منذ أكثر من 50 عاما وقف الرئيس الأمريكي الراحل جون كنيدي يخطب في الشعب الأمريكي والعالم، موضحًا سياسته لمستقبل الولايات المتحدة للسلام والعدل والديمقراطية.
واسمحوا لي أن أعرض بعض المقاطع الهامة منها..
"هناك أشياء قليلة على وجه الأرض أكثر جمالًا من الجامعة
هكذا كتب ”جون مانسفيلد” في تحيته للجامعات الإنجليزية وكلماته صحيحة اليوم كما كانت في السابق.
لم يكن يشير إلى الأبراج أو الحُرم الجامعية، بل كان يُعجب بالجمال الباهر للجامعة لأنها:
"مكان يسعى فيه أولئك الذين يكرهون الجهل إلى المعرفة
حيث يسعى أولئك الذين يدركون الحقيقة إلى جعل الآخرين يرونها".
كانت تلك هي مقدمة خطاب كيندي والتي تظهر الكثير من المعاني للفارق بين مستوى ثقافة كل من كيندي واي رئيس أمريكي أخر وصولا لو قارناها بخطاب ترامب عند إعادة تنصيبه (تترك لكم المقارنة)
ليعود ويستطرد كيندي:
"لذلك، اخترت هذا الوقت وهذا المكان للحديث عن موضوع يسود فيه الجهل كثيرًا ونادرًا ما تُدرك حقيقته وهو الموضوع الأهم على وجه الأرض:
السلام!!
أي نوع من السلام أعني؟ أي نوع من السلام نسعى إليه؟"
وهنا أجد أنا كاتب هذا المقال في هذين السؤالين أهم قضية نهاني منها اليوم
واليكم إجابة كيندي حتى لا أطيل عليكم:
"ليس "سلامًا أمريكيًا" مفروضًا على العالم بقوة الأسلحة الأمريكية،
وليس سلام القبور أو أمان العبيد!!
أنا أتحدث عن السلام الحقيقي،
ذلك السلام الذي يجعل الحياة على الأرض تستحق العيش،
والذي يمكّن الأمم من النمو والأمل وبناء مستقبل أفضل لأطفالها
- ليس السلام للأمريكيين فقط، بل لجميع البشر-
ليس السلام في زماننا فقط، بل السلام لكل الأزمنة."
ويستطرد كيندي في الحديث عن الطريق الى السلام وصراع امتلاك الأسلحة الفتاكة
ولكنه يعود من جديد لاستكمال نظريته في منطق وفكرة السلام
"أولًا، فلنُعد النظر في موقفنا من السلام نفسه.
الكثير منا يعتقد أنه مستحيل.
الكثير منا يظنه غير واقعي.
لكن هذا الاعتقاد خطير واستسلامي، لأنه يقود إلى استنتاج مفاده أن الحرب حتمية! وأن البشرية محكوم عليها بالفناء!
وأننا أسرى قوى لا نستطيع السيطرة عليها!
لكن لا يتوجب علينا قبول هذا الرأي.
مشكلاتنا من صنع الإنسان، ولذلك يمكن حلها عن طريق الإنسان.
والإنسان قادر على أن يكون عظيمًا بقدر ما يريد."
ويعدو كيندي شارحا عقبات السلام وحلولها الغير مستحيلة رغم وجود العديد من العقبات.. كما يتطرق الى نطاق عديدة منها
إعادة التفكير في العلاقات الدولية.. إعادة النظر في علاقة أمريكا بالاتحاد السوفيتي.. إعادة التفكير في الحرب الباردة. السعي نحو نزع السلاح..
ثم يعود هنا للنقطة التي تهمني في هذا الخطاب:
"السلام في الداخل والخارج
يجب أن يكون نوع المجتمع الذي نبنيه هنا في الداخل مبررًا ومصدرًا لدعم جهودنا الخارجية.
يجب أن نظهر ذلك في التزامنا بأعمالنا اليومية، في خدمة الآخرين داخل البلاد وخارجها، سواء من خلال فيلق السلام أو غيره من الوسائل.
ولكن أينما كنا:
"يجب أن نتذكر أن السلام والحرية يسيران معًا"
لأنه في العديد من مدننا، السلام ليس آمنًا لأن الحرية غير مكتملة.
إن تحقيق السلام العالمي مرتبط بضمان:
"العدالة والحقوق لجميع البشر."
لأن السلام، في جوهره، هو مسألة:
" حقوق الإنسان."
ويعود كيندي بكل قوة ليختتم خطابة التاريخي والذي أرى عن اقتناع انه كان من ضمن أحد الأسباب الرئيسية لاغتياله:
"إن الولايات المتحدة، كما يعرف العالم، لن تبدأ حربًا أبدًا.
نحن لا نريد الحرب.
نحن لا نتوقع الحرب.
لقد عانى جيلنا بما يكفي من الحروب والكراهية والاضطهاد.
لكننا سنكون مستعدين إذا أرادها الآخرون.
سنكون يقظين لمحاولة منعها.
لكننا سنبذل قصارى جهدنا لبناء عالم يسوده السلام
"حيث يكون الضعيف آمنًا والقوي عادلًا".
لسنا عاجزين عن تحقيق هذه المهمة.. ولسنا فاقدي الأمل في نجاحها.
واثقون وغير خائفين، سنواصل العمل
" ليس نحو استراتيجية الإبادة
ولكن نحو استراتيجية السلام."
أتركم وأرجوا منكم إعادة قراءة هذا الخطاب وعمل المقارنة بأنفسكم بسياسة كيندي الذي تم اغتياله لمحاولته إقرار سلام حقيقي على الأرض وبين معظم رؤساء الولايات المتحدة من بعده.
التعليقات