ماذا لو؟
ماذا لو كان الحب يشترى؟
ماذا لو كان بإمكاننا شراء مشاعر الحب الدافئة، تلك التي تذيب جليد القلوب وتنير دروبنا؟ ماذا لو كان يباع بكيلوغرامات من الذهب أو بدفعات من الوعود؟ ماذا لو كان يتواجد على أرفف المتاجر، مغلفا بعلب براقة تزينها كلمات معسلة؟
ماذا لو كان الأمان يشترى؟
ماذا لو كان بإمكاننا شراء شعور الأمان المستقر، ذلك الذي يحيطنا كحصن منيع يبعد عنا المخاوف والأخطار؟ ماذا لو كان يباع بخيوط من الحرير أو بحصى من الماس؟ ماذا لو كان يتواجد في أكشاك صغيرة تزينها شعارات تعلن عن "الهدوء النفسي" و "الراحة من القلق".
هل يصبح مجرد هبة لمن يدفع أكثر، تاركا الفقراء عرضة للخوف والظلم؟
ماذا لو كانت الصداقة تشترى؟
ماذا لو كان بإمكاننا شراء أصدقاء مخلصين، يشاركوننا أفراحنا وأحزاننا، ويساندوننا في أوقات الشدة؟ ماذا لو كان يباع بباقة من الورود أو بعلبة شوكولاتة؟ ماذا لو كان يتواجد في مقاه عتيقة تزينها لوحات تجسد قيمة الصداقة الحقيقية.
هل بإمكاننا شراء مشاعر السعادة، تلك التي تلون حياتنا بألوان زاهية وتملأها بهجة ونشوة؟ ماذا لو كانت تباع بقطرات من العطر أو بلحن موسيقي عذب؟ ماذا لو كانت تتواجد في حدائق غناء تزينها أشجار من "الأمل" والتفاؤل".
ماذا لو كانت هناك دكاكين تبيع الرفقة والاحساس والاخلاق؟
ماذا لو تحولت قيمنا النبيلة إلى سلع قابلة للبيع والشراء؟ ماذا لو أصبحنا نعيش في عالم مفرغ من المعنى، تحكمه قوانين المال والربح؟ ماذا لو ضاعت منا إنسانيتنا، وتلاشى شعورنا بالمسؤولية تجاه بعضنا البعض؟
هل حقا يمكن أن يأتي يوم نقوم فيه بشراء مشاعرنا وعواطفنا؟ هل يمكن تحويل قيمنا النبيلة إلى سلع مادية؟ هل يمكن أن نعيش في عالم خال من الحب الحقيقي والأمان المستقر والصداقة المخلصة؟
تخيل عالما مقلوبا، عالما يختفي فيه دفء العاطفة تحت سطوة المال البارد. عالما تذبل فيه شتلات الثقة تحت وطأة الخداع والغش. عالما تفقد فيه الروابط الإنسانية بريقها وتتحول إلى صفقات تجارية.
لكن ماذا لو رفضنا هذا العالم؟ ماذا لو تمسكنا بجوهر الحب الحقيقي، الصداقة الصادقة، والأمان الحقيقي؟
ماذا لو آمنا بأن هذه المشاعر لا تقدر بثمن؟ وأنها هدايا ثمينة لا تشترى ولا تباع؟
ماذا لو حافظنا على قيمنا الإنسانية، ورفضنا أن نصبح عبيدا للمال؟
إذن لنرفض، نقاوم ظلم هذا العالم ونبني عالما أفضل. عالما يزهر فيه الحب الحقيقي، الصداقة الصادقة، والأمان الحقيقي.
عالما لا مكان فيه لمتاجرة المشاعر، بل مكانا للمشاركة والتعاطف.
عالما لا تقاس فيه القيمة بالمال، بل بجمال الروح ونبل المشاعر.
فهل تملك الشجاعة الكافية لأن تختار هذا العالم؟
هل نختار أن نكون بشرا حقيقيين، أم مجرد أدوات في لعبة تجارية قاسية؟
إن مشاعرنا وعواطفنا هي جوهر وجودنا، وهي الكنز الحقيقي الذي نملكه. إن قيمنا النبيلة هي أساس حياتنا، وهي ما يميزنا عن باقي الكائنات. إن الحب الحقيقي والأمان المستقر والصداقة المخلصة هي ثروات لا تقدر بثمن، لا يمكن شراؤها أو بيعها.
التعليقات