كان فوز وزير السياحة المصري السابق الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" انجازًا ثقافيًا عربيًا بكل المقاييس. لطالما حاول العالم العربي أن يضع شخصية عربية تقود تلك المؤسسة الكبيرة، وها هو الحلم قد تتحقق. لقد أصبح خالد العناني أول مصري وعربي يتولى إدارة المنظمة منذ تأسيسها عام 1945. والدكتور خالد هو أستاذ كبير في علم الإرشاد السياحي وباحث مرموق في مجال المصريات. بالإضافة إلى ذلك فإن الدكتور خالد يتمتع بخبرة إدارية كبيرة، كما كانت له إنجازات واضحة خلال فترة توليه وزارة السياحة المصرية والتي شهدت افتتاح عدد من المتاحف وتطوير منشآت سياحية وترميم مبانِ تراثية عريقة.
لا شك أن حصول الدكتور خالد العناني على تأييد 55 دولة من أصل 57 عضواً في المجلس التنفيذي لليونسكو كان أمرًا مبهرًا. لقد استطاع أن يحصل على أعلى عدد من الأصوات منذ إنشاء المنظمة. نال العناني ثقة وترشيح الدول العربية التي عملت بجد لدعم ملف ترشيحه، ونسقت الجهود فيما بينها لمساندته على الفوز. ولا ينبغي لنا أن نغفل دور عدد كبير من الدول الأفريقية والأوروبية التي حرصت على دعم الدكتور خالد العناني دبلوماسيًا ووعدت بالتصويت لصالحه.
كانت حملة العناني التي انطلقت منذ عام 2023 متميزة للغاية استطاع أن يُبرز من خلالها الكفاءة الإدارية والتنظيمية التي يتمتع بها بجانب الكفاءة الاكاديمية. استطاع الدكتور خالد أن يحظى بالدعم الإقليمي والدولي. كانت جولاته في عدد من دول العالم لعرض ملف ترشيحة في غاية البراعة والإتقان. لا ريب في أن مهمة خالد العناني في قيادة اليونسكو لن تكون سهلة. تعاني المنظمة من مشكلات كبيرة أبرزها ضعف التمويل والذي تفاقم منذ انسحاب الولات المتحدة من المنظمة لأسباب سياسية. لقد أثر العجز المالي داخل اليونسكو على خفض النفاق على بعض الأنشطة والبرامج حول العالم. من التحديات الكبرى التي تواجه اليونسكو أيضا ضعف دور الثقافة والتعليم في عدد من البلدان الفقيرة، فضلًا عن الأخطار التي تحيط بعدد من مناطق التراث الإنساني بسبب الحروب أو النزاعات الداخلية.
أثق في قدرة الدكتور خالد العناني على التعامل مع هذه المشكلات ومواجهتها بكل الوسائل العلمية الممكنة. يستطيع الدكتور خالد تجديد شباب منظمة اليونسكو وأن يضع بصمته فيها بطريقته المعهودة من خلال العمل الجاد والمخلص في صمت كما عودنا، ونرجو له التوفيق والسداد في مهمته الجليلة.
بـاحث في التــاريخ والتـراث
التعليقات