الحياة النفسية المستقرة تحتاج منا البحث الدائم عن الخلاص الإنساني والاستقلال الفكري... والتي من أهم سُبلها كسر قيودك التي تضعها لنفسك سواء كانت بسبب المجتمع أو بسبب بعض الكلمات التي تغرزها داخل عقلك كل يوم، فتهمس تارة لها بأنك فاشل وتارة بأنك كسول وأخرى بأنك لا تستحق... لتتكون بؤر سوداوية بداخل عقلك تمنعك من الوصول لبر الأمان النفسي لذاتك... بالطبع تعلم أن وجودنا بالحياة هو أكبر المعجزات وتعلم أيضا أنَّنا خلقنا في كبد أزليًا، وإن طريقنا لا تكسوه الورود بل تملؤه العقبات والتحديات. ولكنه علينا دوما ونحن نتحرك بين تلك العقبات أن ندرك أن الآخرين ليسوا هم من يقف في طريقنا ولن يكونوا أبدًا أكبر الحواجز لتحقيق أمنياتنا، ولا بالمثل أن تعتقد أنَّ واحدة أو اثنتين أو حتى عشرات الظروف هي التي تُعطل قدراتنا، فالحقيقة أن ذواتنا الداخلية هي من تحيط وتتحكم بنا وبما تقوله لنا عقولنا اللاواعية لتسمعها عقولنا الواعية فتنفذه بلا هداوة ولا انتظار...
وعلى الرغم من الهمس الخافت الذي يطرق العقول في كل حين تبقى مقاومتنا له هو أكبر شكلًا من أشكال التحدي للذات... إلى أن تجد من يهمس داخلك أنا أستطيع ولكن... وتكمن في لكن هذه مربط الفرس وبيت القصيد...
ف لكن هنا لا تعني سوى مئات التسويفات التي يفتعلها العقل وعشرات الإيماءات للتنويه بعدم الاستطاعة إلا بتكسير كافة العوائق وتوفير عشرات الأسباب، والتي تعني في النهاية عدم الاستطاعة... فتتحول لمصير يتحكم بك وليس لمصير تتحكم أنت به.
فالحياة يا صديقي لا تنتظر أحدًا والوقت لا يأبه البتة بك أو بوجودك أو بتبريراتك ،، فلن تتوقف عقارب الساعات لخوفك أو لتباطئك أو حتى لوجعك أو لأي أسباب حقيقية كانت أو مُخْتلقه... أنت أمام خصم لا يتهاون. فهو يمضي ويأخذ معه أيامك وعمرك بأكمله. يمضي ليستكمل المسرحية سواء قمت بدورك فيها أو لم تقم... فأنت فيها مثل كومبارس صامت من آلاف منهم ، وجوده غير مؤثر لا في المشاهد ولا في السيناريو برمته... ولنعلم أن النجاح ليس باختيار الطريق الصائب دائما ولكن عليك أن تتعلم مما مررت عليه من طرقات وما سلكته من قنوات ، ولتضع دائما نصب عينيك أنه لن ينجح من تيقن النجاح ولكن نجح من لم يترك لعدم اليقين السبيل لغزو عقله وإيقاف طموحه...
ولا أعني أبدا أنك بنظر الناجحين أحد لفشله لأنك لم تستطع اجتياز ما اجتازوه من أهوال ليصلوا لما هم عليه. فالظروف مختلفة مهما انطبقت. وكل ما تحتاجه للعبور هو بعض الضوء لينير لك العديد من الزوايا والأركان الغائبة، وبعدها أنت من تحدد من تريد أن تكون.
والآن السؤال الذي يجب التوقف عليه... هل جربت سابقا لحظات انتصارك على نفسك رغم كل المعوقات والسلبيات حولك... هل جربت سابقا لذة فوزك بعد الخسارة وسعيك وإصرارك على الوصول... هل اقتنعت أن قوتك التي لا تقهر تكمن في عقلك أنت وحدك... وإن التذمر والشكوى ليست الحل... وإن ما أعطته لنا الحياة في وقتنا الحالي هو ما يتناسب تماما مع معركتك الخاصة كل على حدة. ولكننا لا نرى للأسف سوى ما تسببته لنا هذه الجولات من آلام وإحباطات.
فكن كالحزورة الرياضية المعقدة التي كلما ازدادت معطياتها أبهرت الجميع بدقة النتائج. فلنعمل على أنفسنا ونطور مهاراتنا ونسعى بأقصى ما لدينا من قوة وجهد، ونترك ما أدْمناه مما ليس له قيمة في الواقع العملي وما تمسكنا به من أماكن راحتنا وننفصل عنها. فلن نصل ونحن أسرى لما نحب لنعش الحاضر ونترك الماضي،، ولا نكرر ما كان...
وتذكر من يريد يستطيع فلا تكون أنت العدو الأخطر على نفسك..
التعليقات