لقبه.. صائد التماسيح، والحقيقة أنه عاشق للتماسيح أحبها وأحبته.. فهمها وفهمته.. روضها فكانت طوعاً له بإرادتها متخلية عن طبيعتها العدوانية، أصبحت أكثر رقة ووداعة معه.. ومن المؤكد أن هذه المخلوقات المفترسة ذرفت دموعها عليه، لكنها لم تكن (دموع تماسيح) مزيفة كما نعرفها، لكن دموع حقيقية.
منحت التماسيح ستيف أروين شهرة عالمية، بعد أن صور سلسلة (صائد التماسيح) التي عرضتها معظم تلفزيونات العالم، والتي أنتجها مشاركة مع زوجته تيري، كما شاركته أيضاً إدارة حديقة حيوان مصغرة عرفت باسم "حديقة حيوان أسترالياِ"، حيث كان يمولها والداه في بلدة بيرواه التي تبعد 80 كيلومتراً شمال مدنية بريزبين عاصمة ولاية كونيزلاند الأسترالية.
والغريب أن نهاية ذلك المغامر العاشق للطبيعة والحيوانات لم تأتِ على يد حيوان مفترس أو بين فكي تمساح غادر؛ بل بفعل شوكة سامة رشقتها سمكة في صدره أثناء تصويره فيلماً وثائقياً.
ولد أروين في يوم عيد ميلاد أمه بإحدى ضواحي ملبورن، وانتقل بعدها مع والديه إلى كونيزلاند في عام 1970، وصف أروين والده بأنه كان خبيراً في الحياة البرية خاصة النباتات, وبعد انتقاله إلى كونيز لاند بدأ الوالدان لين بوب في تأسيس حديقة حيوان صغيرة للزواحف، حيث تربى ستيف وكبر وسط التماسيح وغيرها من الثعابين والزواحف الأخرى.
ومنذ صغره كان ستيف يشارك في إطعام الحيوانات والعناية بها، والطريف أن هدية والده له في عيد ميلاده السادس كانت عبارة عن ثعبان أصلة كبير طوله 4 أمتار. وبدأ ستيف الصغير التعامل مع التماسيح وهو في سن التاسعة بعد أن دربه والده لعدة سنوات على فهم طباعها والتعامل معها.
وفي سن التاسعة أيضاً دخل في مباراة مصارعة حرة مع تمساح كبير تحت إشراف والده بالطبع وهزم في الجولة الأولى، لكنه أعاد المباراة بعدها بأسبوع وفاز ومن يومها لم يهزمه تمساح أبداً.
وعندما كبر عمل متطوعاً في برنامج تماسيح الساحل الشرقي بكونيز لاند، واستطاع أن يعيد أكثر من 100 تمساح إلى موطنها الأصلي، ونقل بعضها حديقة حيوان العائلة التي تولى إدارتها في عام 1991 واسماها "حديقة حيوان أستراليا" وذلك في عام 1992.
الطريف أنه التقى زوجته تيري رينيه اختصاصية تأهيل الحيوانات الأمريكية للمرة الأولى في عام 1991، عندما كانت في زيارة لحديقة الحيوان، ونشأ بينهما ما يمكن أن نسميه " الحب من أول نظرة" تقول تيري: "كان ستيف بالنسبة لي أشبه بطرزان, رجلاً يحب الحياة بكل طاقته ويعشق الطبيعية".
وبعد خطوبة استمرت أربعة أشهر تزوج في 4 يونيو 1992 وأنجبا طفلين هما روبرت الذي اسمياه على اسم والده والأخرى هي بندي سو، والطريف أنهما أسمياها اسماً مركباً لحيوانين مفضلين لديهما "بندي" تمساح المياه المالحة، و"سو" على اسم كلب أبيض كان يربيانه!
وكان ستيف يعشق ابنته بصفة خاصة حتى إنه قال عنها: إنها سبب وجوده في الحياة.
الطريف أن الزوجين في شهر العسل انشغلا معاً باصطياد التماسيح وصورا رحلات ومغامرات شهر العسل مع التماسيح لتصبح أول حلقة من سلسلة أفلام (صائد التماسيح) التي أذيعت للمرة الأولى على التلفزيون الأسترالي في عام 1996، وأذيعت بعدها بعام على تلفزيون أمريكا الشمالية لتحقق نجاحاً مذهلاَ، لتعرض بعد ذلك على أكثر من 130 محطة في العالم، وشاهدها أكثر من 500 مليون شخص.
وبفضل ستيف انتشرت اللكنة الأسترالية و(الشورت الكاكي) الشهير الذي كان يرتديه وكلمة "كريكي" التي كان يطلقها كلما اقتنص تمساحاً.
وأنهت محطة Animal planet سلسلة (صائد التماسيح) بفيلم آخر بعنوان "المغامرة الأخيرة" لستيف وكانت مدة الفيلم 3 ساعات وتركز على مغامرات ستيف إروين عبر العالم في أماكن عديدة مثيرة مثل جبال الهيمالايا ونهر يانجتسي الصيني وبورنيو وحديقة كروجر الوطنية.
وصور ستيف أفلاماً أخرى لمحطة " أنيمال بلانت" أو "كوكب الحيوانات" من بينها "ملفات التمساح" ويوميات صائد التماسيح و"حيوانات أليفة جديدة".
ولم يكتفِ ستيف بنشاطه وبطولاته مع الحيوانات فأعلن في يناير 2006 أن قناة "ديسكفري كيدز" وهي قناة للأطفال قد تعاقدت مع ابنته لعمل سلسلة برامج استعراضية مع الحيوانات، لكن القدر لم يسعفه لرؤية تلك السلسلة التي عرضت بعد ذلك باسم "بندي فتاة الغابة".
ورغم عشقه الجارف للتماسيح إلا أنه اضطر لخيانتها عندما صور فيلمه "أكثر 10 ثعابين قاتلة في العالم"، حيث أظهر ستيف شجاعة فائقة في التعامل مع ثعابين شديدة الخطورة تكفي عضة واحدة منها لقتل فيل ضخم في ثوانٍ معدودة، لكن يبدو أن سطوته على التماسيح انتقلت إلى الثعابين التي استطاع ترويضها وكسب ودها وحبها فلم يجرؤ ثعبان على أن "ينفث" سمه في وجهه أبداً.
وتوسعت إمبراطورية ستيف لتشمل بجانب حديقة الحيوان سلسلة برامج وأفلام تليفزيونية ومؤسسة للعناية بالحيوانات أطلق عليها اسم "محاربو الحياة البرية" كما أسس هيئة دولية لإنقاذ التماسيح في أنحاء العالم.
وأدخل أيضاً تحسينات على حديقة حيوان أستراليا فأنشأ "متحف التماسيح" ومحمية طيور الغابات الاستوائية و"بيت النمر" وكان يعد شهرة حديقته مثل كازينوهات لاس فيجاس الشهيرة وروائع الدنيا الحديثة في العالم.
ولم يكتفِ صائد التماسيح بأفلامه الوثائقية فشارك في عدة أفلام بهوليوود من بينها الجزء الثاني من فيلم "د. ليتل" مع إيدي مورفي حيث يحذر أحد التماسيح "ليتل" من أن إروين سيجذبه وأنه سيهاجم لو فعل ذلك، لكن ليتل يفشل في تحذير إروين في الوقت المناسب.
وتطور الأمر مع إروين ليلعب دور البطولة المطلقة في فيلم "صائد التماسيح: طريق الصدام" في عام 2002، وفي الفيلم يحدث الصراع بينه وبين عملاء للمخابرات المركزية الأمريكية C.I.A يحاولون اصطياد الحيوانات، ويقف إروين في وجههم ويحاول منعهم من التعرض لتمساح لم يكن يعرفه، لكن عملاء المخابرات الأمريكية يسعون لاصطياده بعد أن ابتلع جهازاً متطوراً للتعقب وتحديد الأماكن.
وأثبت إروين براعة في الحركات البهلوانية الخطرة والطريفة التي كان يؤديها مع الحيوانات ومع شريكة في البطولة "التمساح المجهول" وحاز الفيلم جائزة أفضل فيلم عائلي كوميدي. كما حقق إيرادات اقتربت من ثلاثة أضعاف تكاليفه التي بلغت 12 مليون دولار, وفي إطار الدعاية للفيلم اشترك إروين أيضا في فيلم كارتوني قصير.
وفي العام نفسه أيضاً 2002 شارك مع أسرته في فيلم "سافاري ويجلي" الذي صوره في حديقة حيوان أستراليا وغنى هو وأسرته ورقصوا مع الحيوانات.
كما شارك في فيلم الرسوم المتحركة "قدم سعيد" في عام 2006، وأدى دور سبع بحر عملاق يدعي " تريف" وتم إهداء الفيلم لروحه لأنه مات قبل عرضه.
كما اشترك إروين في عدة حملات دعائية للترويج للعادات الأسترالية التقليدية ولتنشيط السياحة بأستراليا كما عين سفيراً لقطار الركاب "ذاغان" الذي كان يسير في وسط أستراليا.
واختيرت "حديقة حيوانات أستراليا" أفضل منطقة جذب سياحي في أستراليا عام 2002.
مهمة إنقاذ
نقل ستيف نشاطه إلى المكسيك التي ذهب إليها لإنقاذ سباع البحر على شواطئ شبة جزيرة باجا كاليفورنيا، وفي إحدى المرات وأثناء تصوير الفيلم علم أن هناك غواصين فقدا فأوقف التصوير وتفرغ للبحث عنهما واستطاع إنقاذ أحدهما.
داروين الجديد
ويبدو أن الحديث لن ينتهي عن ستيف واستكشافاته فقد اكتشف نوعاً جديداً من السلاحف البحرية على شواطئ كونيز لاند بأستراليا، أطلق عليها العلماء " سلحفاة إروين" تكريماً له, كما اكتشف نوعاً من الحلزون أو القواقع أطلق عليها العلماء اسم "كريكي ستيف إروين" وحصل إروين على "الوسام المئوي" من الحكومة الأسترالية في عام 2001 تقديراً لجهوده في الحفاظ على الحياة البرية وتنشيط السياحة كما تم اختياره "الشخصية الأولى" في أستراليا عام 2004.
ورشحته جامعة كونيز لاند للقب أستاذ مساعد قبيل وفاته مباشرة، وأصرت على أن تمنحه اللقب في 14 نوفمبر 2007 بعد موته في سابقة تحدث للمرة الأولى في الجامعات الأسترالية.
ويبدو أن الغيرة تملكت حكومة رواندا فأرادت المشاركة في تكريمه بعد وفاته وأطلقت اسمه على مولود غوريللا في حديقة حيواناتها في مايو 2007، كما أطلقت سلطات ولاية كيرالا الهندية اسم على مركز أبحاث إعادة تأهيل التماسيح.
الطريف أن ستيف كان يمارس لعبة "الجودو" والمصارعة الحرة، لكي يجيد التعامل مع التماسيح والحيوانات الأخرى كما كان من عشاق رياضة الكريكيت والرجبي.
ألعاب خطرة
ولعل أخطر ما تعرض له من انتقادات عندما صورته الكاميرات وهو يحمل في يده طفله بوب البالغ من العمر شهراً بينما كان يطعم الدجاج لتمساح ضخم طوله 4 أمتار، وهاجمته الصحافة يومها وقارنت بين ما فعله وما أقدم عليه المطرب مايكل جاكسون عندما حمل ابنه الصغير خارج نافذة الفندق معرضاً حياته للخطر.
واضطر إروين للاعتذار للمشاهدين، مؤكداً أنه لم تكن هناك أي خطورة على حياة ابنه أو حياته هو لأن التمساح مروض وديع.
كما اتهم إروين بإزعاج الحيوانات وبصفة خاصة الحيتان وسباع البحر والبطريق عندما كان يصور الفيلم الوثائقي "محطم الثلوج" في انتاركتيكا.
النهاية الحزينة
الغريب أن صائد التماسيح ومروض الثعابين وقاهر كل الوحوش في الغابات جاءت نهايته على يد شوكة سمكة سامة تسمى الراي اللساع حيث غرزت شوكتها في صدره أثناء قيامه برحلة للصيد والغوص في شمال كونيز لاند، ومن مفارقات القدر أن الكاميرا صورت تلك الحادث ولحظات موته عندما استدارات السمكة ولسعته بذيلها السام في حادثة نادرة لا تحدث إلا مرة واحدة في المليون، وفي أقل من دقيقة كان صائد التماسيح قد مات والفاعل سمكة!
أفلامه
صائد التماسيح 1997-2004
كروك فايلز 1999-2000
د. ليتل ج 2 2001
صائد التماسيح: طريق التصادم 2002
آباء أسطوريون 2002
حافة الباسيفيك 2006
قدم سعيدة 2006
أخطر كائنات الباسيفيك 2007
بندي فتاة الغابة 2007- 2008
السيرة الذاتية
الاسم: ستيف أروين
الميلاد: 22 فبراير 1962 بأستراليا
المهنة: ناشط بيئي- مقدم برامج تلفزيونية- خبير حيوانات
الوفاة: 4 سبتمبر 2006 عن عمر يناهز 44 عاماً في كونيزلاند بأستراليا
سنوات النشاط: 1997/2006
زوجته: تيري اروين التي تزوجها منذ عام 1992 وحتى وفاته
أطفاله: بندي سو أورين – روبرت أروين
التعليقات