وسط هذا العالم الذى حاق به الجنون من كل مكان ، عالم قاسي يأبى الشفقة أن تدخل قلبه يمتلىء صراعات من كل جانب ويدمرمن يقف مكتفيا بسلامه النفسي مع الأخرين فكيف نتعامل مع هذا العالم فجر كل يوم ؟
إنطلقت الإجابة على لسان صديقتى مروة فلنحتمى "بالمباهج الصغيرة " ساقت الاقدار إليك قطة صغيرة أتت إليك تتمسح راغبة فى العطف والحنان وبعض اللقيمات فاقتنص تلك اللحظة فهى بهجة صغيرة أرسلها الله لك .
طائر النورس الذى يحيط بمدينتى الصغيرة بورسعيد كل موسم خريف وشتاء نلقى إليه بعض القطع الصغيرة من الخبز ليتلقطها بحرفية عالية تجد فى عينيه ترقبا تعشقه وتصير بهجتك اليومية تلك اللحظات فى وسيلة انتقالك اليومية "المعدية " تنقلك من قارة أسيا إلى قارة أفريفيا.
السماء الشاسعة بألوان يعجزعن رسمها (فان جوخ ) وأشهرالرسامين فى العالم تتأملها فتدخل فى قلبك سكينة وهدوء لتجد دموعك تهرب منك لترحل ومعها تنهيدة راحة تلك بهجة صغيرة أرسلها الله لك .
صديقتى الكاتبة الرائعة ( رحاب صفار) من الكاتبات المتميزات إضافة إلى ذلك وجدت فى بعض يومياتها على صفحتها الرسمية على الفيسبوك نظرية "المباهج الصغيرة" فأصبحت تميل إلى التنقل بوسائل المواصلات العامة لتجد لمحة مفرحة فى تعاملات الناس أو مواقف مبهجة يرسلها الله لها قدراً فيتغير يومها للأفضل تلك بصيرة ونعمةأتمنى أن يديمها الله عليها .
شعرت بقيمة تلك المباهج وأهميتها حينما أصبت بكسر فى مفصل القدم على نحو مفاجىء وغريب وسجنت فى سرير مدة شهرين لا أغادره سوى لعمل إجراءات الأشعة لبيان الوضع وتطوره ، وإنضم إليها مباهج كنت أظنها روتين يومى معتاد فكنت أشتاق لبهجة صنع الطعام بيدى لأسرتى وأتلمس نظراتهم وفرحتهم به ، كنت أشتاق لبهجة السجود بشكل طبيعى واجدها بهجة يومية قد يجدها البعض إعتياداً ، بهجة الصحة والقدرة على عمل ما نشاء وقتما نريد والله أنها لبهجة كبيرة رغم صغرها فى أعيننا أحيانا ، فأنجبت معاناتى بصيرة لمباهج صغيرة تنضم لرفيقاتها لتزيد مساحة سلامنا النفسي وتهون علينا المعاناة .
العالم يستيقظ يومياً على مشاحنات لا ناقة لنا فيها ولا جمل وعلى مفاجأت حارقة للأعصاب وصرنا نلقى همومنا على صفحاتنا أو بين سطور أحاديثنا مع الأخرين فصرنا بدون ترتيب مسبق منا مصدراً للكأبة والحزن وأصبحنا نهرب من أنفسنا ونتجاهل أحيانا ِنعم ُترسل إلينا يومياً مجاناً وبدون مصاريف شحن .
الله لا تغيب عنه شاردة ولا واردة ويدرك النفس التى خلقها فقط ينقصنا إدراك هداياه وإشاراته وأن لا نستهين بلحظة مهما بلغت من صغرها أن تدخل السرور على قلوبنا ، قد يرسلنا الله لنربت على كتف أحدهم فيبتسم تلك بهجة كبيرة فى قائمة "المباهج الصغير ة"
فلنحتمى جميعا بنظرية "المباهج الصغيرة" ونبحث عنها بين سطور حياتنا ولا نبخل أن نكون جزءا منها فنتتبعها ونلحق الأخرين بها لنجد ثغرة مفرحة فى يوم تكدس بالرغبات اغلبها صعب محال واضعفها يؤرق البال.
التعليقات