"قضية التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي المعاصر" هو عنوان كتاب الأمة (رقم 20) الذي يصدر عن مركز البحوث والمعلومات برئاسة المحاكم الشرعية والشئون الدينية في دولة قطر، وأعادت مكتبة وهبة بالقاهرة طباعته، وجاء في 208 صفحات.
والكتاب لمؤلفه د. زغلول راغب النجار – يحمل قضايا شديدة الإلحاح في عالمنا المعاصر، وهو – أي الكتاب – كما يقول عمر عبيد حسنة في التقديم "يجئ مساهمة في تحقيق الوعي الحضاري وإعادة بناء الشخصية المسلمة بعد أن افتقدت الكثير من فاعليتها ومنهجيتها وصوابها وأبعاد تكليفها ومسئوليتها".
يعتمد الكتاب في مجمله على الأرقام والإحصائيات والأسلوب العلمي المبسط بغرض تقديم صورة حقيقية عن أبعاد القضية التي تحمل العنوان، ففي الوقت الذي تنفق فيه الدول الكبرى ما بين 2% و4% من إجمالي ناتجها القومي على عمليات توظيف البحث العلمي من أجل التنمية، فإننا نجد أن إنفاق الدول الإسلامية لا يتعدى 0.3%.
إن هذا التفاوت الكبير يخلق مسافات أكبر وفجوات علمية وتقنية أعمق بين هذين النوعين من الدول في العالم.
إن الكتاب يناقش – وبصورة مبسطة جداً تخلُّف المسلمين علميًّا وتقنيًّا وإهمالهم لدراسات العلم والهندسة.
وهو بعد أن يتحدث عن هذه العوامل يؤكد أن التقدم العلمي والتقني لهو من أهم ضرورات الوجود الإنساني على الأرض، وأن البديل المطلوب للإنسان المسلم اليوم هو ملاحقة هذا التقدم في ظل الإيمان الصحيح بالله وبالمفهوم الإسلامي الشامل.
- ولكن ما هو المقصود بالتقدم التقني؟
يجيب المؤلف – ص47 – على هذا السؤال بقوله: إن المقصود بالتقدم التقني هو استمرارية التقدم والنماء على أساس من توظيف كل المعارف المتاحة، وابتكار وتطوير الوسائل اللازمة لتسخير تلك المعارف في عملية التنمية الشاملة وليست السلع أو الخدمات الناتجة عن ذلك.
إن مسيرة العلم والتقنية عبر التاريخ قد مرت بعدة مراحل هي: العصر الحجري والعصر الزراعي والعصر البرونزي وعصر الحديد، ثم عصر الحضارات القديمة، ثم عصر الحضارة الإسلامية، ثم عصر النهضة الذي أعقبته الثورة الصناعية الأولى (في أوروبا إبان القرن الثامن عشر) والثورة الصناعية الثانية (في أوروبا إبان القرن التاسع عشر) ثم أخيراً – وليس آخراً – عصر الثورة التقنية في القرن العشرين الذي قسَّم العلم إلى أقسام ثلاثة:
- دول متقدمة علمياً وتقنياً.
- دول نامية علمياً وتقنياً.
- دول متخلفة علمياً وتقنياً.
لقد تركت التقنية – رغم كل التقدم الذي يشهده العلم من خلال ما تقدم – كثيراً من الآثار السيئة التي تضرُّ بالمجتمعات وبالإنسان، ففي دول الشمال حيث كان التركيز على توظيف كل رصيدها من التقدم العلمي والتقني في عملية الإنماء المادي وحدها، وجدت مردودات سيئة على تلك المجتمعات قبل أن تكون على بقية دول العالم، فقد صاحب ذلك ازدياد واضح في معدلات الجريمة، وفي تقنيات أدائها، وفي انتشار إدمان المخدرات، وزيادة تفكك الأسرة، وجنوح الأحداث، وفي الإفراط في التحلل من القيم الأخلاقية، وزيادة الاصابة بالأزمات النفسية والانهيارات العصبية وبالأمراض المستعصية المستحدثة والقديمة، وبالرعب الشديد في مخزون الأسلحة النووية والكيميائية والجرثومية والتقليدية المتطورة عند مختلف أطراف الكتل المتصارعة، بالإضافة إلى تلوث البيئة.
أما في غالبية الدول – ومنها الدول الإسلامية – فإن محاولات اللحاق بركب التطور العلمي والتقني، وتوظيفه في عملية التقنية لا تزال تتعثر في خطط عشوائية غير مستهدية بالمنهج الصحيح.
يذكر أن د. زغلول راغب محمد النجار ولد في قرية مشال مركز بسيون بمحافظة الغربيّة بمصر، في 17 نوفمبر 1933، وهو عالم جيولوجيا وداعية إسلامي مصري، اشتهر بإلقائه محاضرات وندوات عن الإعجاز العلمي في النصوص المقدسة الإسلامية (القرآن والحديث النبوي). درس في كلية العلوم جامعة القاهرة وتخرج فيها سنة 1955 بمرتبة الشرف، وكُرِّم بالحصول على جائزة الدكتور مصطفى بركة في علوم الأرض، وهو زميل الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية وعضو في مجلس إدارتها، وأحد مؤسسي الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
التعليقات