ذكرى تقلد رئيس العراق الأسبق صدام حسين مقاليد الحكم؛ عندما تأتي تلك العبارة أمام أعيننا اليوم وبعد سنوات طويلة، تمر مشاهد قصيرة من تاريخ طويل على الأذهان ولو للحظات وهذا في حالة كونك كنت حاضرا مشاهدا لتلك الأحداث على مرأى ومسمع أو أعدت إحيائها بعد انقضائها لترى وتفهم وتسمع إذا أردت.
بعد انقلاب ١٩٦٨ وسيطرة حزب البعث على السلطة، تولى رئاسة البلاد الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر، وأصبح صدام حسين مسئول الأمن في البلاد، أصبح مسئولا عن الأمن في فترة كثرت فيها الاشتباكات الداخلية بين الجماعات والطائفات المختلفة، بين أهل السنة وأهل الشيعة، وبين العراقيين والأكراد، فرأى أن الحل للوصول إلى استقرار سياسي داخلي، والحفاظ على الحكم، وإعلاء مكانة حزب البعث الذي سيصل به إلى السلطة هو المزج بين اتباع أسلوب القمع، وتلبية احتياجات الشعب حيث ارتفاع مستوى المعيشة، فأنشأ أجهزة أمنية صارمة كما أنشأ جهاز المخابرات العراقي، واهتم بالشعب وبدأ بالتعليم، فأعلن مجانية التعليم حتى مراحله العليا، كما أقام حملات لمحو الأمية للفلاحين والعمال، ترأس مؤتمرات وندوات لتعزيز دور المرأة وضرورة تعليمها، وكانت بداية الرغد الاقتصادي الحقيقي بعد أزمة النفط عام ١٩٧٣، حيث نقص النفط في العالم لترتفع أسعاره بعد عام من تلك الأزمة ارتفاعا كبيرا ليأخذ بالمستوى المعيشي للعراق إلى أعلى مستوى معيشي في الوطن العربي، كما أقام أحدث أنظمة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط؛ ليتسلم صدام حسين جائزة من اليونسكو عن مجهوداته؛ ليرضى عنه الشعب ولو لفترة قصيرة.
لتلعب أزمة الحدود بين الدول لعبتها في خلق العداوات وشن الحروب، حيث نشب نزاع بين العراق وإيران على شط العرب وصل إلى دعم إيران للأكراد في حربهم مع العراقيين مما أوصل الأمر إلى قتال عنيف وقصف جوي على مقرات الانفصاليين الأكراد، وانتهى النزاع بداية بتوقيع اتفاقية الجزائر عام ١٩٧٥، حتى نجاح الثورة الإيرانية في عام ١٩٧٩ أي في العام نفسه الذي تولى فيه صدام حسين رئاسة جمهورية العراق، لتبدأ المناوشات من جديد، لتبدأ حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران في عام ١٩٨٠ والتي عُرفت بحرب الخليج الأولى، حرب انتهت بوقوع أكثر من مليون قتيل من الطرفين وهذا بالإضافة إلى الجرحى والأسرى، كما وصلت الخسائر المادية إلى مئات المليارات مما أدى إلى تدهور حالة الطرفين وهم في أوج مراحل ازدهارهم.
وبعد عامين من انتهاء حرب العراق وإيران، حدث الغزو العراقي للكويت مع حرق أكثر من ٧٢٧ بئر نفطي كويتي الأمر الذي حول حربا بين دولتين إلى واحدة من أكبر الكوارث البيئية التي مرت بها دول الخليج لتنشب حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت من الغزو العراقي، مع فرض عقوبات اقتصادية على العراق.
وفي عام ٢٠٠٣، حدث الغزو الأمريكي للعراق حيث أعلنت الأولى عن أسبابها وهى امتلاك الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل مع التخوف من خوضه حروب أكثر دموية مما سبق له خوضها، ليختفي صدام حسين بعدها بفترة قصيرة لتبدأ واحدة من أكبر عمليات البحث في التاريخ حيث أصبح الهدف رقم واحد والأعلى قيمة طبقا لوصف الجيش الأمريكي، ليتم العثور عليه في مزرعة بجنوب تكريت، وتتم محاكمته واتهامه بجرائم الإبادة الجماعية في قضية الدجيل وحملة الأنفال والتي راح ضحيتها آلاف من الأكراد، ولتلك الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية حُكم عليه بالإعدام شنقا، ليُنفذ الحكم على مرأى ومسمع العالم بأسره في صبيحة أول أيام عيد الأضحى المبارك ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٦.
ليس لأحد سلطة على التاريخ بما فيه ومن فيه، ولا لأحد سلطة على اختيار من يُقدم إلى الناس لإحياء ذكراه ومن تُطمس ذكراه، فالتاريخ ملك للجميع، لك فيه البحث والدراسة وإبداء الرأي وانتقاء الشخصيات المحببة لك، والشخصيات التي تميل عنها وعن ذكرها لأنها لا تواكب هواك أو مبادئك، ولكنك لن تستطيع أن تنكر وجودها، فلو لم يكن مالكا لشخصية فريدة حاضرة لما وصل صيته إليك.
التعليقات