يشهد العالم تطورًا سريعًا في ميدان الاتصالات، وكان لقطاع الإعلام نصيبه منها، فبعد أن تحول الحديث عن وسائل الإعلام المسموعة (الإذاعة) إلى الإعلام المرئي (التلفزيون)، وبعد ما قيل عن التحول الإعلامي والمخاوف التي أحاطت وقتها بالإذاعة عند ظهور التلفزيون، وبعدها البث الأرضي، ثم انتشار الفضائيات، بقيت المسألة نسبية ما بين القبول والرفض، فمع أنه لا جديد ينفي القديم غير أنه يقلص من نسبة متابعيه، إلى أن يعتاد الناس هذا التطور، لتنتقل الأنظار اليوم نحو إعلام جديد بمصطلح حديث اختصر أمورا كثيرة، فأعطى لمرسل المعلومة ومتلقيها مساحة واسعة من الحرية، هذا هو الإعلام الإلكتروني الذي رفع الاحتكار عن الفئة المسيطرة على إصدار وإعطاء المعلومات للمجتمع، حتى أصبح من السهل والسرعة نقل المعلومة، وتعددت مصادرها، وأصبح من السهل الحصول عليها، هذا ما يمتاز به الإعلام بمفهومه الحديث، إذ فتح آفاقًا واسعة للتواصل خلافًا على ما كان عليه بمفهومه التقليدي السائد.
لقد أصبح لأنشطة الإعلام ومجالاتها المختلفة وخدماتها المتنوعة مزايا متعددة تواكب العصر الرقمي الذي نعيشه، فهو إعلام يتم عبر الوسائل الإلكترونية وعلى رأسها الإنترنت.
يحظى هذا النوع من الإعلام بحصة متنامية في سوق الإعلام؛ وذلك نتيجة لسهولة الوصول إليه وسرعة إنتاجه وتطويره وتحديثه، كما يتمتع بمساحة أكبر من الحرية الفكرية، إضافة إلى أنه قائم على نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة المرتكزة على الصدق والمخاطبة لعقول الجماهير التي يرتقي بمستواها.
لذا يمكننا القول بأن الإعلام الإلكتروني دمج الأنماط القديمة بوسائل التقنيات الحديثة في وسيلة واحدة؛ لضمان تفاعل المتلقي مع الخبر والمساهمة في تعديل ما يتلقّاه.
ولا ريّب أن وسائل الإعلام الإلكتروني لا تقصي الإعلام بصورته التقليدية؛ فالإعلام الإلكتروني إعلام مستحدث، والوسيلة الأكثر وصولًا للمجتمع، إضافة إلى أنه فضاء مفتوح للجميع، فلو تمعّنا في ذلك لوجدنا أنفسنا أمام تحدٍ كبير، وأن واقعنا يفرض بأن تكون مؤسساتنا أكثر تفاعلًا للتصدي الأفكار المعادية لأصالتنا، ولكل ما يزرع الفتن والتخريب والتطرف وتشويش الأفكار، خاصةً أن البلاد العربية في وقتنا الحاضر تمر بظروف حساسة صعبة تتطلب منا الحكمة والتريث في نشر المعلومة، كما أن للظروف التي شاع انتشارها سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات وغيرها من المواقع دورًا سلبيًا في التفاعل مع هذه الأوضاع، هذا التفاعل السلبي عبر خلايا التواصل من شأنه أن يقودنا إلى قضية أخرى وهي الإرهاب الإلكتروني.
فيما يرى البعض أن الإعلام قديمًا وبصورته التقليدية أكثر مصداقيّة، يرى البعض الآخر بأن الإعلام التقليدي يأخذ بعض أخباره من وسائل الإعلام الإلكتروني، لهذا يمكن القول إنهما مكملان لبعضهما في أغلب الأحيان.
ونشهد اليوم ظاهرة جديدة في قطاع الإعلام الإلكتروني في ظل الثورة الإعلامية الإلكترونية؛ إذ صار بينها نوع من التداخل والتطور النوّعي، أهمها اختفاء الحدود بين المرسل والمتلقي، فأصبح الجمهور هم صنّاع الرسالة الإعلامية، وأبرز مثال على ذلك ظاهرة "المواطن الصحفي"، والذي شاع انتشاره في الإعلام الإلكتروني الغربي خاصة.
ولأهمية الفضاء الافتراضي الذي هو أحد أهم مفرزات ثورة تكنولوجيا المعلومات والإتصالات التي شهدها العالم، وتفاعلًا مع التطور المذهل لشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وانتشار التقنيات الحديثة للاتصال، وتزايد تطبيقاتها في مجال الإعلام والاتصال، سارعت المؤسسات الحكومية إلى إنشاء الدوائر والأقسام المعنية بالنشر الإلكتروني، الذي يعتبر خطوة متقدمة في مجال الإعلام الإلكتروني المقروء والمرئي والمسموع؛ حيث بات يشكل نافذة مهمة جدًا لنشر أهم الأخبار والقرارات الوزارية من مصادرها الرئيسة والموثوقة، كل ذلك بعيدًا عن الشائعات التي تقود إلى نتائج لا تحمد عقباها.
لذا ينبغي تحري المصداقية أثناء القيام بنشر الخبر بعيدًا عن السبق الصحفي الذي ربما يدفع بالصحفي إلى نقل خبر دون التأكد من صحته، ومن الجانب الآخر توّعية المتلقي بأن ليس كل ما يتلقاه من الإعلام الإلكتروني هو صحيح، بل يحتمل الخطأ إذا جاء من غير مصادره الموثوقة والمعروفة؛ لهذا يجب علينا التريث قبل تداول أي أخبار في مجتمعنا.
التعليقات