التحليل المعرفي والنفسي لتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على العقل
"انتبه… لقد سُرِق وعيك!"
في عالمٍ يُقاس فيه النجاح بعدد المتابعين...لا بإنجازاتهم ...
وتُحتَسَب القيمة البشرية بعدد الإعجابات... لا بقدراتهم وبإمكاناتهم ...
ينهار أعظم ما في الإنسان:
وعيه!!!
لم ننتبه حين بدأت الرحلة....
كانت مجرد نقرات بسيطة على زر الجهاز ... صور.. منشورات عابرة هنا وهناك وأحاديث قصيرة على الشاشات الصغيرة.
كنا نظن أن وسائل التواصل الاجتماعي قد جاءت لتقربنا....
لكنها –ببطء ودهاء–
كانت تبني سجنًا ذهنيًا عاليا... لا حد ولا نهاية لجدرانه
...ابدا!!!
مما أدى إلى:
تدهور الذاكرة العاملة!!!!
تحليل الحالة:
الوصف:
العقل البشري يعتمد على "الذاكرة العاملة" للاحتفاظ بالمعلومات قصيرة الأمد
أثناء التفكير أو التعلم.
التأثير:
التشتت الناتج عن التنقل المستمر بين التطبيقات والتنبيهات
والذي يضعف قدرة الدماغ على معالجة وتثبيت المعلومات.
النتائج المعرفية:
ضعف القدرة على التحليل المتسلسل أو التراكم المعرفي!
تراجع الأداء الأكاديمي والتعليمي!!
صعوبة في تنفيذ مهام معقدة تتطلب تركيزاً عالياً!!!
الانحدار المعرفي الخفي
هل لاحظت أن ذاكرتك أصبحت أكثر هشاشة؟
أن قدرتك على التركيز صارت لا تتجاوز ثوانٍ معدودة؟
الدماغ الذي كان يُبني بالحكمة... بالقراءة، بالتأمل…
أصبح أسيرًا لوميض الشاشات....
وأصوات التنبيهات.
النتيجة؟
سطحية تفكير!
فقدان العمق النقدي!!
وإدمان على "الوجبات الفكرية السريعة"!!!
لم نعد نقرأ!!
بل نُمرر أصابعنا فوق المعرفة... دون أن تلامس... حتى أرواحنا!!
تصميم للإدمان… لا للحرية
قد تظن أن الأمر عفوي...
لكنه ليس كذلك!!
المهندسون والمصممون –من داخل الشركات الكبرى
"كفيسبوك ويوتيوب وتيك توك.... الخ"
اعترفوا صراحة:
"لقد صممنا المنصات لتسرق انتباهك... ولتزرع فيك الإدمان."
آلياتهم في ذلك كانت مثل:
التمرير اللانهائي (Infinite Scroll)
الإعجابات
والتنبيهات اللحظية
القصص الزائلة التي تخلق خوف الفقد (FOMO)
كلها آليات مستندة إلى علم النفس السلوكي!!
مدروسة وموظفة عن عمد!!
وتعمل تمامًا كما تفعل آلات القمار.
فأنت لا تستخدم المنصة…
بل المنصة ...
هي التي تستخدمك!!
ثم يأتي بعد ذلك مرحلة ...
فقدان العمق الفكري!
الوصف:
الانتقال السريع بين المعلومات (scrolling)
يغذي عقلية "الاختزال المعرفي".
النتائج:
تآكل التفكير النقدي!
فقدان القدرة على ربط المعلومات وتحليلها في سياق أوسع!!
تعزيز "ثقافة التغريدة" بدلًا من القراءة التحليلية العميقة!!!
ومن ثم
السلوك يتغير… والمجتمع كذلك!!
فوسط هذا الإدمان... ظهر مسخ اجتماعي جديد:
وهو:
التطرف في الآراء نتيجة "فقاعات المعلومات" التي تريك فقط ما تُحب...او بمعنى اخر ما تم برمجة عقلك على ان تحب!
ومن هنا تنمو قدرة المستخدم على
التنمر إلكتروني وتشويه سمعة كل من يختلف معه
وذلك يتم بكل سهوله ... بكبسة زر!
كذلك ينمو هوس بالمظهر والذي حولنا كبشر إلى واجهات إعلانية زائفة!!
وفي ظل هذا كله
... تتراجع القيم....
وتنهار المسافات بين كل من:
الحقيقة .... والزيف!!
ونصل الآن إلى مرحلة متطورة أخرى وهي نتاج كل ما فات
الانفصام الجماعي!
وهي تعد النتيجة الصادمة؟
فنحن اليوم نعيش بـ هويتين:
واحدة "رقمية"... مُفلترة.. مزيّفة…!
وأخرى حقيقية... مهجورة... لا تجد من يراها أو يسمعها!!!
نحن نعيش انفصامًا جماعيًا مقنّعًا!
نحاول فيه أن نحظى بقبول من مجتمع افتراضي!!
بينما نخسر ذواتنا الحقيقية على أرض الواقع!!!
ثم تتوالى المراحل السلبية المميتة بعد ذلك
الإدمان المعرفي على "الوجبات السريعة"
مثلما يُفضل البعض الوجبات السريعة الغذائية... أصبح الدماغ مبرمجًا على استهلاك "محتوى خفيف وسريع”.
المؤشرات السلوكية:
الملل من النصوص الطويلة!
التهرب من القراءة المركزة!!
الاعتماد على العناوين والمقتطفات!!!
ولنصل الآن إلى:
التحليل الاجتماعي والسلوكي لتغيير السلوك الجمعي
تطرف الآراء (Echo Chambers)
الوصف:
الخوارزميات تُظهر لك فقط... ما يتماشى مع معتقداتك.
النتيجة:
تراجع الحوار النقدي!
فقدان التسامح مع الآخر المختلف!!
تضخيم ظاهرة الاستقطاب الاجتماعي والسياسي!!!
مما يساهم بقوة لـ الانتشار الواسع للتنمر والتشهير
والسبب:
سهولة الإخفاء خلف شاشة...
غياب الرادع القانوني المباشر...
وتعزيز "ثقافة الفضيحة".
النتيجة:
ارتفاع نسب القلق والاكتئاب بين المراهقين!
تشويه السمعة أصبح لعبة جماعية!!
هوس المظاهر والاعتراف الاجتماعي!!!
الظواهر المرتبطة بـ:
السيلفى...
الترند...
الـ “Likes"
...... الخ
النتائج النفسية:
الانفصام بين الهوية الحقيقية والافتراضية!
هشاشة تقدير الذات!!
تبني قيم سطحية ترتكز على المظهر والعدد وليس الجوهر!!!
هل هذه التأثيرات مقصودة؟
واسمحوا لى ان اكرر بعض تلك الشهادات من داخل الصناعة
أمثلة:
Tristan Harris مصمم سابق في Google):
"لقد صممنا الأنظمة لتسرق انتباهك وتجعلك مدمناً دون أن تشعر."
تابع وثائقيات مثل
The Social Dilemma”"
والتى أظهرت عمق وعي المصممين بعواقب أفعالهم.
التحليل النفسي للتصميم الشيطانى
تقنيات الإدمان المتعمدة:
التمرير اللانهائي (infinite scroll):
يعطل مركز الإشباع الطبيعي في الدماغ!
نظام الإعجابات:
يخلق حلقة تغذية راجعة من الدوبامين!!
القصص الزائلة:
تعزز "الخوف من الفقد” (FOMO).!!
كلها مستندة إلى علم النفس السلوكي وتم تصميمها لادمانك.
النتيجة النهائية:
المستخدم لم يعد المنتج....
بل أصبح هو السلعة!!!
وانتباهك ....
هو ما يُباع للمعلنين!!!
الخلاصة:
انتباهك هو السلعة!
ولذا فنحن لا ندفع مالًا لاستخدام هذه المنصات…
لأننا أصبحنا نحن -أنفسنا- السلعة!
كل لحظة تقضيها على التطبيق... كل حركة إصبع... كل وقفة أمام فيديو
هي عباره عن بياناتك...تشاهدها بكل أريحية وهي.. تُباع!!
ولأجلها تُعاد صياغة أفكارك.... وتُبرمج أفعالك....
وربما يُعاد رسم مستقبلك السياسي والاجتماعي!!!
تحليل أخلاقي وفلسفي
سؤال الحرية والإرادة
هل المستخدم يختار؟
أم أن المنصة تختار لك؟
الإجابة المقلقة:
النظام صُمم ليخدع الوعي ويعيد تشكيله تدريجيًا!!!
ماذا بعد؟
لنعد طرح السؤال الجوهري:
من يملك وعيك الآن؟
وهل ما تفكر فيه… نابع منك؟
أم مما صممه لك الذكاء الصناعي؟!!
إن التحرر لا يبدأ بإغلاق الحسابات.... بل يبدأ بفتح العيون!
بإعادة التفكير.... بإعادة التعلم.... وبكسر الدائرة....
لأن أول خطوة نحو الحرية... هي أن تُدرك أنك كنت مقيدًا.
من العجيب اننا في 2025 مازلنا نتحدث عن الحرية
والتحرر من العبودية ...
ولكن هذه المرة من عبودية تكنولوجيا
وسائل الخراب الاجتماعي!!!
النتائج التراكمية والخطيرة على المدى الطويل
البعد
|
الأثر المتوقع
|
التعليم
|
ضعف التحصيل – انهيار منظومات التركيز
|
السياسة
|
استقطاب حاد – تضليل جماهيري
|
الاقتصاد
|
هيمنة شركات التكنولوجيا – اقتصاد الانتباه
|
الهوية الثقافية
|
تآكل الخصوصية – تغريب ثقافي مقنع
|
وبالنسبة لى شخصيا ...
انهيار ثقافات المجتمع الذي نعيش فيه...
نتيجة كارثة العولمة
مما يمسخ الشخصية بمزيج مهترئ من تعدد بقايا ثقافات وسائل التواصل!
فلا يكون هناك سمات لشخصية كل جنسية ولغتها...
وعندما تنعدم اللغة ... وبالتالي تنعدم الثقافة.. فتنعدم الحضارة ...فينعدم التاريخ!!
خاتمة تحذيرية:
"من يسيطر على انتباهك.... يسيطر على وعيك....
ومن يسيطر على وعيك...
يصوغ مستقبلك!"
وسائل التواصل ليست مجرد أدوات...
إنها بنى تحكمية
تُعيد برمجة الإدراك والسلوك...
إدراك هذه الحقيقة هو أول خطوة نحو التحرر.......
التعليقات