تحتفل مصر هذا اليوم بذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة، وهي تحمل لجيشها كل الحب والعرفان، وتواصل مسيرتها التنموية من أجل رفعة الوطن.
ستظل ثورة 23 يوليو 1952 من أهم الثورات التي قامت ضد الفقر والجهل، وإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وطرد الاحتلال البريطاني، ثورة قام بها الضباط الأحرار في الجيش المصري، وساندتهم جموع الشعب ... كانت حرب 1948 التي أدت الي احتلال فلسطين، دافعا لظهور تنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري بقيادة جمال عبد الناصر، بعدما لمسوه من فساد أدى للهزيمة في تلك الحرب، وفي 23 يوليو 1952 نجح الضباط الأحرار في السيطرة على زمام الأمور.. وأذاع الرئيس الراحل محمد أنور السادات البيان الأول للثورة، وأجبرت الثورة الملك فاروق علي التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو 1952.
وأدار مجلس قيادة الثورة المشكل من 13 ضابطا برئاسة اللواء محمد نجيب ، شئون البلاد، وفي 18 يونيو 1953 ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية في مصر.
فقد غيرت الثورة أوضاع مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغييرا جذريا، فكانت لصالح الأغلبية العددية من المصريين، حيث دعمت المصريين وخاصة الطبقة التي عانت من الظلم والحرمان والعدالة الاجتماعية، كما كان تشكيل الضباط الأحرار لا يمثل اتجاها سياسيا واحدا، بل ضم مختلف الاتجاهات السياسية، كما حظيت بتأييد شعبى واسع، والتي حققت نقلة نوعية لمصر.
حققـت ثــورة يوليــو الكثيــر من المشـروعات الكبـرى والإنجـازات القوميــة مثل زيادة الرقعة الزراعية عن طريق استصلاحها فكانت مشروعات استصلاح الأراضى الصحراوية فى مشروعين كبيرين هما مشروع مديرية التحرير ومشروع الوادى الجديد اللذان أضافا إلى مصر مساحات مزروعة إلى مساحتها التقليدية فى الوادى والدلتا.
قادت ثورة يوليو مجالات التصنيع من منطلق أن الصناعة هى الطريق نحو تحقيق النهضة ، فكانت المشروعات الصناعية العملاقة فى مجال صناعة الحديد والصلب والكيماويات والدواء والإنتاج الحربى، فتحققت لمصر قاعدة صناعية مكنتها من الوفاء باحتياجاتها المتزايدة من الإنتاج، كما تم الاهتمام بصناعات التعدين والبتروكيماويات.
نفذت ثورة يوليو مشروع السد العالى كأحد أهم المشروعات القومية العملاقة فى تاريخ مصر الحديث، بهدف توفير المياه لزيادة الرقعة الزراعية.
حرصت الثورة على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية لأهل الريف فأنشأت الوحدات المجمعة بالريف لرفع الوعى العام بين الفلاحين.
كما تم تأميم قناة السويس، واسترداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي، وتم توقيع "اتفاقية الجلاء" بعد أكثر من سبعين عاما من الاحتلال، كما تم إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة ، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطي عادل للثقافة، وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته مدينة القاهرة، وإنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، ورعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التي أنشاها النظام السابق ثقافي، وسمحت الثورة بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.
اهتمت الثورة بالتعليم لأهميته فى بناء الوطن ، وقامت سياسة الثورة فى التعليم على الجمع بين التربية والتعليم لإعداد المواطن إعداداً سليماً والأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين فى التعليم بعد أن جعلته مجانياً ، كما أنشأت حكومة الثورة وزارة للتعليم العالى عام 1961 ، كما اهتمت بتحقيق التعاون الثقافى مع البلدان العربية الأخرى ومن مظاهر ذلك إنشاء جامعة القاهرة فرعا لها بالخرطوم بدأ العمل به فى أكتوبر 1955.
نظراً لأهمية البحث العلمى فى تحقيق مسيرة النهضة انشئت لأول مرة فى مصر وزارة البحث العلمى لتنسيق الجهود بين مختلف المعاهد والهيئات ومراكز البحوث العلمية، كما تأسس المركز القومى للبحوث الذى صدر به قانون رقم 243 لسنة 1956 ، وأنشئ فى عام 1956 أيضاً المجلس الأعلى للعلوم، ويكفى أن حكومة الثورة قد خصصت لأول مرة فى تاريخ الشرق العربى عيداً للعلم.
اهتمت ثورة يوليو بالثقافة اهتماما بارزا ، فتم إنشاء وزارة الثقافة والإرشاد القومى عام 1958 والتى حرصت على الاهتمام بميادين التأليف والترجمة والنشر ، ونشر دور الثقافة والمكتبات العامة ، كما عملت وزارة الثقافة على رعاية النهضة الفكرية بتشجيع المجلات الأدبية والعلمية فضلا عن تشجيع الفرق المسرحية والفنون الشعبية.
كان لمصر دور رائد سجله التاريخ فى السعى وراء تحقيق التلاحم الثورى الشعبى وتوحيد صفوف القوى الوطنية وحركات التحرر في الدول المحتلة لتحقيق الاستقلال فى أعقاب اندلاع ثورة 23 يوليو 1952 ، وارتبطت الثورة فى الأذهان بصورة الرئيس الراحل الزعيم جمال عبد الناصر الذى بات رمزا لدعم حركات التحرر فى مواجهة الاحتلال واستمرت الصورة هكذا حتى يومنا هذا بعد مرور ٧٢ عاما على قيام الثورة.
إن مصر فى أعقاب ثورة 23 يوليو امتد دورها بشكل كبير فى إفريقيا والمنطقة العربية، حيث لاقت جميع حركات التحرر التى انطلقت فى أعقابها الدعم المادى والمعنوى من مصر، حيث نجحت القاهرة فى دعم حركات التحرر فى عدن وخرجت بريطانيا منها بعد إنشائها قاعدة عسكرية فيها.
وتتجلى الإنجازات من خلال أدوار مصر الإقليمية وعلاقاتها الدولية، بما ينعكس على وضع ومكانة مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي. فقد استعادت مصر جزءا كبيرا من تواجدها فى إفريقيا، خاصة فى ظل توجهات السياسة الخارجية المصرية التى تعظم من تدعيم العلاقات المصرية الإفريقية فى طريقها للتأهل لاستعادة الدور الكبير الذى كانت تلعبه بالقارة من دعم اقتصاديات الدول الضعيفة ودعم حركات التحرر فى مواجهة الاستعمار وتوفير منح دراسية وتوفير الخدمات الطبية التى يقدمها أطباء مصريون فى عدد من الدول الإفريقية.
التعليقات