كراهيتى له تفوق جبال الكون طولا، وسخطى عليه باتساع المحيطات الصاخبة والمتجمدة، وثورتى عليه بحجم البراكين الثائرة التى لا يهدأ أُوارها، وغضبى منه بعمق أغوار الأرض المتأرجحة بين قرنى الثور الملتاث، ومقتى له إلى آخر المدى ونهاية الأبعاد وحافة المنتهى ومنتهى المنتهى.. ودعائى عليه ليل نهار: مع بزوغ كل فجر وغروب كل شمس وظهور هلال كل شهر والخسوف والكسوف وطلعة رجب والنصف من شعبان.. وفى الشتاء والصيف... وتحت قبة السماء وتحت ضوء الأباجورة.. وقبل الأكل وبعد الأكل. وفى الطريق مترجلة وراكبة.. وبينى وبين نفسى وبين الآخرين، وفى الركوع والسجود وعلى عرفات وأمام شباك الرسول وحول جدران الضريح وفى ساحة السيدة وسيدنا الحسين، وعندما أرفع وجهى إلى السماء، وكلما طرق الآذان سمعى أو أنصت لآيات الذكر الحكيم.. أدعو على بنيامين روتينا ليومى ودورة لدمائى وزفيرا لشهيقى ورفّة لجفنى وإيماءة لرأسى وغفوة لعينى.. يواكبنى الدعاء على النيتانياهو.. يصحبنى ينطق به لسانى عفوًا وقصدًا ومع سبق الإصرار والترصد.. أينما كنت أدعو عليه، عند اجتيازى بابا، أو فتحى لنافذة، أو وقوفى أمام موقد أو جذبى لغطاء نوم أو مشاهدتى لتلاميذ مدرسة..

أدعو عليه بحرقة فؤادى ولوعة ألمى وثورة عجزى وأوج أحزانى ورعشة غضبى.. الشيطان الذى لا يهدأ ولا ينهد.. المسعور الذى لا يمل النهش.. المطلوق فى أمم الخلق لأذية الخلق.. عزرائيل الطفولة مفرِّق الجماعات سارق الأوطان لص الأرض والعرض مصاص الدماء باقر البطون مهادن الملتاثين باتر الأرحام سيد المذابح خفاش القبور قاطع الأرزاق كبير الجبناء عظيم الدهاء بليد الحس سقيم النفس سىء الأوصاف مجرم الحرب.. هذا البنيامين الموصوم بحكم أكبر محكمة فى الكون يسرق نومنا وأمننا وراحتنا وضحكتنا.. يزرع الشوك فى وسائدنا، يكسر نفسنا، يخنق أعيادنا، يكبل فرحتنا، ينكد علينا، يقتل أشقاءنا، يعذب جيرتنا، يُيتم أطفالها ويثكل أمهاتها ويدمر بيوتها ويهجّر أهلها ويجوّع بطونها ويسرق قوتها ويُبيد زرعها وطرحها وعلمها ودواءها.. آلام الصوت والصورة على أرض الجوار الشقيق تجعل من لقمة الفم علقمًا وجرعة الماء غصّة والغناء مفسدة والحفل لا معنى له والنجاحات أصفار والقصيدة عرجاء والمؤتمرات بلا فاعلية والمانشيتات طلاسم والبيانات خواء، والنداءات قبض الريح، وأوجه النقص فى تزايد، والتصريحات تكتب على وجه الماء، والفاعليات أكلت الفعل والفاعل والمفعول به، والشجب أكوام قمامة، ويا طالع الشجرة هات لى معاك بقرة تحلب وتسقينى الصبر وتكفكف دموع القهر على 61 ألف شهيدا و145 ألف جريح وغيرهم تحت الأنقاض آلاف.
وكل يوم على الشاشة أصابع الطباشير الدامية بالمئات تنوح عليها ثكالى بالمئات ينتظرن دورهن فى طابور الطباشير المسجى فثُلث الضحايا نساء.. وقاتل الأطفال لا يرتدع بل يزيد ويغزو غزة من جديد ــ وكأنه الآن خارج أرضها – يعيث فيها جورا وفسادا وإبادة بلا رادع أو اهتمام بازدياد كراهية العالم له ولبطانته، فشيطانه يقوده وهناك من يسانده بالضوء الأخضر ليُكمّل مسيرة الضلال.. خبيث الصورة والطوية عديم الإحساس الدساس الوسواس الخنّاس.. أدعو على بنيامين ابن تسيلا سيجال وصهيون نتنياهو أن يُرينا اللـه عن قريب ما يُشفى غليلنا فيه فلم تعد جرائمه تعادل أى عقاب حتى ولو لقى مصير نظيره السفاح الإسرائيلى أرييل شارون من بقى صريع الغيبوبة على مدى ثمانى سنوات من 2006 إلى 2014 تنهش فيها الديدان جسده وتتغذى اليرقات على أعضائه حيًا... وطالع لى بالأمس المفلوت عياره فى طلعته الكالحة وطلته الحاقدة يهذى عن إسرائيل الكبرى.. يا عينك يا جبايرك يا بنيامين!! كل نقطة فى دمى غضبانة عليك.. من حشايا القلب داعية عليك.. يجيلك من الرزايا جبال يابنيامين إسرائيل ويحط عليك.. فوضنا أمرك للرحمن وحده يرينا فيك عظيم انتقامه.. ياقادر ياكريم.

مجرم الحرب
وحتمًا سيضع التاريخ بنيامين نيتانياهو متربعًا وحده فوق منصة أكثر وأسرع وأغبى وأفشل رئيس وزراء استطاع فى غضون شهور اكتساب كراهية وعداء 4 مليارات إنسان ـ أى نصف سكان العالم ــ لشخصه وكيانه ودينه وعقيدته وجيشه ولغته وزوجته، بينما يقف وحده على رأس جماجم الدمار كخيال المآتة هاتفًا فى مشهد الكوميديا السوداء: «إنها أيام الانتصارات الكبرى».. وإذا ما كان ضمير العالم قد تأخر طويلا فى الاستيقاظ ــ ومن عادته أن يفعل - لكن الأسابيع الأخيرة مكنت دم أطفال غزة من الطرق على جدران الضمائر ومراكز القرار خاصة فى الغرب لتغدو عبارات الإبادة والمجاعة العناوين الرئيسية له.. تسللت مشاهد النكبة إلى الأحزاب والجامعات والأفراد واحتلت الشاشات وجاءت أرقام الكراهية تلك فى أحدث استطلاع دولى للرأى أجرته منظمة ADL بالتعاون مع شركة إيبسوس العالمية، ونشرت نتائجه يوم 14 يناير 2025 وتناولته بالتحليل جريدة جيروزاليم بوست الإسرائيلية فى عددها الصادر يوم 27 يناير 2025 وكانت عينة البحث فى الاستطلاع مكونة من 58 ألف شخص من 103 دول يمثلون 94% من سكان العالم الراشدين فوق 21 سنة، وتتساءل الجريدة الإسرائيلية عن جذور تلك الكراهية رغم أن الغالبية من الـ4 مليارات إنسان الذين يكرهون إسرائيل لم يروا يهودا فى حياتهم؟! لماذا كل تلك الكراهية للأقلية اليهودية؟! الأسباب جاءت فى سطور الكاتب الإسرائيلى «بنى موريس» على صفحات الجيروزاليم نفسها بلا مواربة ومنها: أولا: لا مبالاة الجمهور اليهودى إزاء عملية القتل الجماعى فى غزة تبعا لمخطط نيتانياهو بما فى ذلك قتل النساء والأطفال، وثانيا: اللامبالاة أيضا إزاء تجويع الفلسطينيين فى الضفة عبر منعهم من العمل بما يتسبب بالفقر والجوع، إلى جانب الإساءة إليهم ومقتل العشرات منهم على يد المستوطنين. ثالثا: ظاهرة نزع الصفة الإنسانية يوميا عن الفلسطينيين عبر شهادات الجنود بشأن قتل المدنيين فى القطاع، ووحشية الجنود وحراس السجون عند نقل المعتقلين نصف عراة ومعظمهم من المدنيين إلى معسكرات الاعتقال، إلى جانب اللامبالاة عند عمليات الضرب الروتينى والتعذيب داخل المعتقلات والسجون، بينما يقف الجمهور الإسرائيلى غير مبال إزاء هذا كله، إنها أسباب حقيقية وملموسة للكراهية عند العالم كله، ولا علاقة لاشتعال الكراهية عالميا لليهود بمعاداة السامية أو إنكار المحرقة أو التقليل من شأنها أو غير ذلك من حالات الإنكار التى يعيشها غالبية اليهود داخل إسرائيل وخارجها ومطاردتهم المقيتة لأصحاب الضمائر الحية حول العالم الذين يرفضون المذابح البشعة والدمار الشامل ليس فى غزة وحدها وإنما فى أى مكان يحتمى به الشعب الفلسطينى..
ومن أبرز الرافضين الكارهين لجرائم الإبادة الإسرائيلية كبار الكتاب العالميين من الألمان والفيتناميين والروس والأمريكيين والإسرائيليين أيضا الذين عبروا عن رفضهم التام بصورة واضحة وجلية وعلى رؤوس الشهود ومنهم الأديب الألمانى «جونتر جراس» الذى وصف إسرائيل بأنها الأخطر على السلام العالمى، وحملت قصيدته بعنوان «ما يتحتم قوله» التى نشرت فى العديد من الصحف العالمية مثل نيويورك تايمزالأمريكية ولاريبوبليكا الإيطالية وزود دويشه الألمانية» التى انتقد فى أبياتها بلاده ومساعداتها العسكرية لإسرائيل، والتى يبدو أن صدى كلماتها قد ترك أثاره الإيجابية على السياسة الألمانية لتعلن ألمانيا حظر بيع أسلحتها لإسرائيل، ويصرح الفيلسوف الروسى «ألكسندر وجين» بأن دعم إسرائيل فى الظروف الحالية أصبح عملا «غير أخلاقى»، ولقد عبّر الكاتب الأمريكى ناتال تراك عن معارضته للاحتلال الإسرائيلى فى كتابه الصادر فى 2023 بعنوان «يوم فى حياة عابد سلامة» الذى يُلقى فيه الضوء على الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية، وبسبب هذا الكتاب استطاع التغلغل الصهيونى المعادى أن يغلق جميع الأبواب على الكاتب الأمريكى حتى لا يستطيع توزيع مؤلفه أو قراءة بعض مقتطفاته فى لندن ونيويورك ولوس أنجلوس وواشنطن..
فييت ثانه نجوين
أما الكاتب الفيتنامى «فييت ثانه نجوين» الحائز على جائزة «بوليتزر»، فقد وقع رسالة مفتوحة تنتقد فظائع إسرائيل فى غزة، فكان الانتقام الإسرائيلى منه إلغاء قراءة أعماله الأدبية التى كان مقررا أن يلقيها قبل سفره بيومين دون تفسير، وكان فى رسالته المفتوحة قد أدان بشدة العنف العشوائى الذى تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين فى الحرب، وتتعدد رسائل الأدباء المفتوحة المدينة للعنف الإسرائيلى المتضامنة مع القضية الفلسطينية ومنها رسالة الكاتب الأمريكى «كورنيل ويت» التى جاء فيها «إننا نقف متضامنين مع أى شخص يتعرض للاحتلال.. أى مقهور.. أى مظلوم.. ولهذا السبب نحن جميعا نركز على غزة فى هذه اللحظة».. ويشهد شاهد من أهلها عندما يقول الكاتب الإسرائيلى «ميكو بيليد» إن الحرب الإسرائيلية كانت قد بدأت منذ 75 عاما وليس فى شهر أكتوبر 2023، ويذكر أن الصهيونية كحركة ثم دولة إسرائيل التى انبثقت عن هذه الحركة قد أعلنت الحرب على الشعب الفلسطينى وقد رأينا بأعيننا التطهير العرقى والإبادة الجماعية فى هذه الحرب وشاهدنا عن قرب نظام الفصل العنصرى» ويصف «بيليد» إسرائيل بأنها «دولة إرهابية» مُلفتًا الانتباه إلى القمع الذى يعانى منه الفلسطينيون منذ سنوات بقوله: «يتعرض الفلسطينيون للإرهاب كل يوم»، وفى مداخلة هاتفية له يهاجم المذيع البريطانى الشهير جيمس ويل وزميله اليهودى آش جولدر لانحيازهما الواضح لإسرائيل بقوله: «هل فقدتما عقولكما؟! هذا جنون واضح!! تريدان إدانة الضحايا؟! لقد تم ذبح أكثر من 12 ألف طفل وتريدون إدانة الفلسطينيين؟!!
اللعنة عليكم والعار عليكم، أنتم تدعمان دولة الإبادة الجماعية العنصرية الموجودة فى الوقت الحالى وتتحدثان عن الحرب العالمية الثانية؟! عار عليكما.. كلاكما كاذب ومنافق من مجموعة من المنافقين، وكان بيليد قد قال: «إن قطاع غزة قد أنشىء كمعسكر اعتقال، وقد غدا مكانا يستطيعون فيه إلحاق الأذى بكل الفلسطينيين الذين هجروا من أجزاء أخرى من فلسطين، لقد وضعوهم فى هذا المكان وأغلقوه، وأطلقوا عليه اسم قطاع غزة، وبدأوا فى قصفهم وقتلهم منذ زمن بعيد، حولوه إلى معسكر موت، والآن يريدون نقلهم خارج معسكر الموت هذا، الأمر فى حقيقته يتعلق بالقضاء على أمة وشعب وثقافة».
يُتبع الجزء الثاني..
نقلا عن جريدة الأهرام
التعليقات