كلُّ إنسانٍ فينا يحمل شيئًا من الكسور التي لا تُرى، وشقوقًا خفيّة في جدار الروح، صنعتها ليالٍ طويلة من الصمت، ومواقف عبرت بنا كما تعبر الرياحُ في وجه الصخور، تاركةً أثرًا لا يراه العابرون. نحن كائنات غير مكتملة، ملامحنا الحقيقية تتشكّل من ندوبٍ صامتة أكثر مما تتشكّل من انتصاراتنا المعلنة.
ومع ذلك، فنحن نرى كسور الآخرين كأنها منقوشة على واجهةٍ من زجاج، بينما تمرّ أعيننا على تشققاتنا نحن كما لو كانت غابةً مظلمة لا نجرؤ على التوغّل فيها.
نمدّ أصابع النقد إلى غيرنا، ونغضّ الطرف عن الارتعاش الخفي في أيدينا.
ربّما لأن مواجهة ذواتنا تتطلّب شجاعةً لم نختبرها بعد، أو لأننا نخشى أن تعكس المرآة صورةً لا نحتمل ملامحها. فننهمك في قراءة العيوب على وجوه الآخرين، هاربين من القراءة الأصعب… تلك المكتوبة على جدار قلوبنا.
إن الكسور ليست عارًا، بل شهادة على أنّنا عشنا، وأنّ الحياة مرّت بنا وتركَت أثرها، كما يترك البحرُ نقشًا على الحجارة. لكن السموّ الحقيقي هو أن نرى ما فينا قبل أن نحاكم ما فيهم، وأن ندرك أنّ ما نلمحه من ندوبٍ في الآخرين، قد لا يكون إلا صدىً لكسورٍ في أعماقنا نحن
التعليقات