روحي المحلقة فوق جنبات الكلمات، تترحل عبر قصائد الشعراء كجوهرة سرمدية تعانق متاحف الإبداع. فالشِعْر ليس مجرد أبيات تُرص، بل هو نبض الوجدان، وسمفونية الأرواح التي تتدفق كأنهار الإحساس عبر شرايين الحروف.
في خيالي المتوهج، تتجسد صور الشعراء كلوحات ملحمية حية: المتنبي يتوشح بقفطانه البني المزركش، مُشِّعًا كسيف بُرهان مُشرع من بريق الكلمات. جرير والفرزدق يتصارعان بهجائهما كفارسين يتبادلان الوخز بسيوف البلاغة، وأبو فراس الحمداني يطل بعمامته البيضاء كرمز الشموخ والأبهة.
ليكتمل تعانق محطاتي الشعرية. فهاهو أحمد شوقي أمير الشعراء، وايليا أبو ماضي رسول التفاؤل، وابراهيم ناجي راوي الحنين، وصولا الى عمرو حسن وهشام الجخ في زمننا الأخاذ.
أقف على مشارف إنتهاء العمر ، اتساءل بلهفة روح عاشقة للجمال : هل يمكن للروح ان تظل معلقة بأحلامها رغم تقادم السنين؟ هل الأحلام مقيدة بقيود العمر، ام انها تتحرر من سلطانه؟!
هل ما زال من حقي الارتواء من كأس الشِعر، أم إنني تجاوزت مرحلة الوهج لأستكين في ديمومة العُمر، فاجلس اشاهد هزيمات التلفاز وحلقاته التافهه التي تبتلع ما تبقى ؟!
أرى الشعر لا يعرف حدودا، والاحساس لا يشيخ. روحي لا تزال تنبض بشغف الإستماع، وعيناي تتوقدان لرؤية الشعراء يرسمون قصائدهم على مسرح الوجود.
وحلمي بأمسية شعرية حالمة يرقص بها عقلي مع خيالي على اوتار المعاني..سيبقى خالدًا.
خجلي يتوارى بين طيات المشاعر، وحبي للشعر يتسلل كهمس الأسحار، يداعب أوتار الروح بلحن خالد. فالشعر ليس عمرًا، بل هو حالة وجدان تسكن القلوب وتتجاوز الزمن.
فهل لنا أن نحلم، ونقرأ، ونستمع..
التعليقات