"لا حرب بدون مصر، ولا سلام بدون سوريا." قول عربي شهير يحمل في طياته معنى وقيمة مصر وسوريا عند جميع شعوب الوطن العربي منذ زمن وإلى الآن.
ظلت سوريا متربعة على عرشها كدولة قوية غنية صاحبة ثروات باطنية طبيعية، وجيش قوى قادر على الدفاع عنها بالإضافة إلى المشاركة في الدفاع عن أي دولة عربية أخرى حيث شارك في حرب فلسطين ١٩٤٨، كما كان طرفا في الصراع المصري الإسرائيلي.
وهذا إلى عام ٢٠١١ حيث قيام ثورة لإسقاط الحكم وتحولها إلى حرب أهلية بين مؤيد ومعارض ليرفع الجميع أيديهم عنها ويتركونها لمصيرها، عم الخراب والدمار، استمر تعداد القتلى في التزايد يوما بعد يوم، مع انهيار شبه كامل لاقتصادها كدولة مصدرة للعديد من المنتجات الصناعية المعروفة بجودتها وكذلك المحاصيل الزراعية وخاصة حبوب القمح التي عانى العرب من نقصها بسبب حرب روسيا وأوكرانيا الآن.
رُفعت الأيادي عنها بعد إثبات تعدى الجيش السوري على المتظاهرين بالعنف والضرب بما يتنافى مع حقوق الإنسان، حاولت جامعة الدول العربية لمدة أربعة أشهر حل الأزمة ووقف العنف المُتبع ولكن لم تفضِ تلك المحاولات إلى نتيجة إيجابية؛ وبناء على ذلك قررت تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية بموافقة ١٨ دولة مع رفض ثلاث دول وهم سوريا ولبنان واليمن مع امتناع العراق عن التصويت، مع مطالبة جميع الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق وهذا بموجب القرار الذي تلاه رئيس وزراء قطر آنذاك.
مع تطبيق الأمم المتحدة لعقوبات سياسية واقتصادية على سوريا كقانون قيصر الذي يمنع بدوره تقديم أي دعم مالي إلى الحكومة السورية أو لشخصية ذات منصب فيها، مع منع أي مساعدة لزيادة الإنتاج المحلي للبلاد، مع إلغاء أي اتفاق يُبرم من أجل عملية الإعمار؛ ومعاقبة المؤسسات والكيانات المقتربة من تلك الموانع.
زيادة عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة ومعاناتهم في بعض الدول التي منعت دخولهم البلاد وإبقائهم في خيام على الحدود حيث برودة الشتاء وحرارة الصيف، رؤية معاناة من بقي في وطنه على أرض الواقع بعد سنوات من السمع، وهذا أثناء محاولة توصيل معونات متضرري الزلزال، ما يحدث الآن في السودان من حرب أهلية مع توقع وصول حالتها إلى سوريا بعد وقت ليس ببعيد، أو لأسباب سياسية أخرى نجهلها، أصدرت جامعة الدول العربية قرارا في اليوم السابع من الشهر الجاري بعودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة بعد تركه بأحد عشر عاما.
عارض البعض بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة؛ حيث لم يعارضوا العودة بل عارضوا الوقت؛ حيث عبرت الأمم المتحدة عن حتمية عودة سوريا إلى مكانها وأخذ الدعم العربي المناسب لها يوما ما، مع عدم استحقاقها هذا في وقتنا الحالي.
عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر والتفاوض مع رئيسها عن حلول للأزمة التي تشعبت في كل المجالات - مع بقاء استقرار الوضع الأمني للبلاد أهم بند في الملف ويليه بند اللاجئين وبند العقوبات المطبقة - أمر مفروغ منه، فلو كان خيرا فخير ولو كان شرا فهو شر لا بد منه.
فعودة سوريا إلى مكانها المُستحق هي مسئولية كل العرب ليس تفضلا ولا إكراما بل ردا للجميل.
التعليقات