بقالى كام شهر بتابع ما سمى بال فى مجال السينما ..وقد أصابنى الجنون “AI” وصرت أردد مفزوعا باللغة العربية العامية.. "أيه !!! .. أأأأأآى!!!".... أنا لا أسخر والله ..والتمسوا لي العذر ..فمن خلال خبرتي التى تناهز ال 30 عاما فى صناعة الدراما سينما أو تليفزيون أو اعلانات و أغانى وبرامج وحفلات الخ .. وقفت كما المجانين أمام صورة تم خلقها بكل مكوناتها من شخصية وتعبيرات وملابس واكسسوار وديكور وأجواء وإضاءة ..الخ فى أقل من دقيقة واحدة ليس أكثر !!!!
فى أقل من دقيقة واحدة تم تنفيذ ما كان يقوم به فريق عمل كامل ليس أقل من 120 فردا على أقل تقدير... وقد تم ذلك من خلال فرد واحد فقط !!!
فى أقل من دقيقة.. تم تنفيذ ما يتم تنفيذة فى شهور عديدة ما بين تحضير و تنفيذ وتكاليف مادية باهظة!!
حالة من الذهول.. حالة من الانهيار ... لم يقوى عقلى على استيعاب ما حدث ..وظننت أننى ربما يتم خداعى و أن هناك خلف أحد الحوائط وربما داخل الدولاب
يختفى "رامز جلال"!!
ولكن سرعان ما عاد إلي الرشد.. وقررت ألا أفكر.. خاصة بأن ذلك سوف ينهى عمل ما يزيد عن 120 فردا فى الصناعة التى تعانى أصلا الكثير من شح العمل...
ولكنى فكرت بقوة فيما سيحدث "لهبة التخيل" لدى الفنان من تدهور و انقراض!!
سرعان ما تذكرت أننى أنا وكل جيلى حينما كنا نسأل على رقم تليفون منزل أى من أصدقائنا كنا نتبارى فى تسميع كل أرقام تليفونات عائلته وجيرانه كنوع من التفاخر!!!
وعندما كان يسألنا أحد عن أى عملية حسابية.. كنا نتسارع فى الرد عليه وكأننا سنفوز بجائزة مهما كانت العملية الحسابية معقدة!!
وكيف كنا نتباهى بجمال خطنا فى كراسات اللغة العربية والتاريخ وغيرها من المواد.. ومدى اتقاننا للخط الرقعة والخط النسخ.. ولكن بعد ظهور الآلات الحاسبة وأجهزة الكمبيوتر انتهى كل ذلك تماما!!
لم نعد نحفظ أي أرقام تليفونات أو أى أرقام أيا كانت..اللهم إلا أرقام هواتفنا الشخصية وربما بالكاد نتذكرها!!
لم نعد نعرف أى عمليات حسابية حتى أبسطها سواء كان ماهو حاصل ضرب رقم 2 في 17!!!!
بل يعجز معظم الناس فى قراءة ما يكتبه هو نفسه بخط يديه!!
ومن هنا ازدادت مخاوفي.. وترددت كثيرا وأنا أنظر إلى الشاب وهو يكتب بعض الكلمات القليلة التى لا تتعدى سطرين..ثم بكل بساطة يضغط على زر.. وفى أقل من دقيقة وهو يرتشف قهوته بكل هدوء .. تظهر له ليس فقط نتيجة واحدة بل "عدة نتائج " فيختار منها الأنسب له !!!!!!
ظلت صورة اصبعه و هو يضغط على الزر .. و علامة التحميل التى تدور فى انتظار النتيجة.. تدور فى رأسى حتى لحظة كتابة تلك السطور.. وأنا اتسائل ماذا سيحل بخيال الفنان عندما يحال الى المعاش بسبب تلك الأله !!
بسبب كبسة زر!!!
أين الانسانية فى ذلك ؟!
ورجعت أستعيد معنى كلمة" فن" .. والتى كنت دوما أبدأ بها محاضراتى سائلا تلاميذى .. ماذا تعنى كلمة "فن" ؟
وبعد جدال وأراء عديدة منهم و اجتهادات مضنية أصل بهم أن معنى كلمة "فن" التى تم الاتفاق عليها عالميا هو"محاكاة الانسان لواقعه" وهنا توقفت كثيرا .. وتسائلت ... أين اذن المحاكاة ... أين الانسان .... أين معنى "الفن" الحقيقى .. فى كبسة زر و “Output” لخيال مكنه صماء ؟!!!
التعليقات