى: (مش ح تيجى أشوفك، ده أنا سميت ابنى على اسمك)، شكرته كثيرًا على تلك المجاملة الرقيقة، حتى لو لم يكن لها فى ظنى نصيب من الصحة، ولكن هذا هو الأستاذ محمد سلطان، وكأنه رقة وعذوبة تتحرك على قدمين.
وتستطيع أن تلمح ذلك فى هذا الموقف، أبقى سلطان على أثاث الشقة المطلة على النيل فى حى جاردن سيتى، ولم يجدده أو حتى يعيد ترتيبه، لإحساسه أن كل تفاصيله ستظل شاهدة على قصة الحب التى جمعته مع فايزة أحمد، على باب العمارة ستجد يافطة (عاش هنا) يعلوها اسم فايزة أحمد، ومن المنتظر أن يوضع بجوارها بعد أقل من شهر أيضًا لوحة محمد سلطان حتى يظلا دائمًا معًا (عاشا هنا) على الأرض، وسيعيشان هناك معًا فى السماء.
الموسيقار محمد سلطان قليل التعامل مع الإعلام، إلا أنك من البديهى أن تلحظ فى أحاديثه أنه شديد التسامح مع كل الأنماط الموسيقية، بينما أغلب فنانى جيل الكبار ناصبوا أغانى المهرجانات مثلًا العداء، كان يرى أن من حق كل فنان أن يعبر بالطريقة التى تحلو له، لا يحرمها ولا يجرمها، المرفوض فقط هو الخروج على الآداب العامة، وهذه هى حكمة السنين، حتى لو كان الرأى الرسمى المتداول بين الجميع يطالب عادة بالمنع التام، إلا أن هذه هى ملامحه الفكرية، التسامح حتى مع من يختلف معه.
قدم ألحانًا تملك القدرة على الحياة، بعضها عمره 60 عامًا، طبعًا فايزة أحمد كان لها النصيب الأكبر، إلا أنك ستلمح أيضًا وردة ومحرم فؤاد وميادة الحناوى وسميرة سعيد وأصالة وهانى شاكر ومدحت صالح ومحمد ثروت ونادية مصطفى. الصوتان الأهم والأكثر جماهيرية عبدالحليم وأم كلثوم كان بينه وبينهما مشروعات لم تكتمل، طبقًا لروايته، فلقد لحن لعبدالحليم فى إحدى المناسبات الخاصة، وبالطبع هذه الأغنيات لا يتم تداولها جماهيريًا، كما أن أم كلثوم عندما اكتشفت تكاسل الموسيقار محمد عبدالوهاب عن استكمال تلحين أغنية (ودارت الأيام) تأليف الشاعر مأمون الشناوى، أسندت الكلمات إلى محمد سلطان، وعندما علم عبدالوهاب تواصل معه، فقال له إنه سوف يعتذر للست، فلا يمكن أن يشرع فى تلحين كلمات بحوزة أستاذه عبدالوهاب.
سبق أيضًا أن أقدمت أم كلثوم على موقف مشابه مع الموسيقار كمال الطويل فى أغنية (أنت عمرى)، تباطأ عبدالوهاب عن استكمال اللحن وتواصلت مع الطويل، ونشط بعدها عبدالوهاب، واضح أنها حيلة (كلثومية) تلجأ إليها كلما أرادت تحريض عبدالوهاب على سرعة التنفيذ.
فى حياة محمد سلطان مشروع ممثل، وبالأحرى نجم وسيم فى الستينيات، إلا أنه بعد عدة تجارب أدرك أن السينما ليست ملعبه.
قطعًا هذا الملحن الوسيم بين الحين والآخر كان يقع فى الحب خارج نطاق الزوجية، وقبل رحيل فايزة أحمد طلبت الطلاق، وتزوجت من أحد ضباط الشرطة، وكثيرًا ما كانت أقسام الشرطة تشهد محاضر اعتداء من الزوج ضد فايزة، وأصيبت بالمرض الخبيث، وتم الطلاق، ثم عادت لسلطان ورحلت بعدها ببضعة أشهر.
لم يتزوج سلطان بعد فايزة، ولكن ارتبط عاطفيًا بميادة الحناوى، وكانت بينهما مرحلة خطوبة قصيرة، لم تدم ربما سوى أسابيع قليلة، واتفقا بعدها أن يظلا صديقين. أيقن محمد سلطان أنه فى حياة فايزة وبعد رحيلها قبل أربعين عامًا، لا امرأة ولا زوجة سوى فايزة أحمد!!.
التعليقات