كعادتها لا تفتأ "لايف العربية" تفتش في كل الوطن العربي بحثاً عن لاعبين يمارسون رياضاتها الخطرة لتقدمهم لقرائها الأعزاء باعتبارهم نموذجاً للشباب الرياضي الذي يمكنهم اتخاذه قدوة.. هذه المرة كنا على موعد مع رياضي من الشقيقة عمان.. رياضي حفر اسمه من أحرف من نور في سجل متسلقي الجبال.. التحدي هو كلمة السر في حياته.. النجاح خياره الذي لا بديل عنه.. اليأس لا يعرف طريقاً لقلبه لذا تراه ينحت في الصخر من أجل تحقيق مراده.. نشأ في بيئة جبلية صنعت منه متسلقاً بامتياز..
استطاع أن يهزم إحدى أعتى القمم الجبلية ومع ذلك لا يجد غضاضة في الاستعانة بمن هم أكثر منه خبرة في المجال الذي يحبه ويعشقه.. مغامراته الداخلية الهدف منها تسليط الضوء على الكنوز الطبيعية التي تضمها السلطنة، أما "الخارجية" فيهدف منها توصيل رسالة إلى العالم مفادها "نحن موجودون وبقوة".. إنه المتسلق العماني أحمد الجابري الذي التقيناه في عمان وكان لنا معه هذا الحوار الذي فتح لنا فيه خزائن أسراره..

ما سبب انجذابك إلى رياضة تسلق الجبال بالتحديد؟
"التحدي" هي كلمة السر التي تقف وراء عشقي لهذه الرياضة، فطبيعتي الشخصية تأبى إلا أن تخوض الصعاب، فأنا أهوى ارتياد الخطر ففيه أجد متعة كبيرة جداً، فضلاً عن أنني من هواة الطبيعة والترحال واكتشاف الأماكن الجديدة، لذا وجدت أنها رياضة مشوقة ومحببة ومثيرة. ناهيك عن أنني أحب الجبال لما لها من هيبة وجمال غريب يأسرك من أول نظرة. وقد تولد لدي عشق التسلق منذ الطفولة، حيث كانت تشدني الجبال بتشكيلاتها الجميلة وألوانها، وعامة منذ الصغر كنت أستغل الإجازات الأسبوعية؛ في الخروج للتمتع بمشاهدة الوديان وتسلق الجبال وقد ولد هذا لديَّ خيالاً واسع المجال.
وهل كان للبيئة العمانية التي تشتهر بوجود مرتفعات وجبال دور في زيادة شغفك بهذه الرياضة؟
في البداية، تسلق الجبال من الأعمال والأمور الطبيعية عند العمانيين، لأن كثيراً منهم من قاطني الجبال أو تحيطهم المرتفعات، والانتقال بين بعض المدن يتم من خلال عبور الجبال وفي بعض الأحيان تسلقها، بالطبع كان ولايزال للبيئة العمانية أثر كبير في زيادة شغفي وحبي للرياضات الجبلية، فعندما تجتمع البيئة المناسبة مع الشغف بالرياضة والظروف المواتية حتماً نكون على موعد مع ولادة رياضي يحب ويبدع خلال هذه الرياضة. وعامة أقضي إجازة نهاية الأسبوع عادة في ممارسة رياضتي المفضلة، فأقوم بتسلق أحد الجبال أو الخوض في بطون إحدى الأودية.
وهل يمارس أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك رياضة تسلق الجبال؟
لاشك أن للأصدقاء دوراً كبيراً في التأثير على اتجاه الفرد، وقد ازددت حباً لهذه الرياضة بعد أن وجدت عدداً من أصدقائي يمارسونها، وأذكر بالأخص خالد السيابي، أول عماني يتسلق قمة إيفرست أعلى قمة في العالم في مايو 2010، وكان ولايزال لـخالد الدور الأكبر في تشجيعي على ممارسة هذه الرياضة. وقد انخرط أخي محمد الذي يصغرني بـ 8 سنوات في ممارسة هذه الرياضة والهوايات الجبلية.

هل وجدت معارضة من الأهل عند ممارستك هذه الرياضة؟ وإذا كانت هناك معارضة فكيف تغلبت عليها؟
قد تتعجب إذا علمت أن عائلتي كانت تدفعني بقوة إلى ممارسة هذه الرياضة، رغم ما يكتنفها من خطورة شديدة، وهو الأمر الذي يدفع الكثير من الأسر إلى إعلان الحرب على أبنائها لمجرد ممارستهم مثل هذه النوعية من الرياضات الخطرة، وموقف أسرتي هذا قد يستغربه الكثيرون، لكن أحمد الله أن أسرتي كانت متفاهمة وقدمت لي الدعم اللازم الذي يكفل لي الاستمرار في ممارسة هذه الهواية، ويفرحون بالإنجازات التي أحققها، ولا يقتصر دعم أسرتي على الجانب المعنوي بل يتعداه إلى الجانب المادي، حيث إن كثيراً من أغراض وأدوات التسلق عبارة عن هدايا تلقيتها من أفراد عائلتي.
هل تتذكر أول قمة جبلية اعتليتها؟
للأسف لا أتذكر بالضبط وقد يرجع هذا إلى أنني بدأت رياضتي في سن صغيرة، وفي الوقت نفسه تسلقت الكثير من القمم، لكن أتذكر أعلى قمة اعتليتها في عمان وهي قمة جبل شمس على ارتفاع 2987 متراً، بعد رحلة مشي 7 ساعات صعوداً و5 ساعات نزولاً.
حدثنا عن أول مغامرة قمت بها؟
في عمان من الصعب صراحة تذكر أول رحلة أو مغامرة قمت بها، لكثرتها، لكن بالخارج كانت رحلة الصعود إلى قمة جبل كينابالو، وهي أعلى قمة في ماليزيا (4095 متراً). الرحلة في مجملها كانت ليومين فقط. اليوم الأول بدأنا المشي من ارتفاع 1800 متر إلى أن وصلنا إلى الملجأ أو النزل الذي سنقضي فيه ليلتنا الأولى على ارتفاع 3772 متراً. وفي اليوم الثاني بدأنا المشي الساعة 2:30 فجراً بهدف الوصول إلى القمة قبل الشروق بلحظات. والحمد لله وصلت القمة الساعة 5:30 فجراً، لكن بسبب البرد الشديد والرياح والأمطار لم نستطع انتظار لحظة الشروق وفضلنا أن نعود أدراجنا مرة أخرى.

هل تتقن أنواعاً معينة من رياضة التسلق؟
الآن أمارس التسلق من نوع sport climbing, bolted وأيضاً أمارس abseiling تحت إشراف المغامر اللبناني خالد عبدالملك الذي أتعلم منه الكثير، واشتركت معه في الكثير من المغامرات ومازلنا نخطط للقيام بعدد من المغامرات المثيرة.
هل تعرضت إلى إصابات سابقة نتيجة ممارستك هذه الرياضة؟
أي إنسان منا معرض لخطر الإصابة، فما بالك إذا كان هذا الإنسان يمارس رياضة خطرة جداً، لكن ولله الحمد مع الحرص واتخاذ كافة التدابير الاحترازية اللازمة من وسائل سلامة واهتمامي بكل خطوة أخطوها، لم أتعرض لأي إصابات خطيرة.
ما الهدف الذي تريد تحقيقه من وراء تسلق الجبال؟
بالنسبة لأهدافي العامة أتمنى أن تسلط مغامراتي التي أقوم بها في عمان الضوء على الكنوز الطبيعية التي تضمها السلطنة، فنحن نمتلك كنزاً طبيعياً يجب استثماره جيداً هذا بالنسبة لمغامراتي الداخلية، أما الخارجية فأنا أهدف من ورائها توصيل رسالة إلى العالم مفادها أننا نحن العرب نمتلك من المواهب الكثير ونحن لسنا أقل منهم، لذا أحرص دائماً على تشجيع الشباب العماني بصفة خاصة والعربي عامة لممارسة مثل هذه الرياضات والهوايات الجبلية، فيمكنني أن أقول أن مغامراتي من أجل وطني. أما عن أهدافي الشخصية فأنا أتمنى تسلق القمم السبع في العالم، والحمد لله تمكنت من تسلق القمة الأولى بنجاح وهي قمة جبل كلمنجارو(أعلى قمة في القارة الإفريقية) التي يبلغ ارتفاعها 5895 متراً.
هل تقوم بدراسة القمم التي تنوي تسلقها أولاً؟
بالطبع، أحرص على دراسة كل قمة أقوم بتسلقها دراسة جيدة قبل اتخاذ الخطوات الفعلية نحو تسلقها وهو أمر مهم جداً لا يمكن أن أغفله، لذلك قبل القيام بمغامرتي تجدني معتكفاً على الإنترنت وإلى جواري بعض الكتب والمجلات المتخصصة التي أبحث فيها عن أي معلومة تساعدني على نجاح مغامرتي. وأيضاً أحرص على التحدث مع الأصدقاء من ذوي الخبرة في هذا المجال. فعلى سبيل المثال وضعت خطة للسنة المقبلة لتسلق قمة Island Peak في الهيمالايا في دولة النيبال التي يبلغ ارتفاعها 6187 متراً، آخر 1000 متر منها عبارة عن جليد، لذا بدأت من الآن في البحث عن أي معلومة تفيدني خلال رحلتي.

هل لديك برنامج تدريبي محدد تلتزم به قبل قيامك بأي مغامرة؟
حقيقة الرياضة تدخل في جميع مناحي الحياة، فهي جزء أصيل من يومياتي التي أواظب على القيام بها، لذا قد تشاهدني صباحاً أركض في أحد المتنزهات وظهراً تجدني أقود الدراجة الهوائية، ومساء أتابع لحظات غروب الشمس وأنا أسير على إحدى القمم الجبلية الموجودة في عمان.
هل واجهتك حيوانات مفترسة فوق إحدى القمم؟
في الحقيقة لم أشاهد أي نوع من الحيوانات الخطرة، فكل ما شاهدته هو ثعابين غير سامة في أودية عمان المختلفة.
هل تحتاج إلى رخصة معينة لتسلق أي قمة جبلية؟
بالنسبة للقمم التي في عمان لا نحتاج إلى أي تصاريح، بينما معظم الجبال المشهورة في الدول المختلفة تكون ضمن محمية وطنية، ما يتطلب إصدار رخصة ودفع رسوم التصاريح.
هل واجهتك مشكلات في الضغط والأكسجين عند تسلق إحدى القمم؟
نعم، قابلتني هذه المشكلة مرتين المرة الأولى في اليوم الثاني من رحلة تسلق قمة جبل توبقال (4167 متراً)، وأيضاً في اليوم الأخير من رحلة جبل كلمنجارو(5895 متراً).

هل تصطحب أسطوانة أكسجين عند تسلق إحدى القمم؟
حقيقة لم أصل بعد إلى الارتفاع الذي يتطلب حمل أسطوانة أكسجين. والتي عادة ما يتم استخدامها الأكسجين بداية من ارتفاع 8000 متر وأكثر.
هل تحرص على أن يرافقك طبيب أثناء رحلاتك؟
لا فمعظم رحلاتي عبارة عن مغامرات فردية، وفي الوقت نفسه لم أصل إلى المرحلة التي أحتاج فيها إلى اصطحاب طبيب. ففي الرحلات التي تكون القمة التي سنصعدها تتعدى 8000 متر عادة ما يكون هناك طبيب مصاحب للفريق.
هل تمارس هذه الرياضة ضمن فريق وإذا كان ذلك، فكيف يتم التنسيق بين أعضاء الفريق؟
في الحقيقة لم تسنح لي فرصة السفر إلى بصحبة مجموعة من اللاعبين، فكل رحلاتي الخارجية (جبل كينابالو 4095 متراً، جبل توبقال 4167 متراً، جبل كلمنجارو 5895 متراً) كنت أسافر بمفردي، أما مغامراتي الداخلية فقد كان يشاركني فيها متسلقون آخرون.
صف لي مشاعرك عند الوصول إلى قمة الجبل؟ وهل تختلف بحسب ارتفاع القمة؟
بالطبع كلما تمكنت من الوصول إلى قمم عالية تنتابني فرحة كبيرة. وعامة ما إن أصل إلى القمة حتى أقف مشدوهاً من عظمة الموقف متأملاً عظمة وإبداع الخالق سبحانه وتعالى. كما أنني أحرص عند الوصول إلى القمة على غرس علم عمان.

هل تحاول التحكم في مشاعرك عند الوصول إلى القمة أم أنك تؤجل فرحتك حتى النزول؟
أود أن أشدد على ضرورة أن يتحكم الرياضي في ردة فعله عند الوصول إلى القمة، بحيث لا يكون مبالغاً فيها؛ لأن المبالغة في الفرح والنشوة تؤدي إلى نتائج سلبية. بالطبع مشاعر الفرح ومتعة لذة الصبر والانتصار على الصعوبات لها طعم خاص، لكنني في حاجة إلى تأجيل نشوة الانتصار حتى الهبوط وبذلك تكتمل فرحتي.
هل تكتنف عملية نزول الجبل صعوبات؟
قد تبدو من الوهلة الأولى أن عملية الهبوط سهلة، فكما يقول المثل "طلوع السلم ليس كما نزوله" على اعتبار أن النزول سهل، وهو اعتقاد خاطئ فالجسم عند الهبوط يكون قد استنفذ جزءاً كبيراً من الطاقة، ومصاباً بالتعب، واستهلك كمية أكبر من الأكسجين، وبالتالي يقل التركيز، ناهيك عن خطورة تعرض اللاعب للانزلاق، والذي يؤدي إلى السقوط في الهاوية مباشرة، وللهبوط مهارات وقدرات بدنية خاصة تختلف عن الصعود.. وعندما يصعد المتسلق لأعلى يكون الضغط على مفاصل الظهر أعلى، في حين يزداد الضغط على مفاصل الركبة في حالة الهبوط، وهو أمر يزيد من التهابها، وعلى جانب التكنيك يختلف استخدام الحبل في حالة الهبوط عن الصعود.
ويتميز الهبوط بأن عملية التنفس تكون سهلة، لأنه كلما انخفض الارتفاع أصبح التنفس أسهل ويصبح طبيعياً مع مرور الوقت، لكن ضغط وزن الجسم والحقيبة يسقط كلياً على الركبتين، لذلك عادة استعين بالعصي الخاصة بالمشي الجبلي وأيضاً استخدام الحذاء المناسب جداً وهو أمر مهم في هذه المرحلة.

أيهما أصعب وأطول زمناً الصعود أم الهبوط؟
الصعود أصعب ويستغرق زمناً أطول، لكن كما قلت النزول أخطر، حيث إمكانية تعثر اللاعب أو انزلاقه.
هل هناك تواصل بين أحمد الجابري وغيره من متسلقي الجبال سواء في عمان أو غيرها؟ وهل تستعين بخبرات أحدهم عند التخطيط لصعود قمة معينة؟
الحمد لله لدي مجموعة كبيرة من الأصدقاء من متسلقي الجبال والمغامرين، وهناك تواصل دائم بيننا، حيث أستفيد من خبراتهم وتجاربهم، خصوصاً وأنني الأصغر سناً والأقل خبرة بينهم، لذلك أستفيد كثيراً من تجاربهم، وقد تعلمت منهم الكثير وتدربت معهم ولازلت مستمراً معهم.
ما هي أدوات السلامة المستخدمة في هذه الرياضة؟
للتسلق أدواته والتي تعتبر أدوات السلامة الرئيسية، وتتكون أساساً من الخوذة وحذاء التسلق وحزام الخصر harness وحبال التسلق الخاصة والتي تتميز بالمرونة وتمتص أثر السقوط، لكن السلامة تكمن في اتباع التعليمات والإرشادات جيداً. وعدم المخاطرة خصوصاً عندما تتأزم المواقف والاستعانة بصديق في وقت الحاجة ومعرفة الظروف الجوية هل هي مناسبة للتسلق أم لا.
ما الأشياء التي تحرص على اصطحابها معك أثناء المغامرة؟
أحرص على اصطحاب صندوق الإسعافات الأولية، والكاميرا الخاصة بي من أجل توثيق اللحظات الجميلة التي أعيشها في مغامراتي بالصوت والصورة، لأنها لحظات تغدو تكون ذكريات جميلة يحب المرء الاستئناس بها بين الحين والأخرى، أضف إلى ذلك أحرص على اصطحاب قلم ودفتر مذكرات لكي أقوم بتدوين وتصوير ما أشاهده وصادفني من أمور في أثناء الرحلة عن طريق الحرف. فحقيقة أنا من عاشقي أدب الرحلات وأحرص دوماً على قراءة الكتب التي تدور حوله، حيث تُعد كتب الرحلات أحد أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية التي يعتمد عليها المؤرخون، لأن كاتبها يستقي المعلومات والحقائق عبر المشاهدة الحية، والتصوير المباشر، ما يجعل قراءتها غنية، ممتعة ومسلية.
هل هناك قمة جبل تتمنى تسلقها؟
بالإضافة إلى القمم الست المتبقية، أخطط لتسلق قمم Snow Leopard الخمس الموجودة في اتحاد روسيا القديم، وأيضا أخطط لتسلق K2 في باكستان، وهي ثاني أعلى قمة في العالم وأصعب وأخطر جبل بالعالم.

ما هي المغامرة الأخطر التي قمت بها، وما المغامرة القادمة التي تنوي خوضها؟
من الكلمات التي لا أحبذها أخطر أو خطير ولا أود إدخالها ضمن قاموسي، لكن يمكنك أن تقول أصعب مغامرة قمت بها، وعندها أستطيع أن أجيبك إن أصعب مغامراتي داخل السلطنة كانت بصحبة المغامر خالد عبد الملك، حيث قمنا بالعبور الكامل لوادي حلفين بالجبل الأخضر في عمان في 30 ساعة من دون توقف، حيث هبطنا بالحبال من أعلى 9 شلالات كبيرة. آخر شلال نزلت من فوقه كان عند الساعة 3:30 فجراً وكان ارتفاعه 110 أمتار تقريباً، وأعتبر هذه المغامرة الأكثر حماساً وتطلباً للجرأة، حيث مازلت أذكر قوة الماء المندفع وبرودته وظلمة المكان، إذ إن مصباح الرأس كان يضيء فقط لمسافة 20 متراً تقريباً. أما بالخارج فرحلتي لصعود جبل كلمنجارو كانت الأصعب إلى الآن.
ما أبرز المخاطر التي من الممكن أن يواجهها المغامر؟
العوامل الطبيعية هي أكثر ما يثير قلق أي مغامر في أي رحلة، وهي عوامل لا يمكن للإنسان السيطرة عليها أو التنبؤ بها. فعلى سبيل الانهيارات الصخرية والثلجية تعتبر من أبرز المخاطر عند صعود وتسلق الجبال، أيضاً حالة الطقس، حيث إن الأمر مختلف عند الارتفاعات العالية، حيث من الممكن أن يتغير الطقس فجأة وهو ما يكون له آثار خطيرة، قد تودي بحياة اللاعب إن لم يكن حريصاً وصاحي الذهن ولديه سرعة بديهة.
اذكر لنا موقفاً طريفاً وآخر صعباً واجهك خلال مغامراتك المختلفة؟
من المواقف الطريفة التي أذكرها عندما كنت في جبل توبقال بالمغرب وكنا في طريقنا للقمة، وذلك عندما التفت إليّ المرشد ليطمئن على حالي فأعطيته إشارة بأن الأمور على ما يرام، وبمجرد التفاته للأمام ليكمل طريقه سقطت في كتلة من الثلج الناعم إلى مستوى ركبتي. أما عن المواقف الصعبة التي أذكرها فتتلخص قي ما حدث لي في اليوم الأخير من رحلتي الأخيرة لجبل كلمنجارو، حيث أصبت بأعراض أمراض الارتفاعات Altitude sikness والتي تمثلت في عدم التركيز في التفاصيل الدقيقة (مثلاً صعوبة في إغلاق سحاب الجاكيت) وكذلك الصداع الشديد وخفقان سريع للقلب وصعوبة في التنفس، حيث تقل نسبة الأكسجين كلما زاد الارتفاع. وقد حدث ذلك عندما كنت أشق طريقي إلى القمة، لكنني ولله الحمد تمكنت من التغلب عليها وأكملت طريقي نحو القمة بسلام.
خطأ ندمت عليه ولم تكرره؟
الحمد لله أستمتع بكل رحلاتي، ولم أشعر بالندم على أي رحلة قمت بها، وقد يعود ذلك إلى أنني أقوم بدراسة المكان الذي سأقصده من أجل المغامرة ومن ثم أقوم بالإعداد لها جيداً فلا أترك شيئاً للصدفة.
هل تفضل الرحلات الجماعية أم الثنائية أو الفردية؟ ولماذا؟
حقيقة أستمتع في جميع الحالات، وقد جربت الأنواع الثلاثة. ففي الرحلات الجماعية أتعلم كيف أعمل بروح الفريق بحيث أقدم يد العون والمساعدة لبقية الأفراد محاولاً رفع معنويات الآخرين. أما في الرحلات الثنائية فاختار رفيقاً أعرف مستواه وقدراته جيداً، وعادة نكون على المستوى نفسه، حتى تتميز الرحلة بخفة الحركة والسرعة وخوض خطوات أصعب. وفي الرحلات الفردية أنتقي الجبل الذي تتوافر فيه أسباب السلامة والأمان.
كيف تمول رحلاتك؟ وهل هناك جهات رسمية تدعمك؟
لا توجد جهة تدعمني إلى الآن، وأمول كل رحلاتي بنفسي. وبكل صراحة هذه إحدى المعوقات التي تواجهني، حيث إن التجهيز للمغامرات أمر مكلف، وأتمنى في المستقبل أن أجد جهة تقدم الدعم ليس لي فقط بل ولكل الشباب العربي الراغب في خوض المغامرة، حتى يتسنى لنا القيام بمغامرات أكبر وأقوى نرفع من خلالها اسم بلادنا عالياً خفاقاً.
الم تتح لك فرصة خوض مغامرة في دولة الإمارات؟
لقد زرت دولة الإمارات الشقيقة مرات كثيرة، لكن معظمها كان بهدف شراء عدة التسلق، حيث يوجد أكثر من مركز مختص ببيع هذه الأغراض في إمارتي أبوظبي ودبي، لكن للأسف! لم تتسنَ لي فرصة القيام بإحدى المغامرات هناك، وإن شاء الله أجد الفرصة للقيام بذلك في المستقبل.
حدثنا عن مغامراتك في كهوف عمان؟
إلى الآن لي 4 تجارب في مغارات وكهوف عمان، 3 منها قمت بها مع مجموعات مختلفة من الأصدقاء والتجربة الرابعة كانت مع خالد عبد الملك. ودخول الكهوف أو كما يسمى Caving يحتاج إلى بعض الصفات التي يجب أن يتحلى بها المغامر منها صفات جسمانية وأخرى نفسية. أولاً، يجب على الشخص التأكد من أنه لا يعاني أي مشاكل في التنفس، حيث إن دخول المغارات يتطلب أحياناً كثيرة أن تزحف في مسارات ضيقة جداً. ثانياً، ألا يعاني رهاب الأماكن الضيقة وهو ما يسمى علمياً بـ Claustrophobia وأيضاً عدم الخوف من الظلام، فعلى الرغم من استخدام المصابيح الخاصة بالكهوف يبقى الظلام عنصراً لوضعه في الحسبان عند دخول الكهوف.
هل تكتفي بالتصوير الفوتوغرافي فقط أم تقوم بتوثيق رحلاتك عن طريق الفيديو؟
عادة استخدم كاميرا من نوع Go Pro وهي مخصصة للمغامرات، حيث أقوم بتركيبها على الخوذة وتقوم بتوثيق المغامرة على شكل فلم فيديو أقوم بعدها بعملية الإنتاج للحصول على أحسن المقاطع.
هل تمارس طقوساً معينة قبيل الصعود إلى الجبل وأثناء المغامرة نفسها؟
لا، لكن في الغالب أقوم بتشجيع نفسي لأرفع من روحي المعنوية وذلك بتذكر عائلتي وأصدقائي وتشجيعهم لي.
ألم تفكر في نقل تجربتك مع التسلق في كتاب؟
حاليا لدي موقعي الإلكتروني الشخصي الخاص بالرحلات وهو: www.omanrover.com والذي أقوم بتحديثه ورفع الصور بعد كل رحلة. لكن في المستقبل إن شاء الله أتمنى أن تتاح أمامي الفرصة لتجميع رحلاتي ومغامراتي خلال في كتاب.
بماذا يحلم أحمد الجابري؟
أحلم بالوصول إلى مرحلة عالية من احتراف هذه الرياضة وأن يصبح أحمد جابر رقماً صعباً في عالم التسلق، كما أتمنى أن أوفق في تسلق القمم السبع.

برأيك لماذا لم تصبح عُمان مقصداً سياحياً لمتسلقي الجبال رغم توافر المقومات الطبيعية؟
أعتقد أن هذا الكلام غير صحيح، فالكثير من الأجانب الذين يزورون السلطنة سنوياً تكون زيارتهم لغرض السياحة وتسلق الجبال المختلفة، وأنا على صلة بمجموعة منهم. لكن المؤسف أن هذه الرياضة لا تجد صدى لدى الشباب العماني، فالقليل منهم يمارسها، والسبب أن الجهات المعنية في السلطنة لم تقنن وتطور هذه الهواية وتشجع عليها، لكن نأمل بإذن الله أن يتغير الحال إلى الأحسن، وسنعمل نحن الشباب على إنجاح هذه الخطوة في بلدنا والمنطقة بشكل عام، وسنحاول أن نستفيد من تجارب الدول المجاورة.
هل فكرت في إنشاء شركة سياحية خاصة بتسلق جبال عمان؟
حقيقة لقد طرح عليّ بعض الأصدقاء هذه الفكرة، لكن لم أجد الدعم الكافي لبدء تأسيس شركة تختص بهواية تسلق الجبال، حيث إن تأسيس شركة مثل هذه يتطلب رأس مال كبيراً. السبب الآخر هو أنني مازلت في المراحل الأولى من ممارسة هواية تسلق الجبال ولا أجد الكثير من الوقت لغيرها من الأشياء. وإن كنت أتمنى تنفيذ هذه الفكرة مستقبلاً، لكن من أين لي بالدعم المالي، خاصة وأن مثل هذه الشركات تتطلب التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص، مثل الشرطة والإسعاف أو جهات حماية البيئة، وهنا لابد من وجود جهة عليا تحمل هذه المهمة على عاتقها؛ لأن الفرد مهما بلغت درجة اهتمامه، لا يستطيع أن يضع هذه الرياضة على خارطة اهتمامات الفرد أو السائح، ولابد من وجود تشريعات وقوانين تتحكم بهذه الرياضة.
في كلمة واحدة ماذا تعني لك هذه الكلمات:
عمان.. الحضن الذي لا أطيق الابتعاد عنه.
الجبل.. حياتي.
الكاميرا.. صديقتي الوفية.
الخطر.. عشقي.
التحدي.. جزء أصيل من تكويني.
الصديق.. الأخ الذي لم تلده أمك.
الحلم.. الأمل الذي نحيا من أجله.
المستقبل.. التحدي الذي أخوضه من أجل أن يكون مشرقاً.
التعليقات