على الرغم من صغر كتاب "إقبال والعرب" الذي احتوى على 112 صفحة من القطع الصغير، فأنه مفيد للغاية لأنه يضع أيدينا على بعض الحقائق الخافية علينا عن الشاعر الإسلامي الكبير محمد إقبال.
لقد تعددت الجوانب الثرية في هذا الأديب والشاعر والمفكر، ولكن يأتي الدكتور سمير عبدالحميد إبراهيم (1946 – 2019) ليلتقط جانبًا واحدًا فقط في هذا الشاعر وهو علاقته بالعرب.
ويدخل ضمن هذه العلاقة علاقته بالعربية أيضًا.
صدر الكتاب عن مكتبة دار السلام بالرياض وفيه يستعرض حياة محمد إقبال (1877 - 1938) الذي عُين أستاذًا للغة العربية في الكلية الشرقية بلاهور بعد حصوله على شهادة الماجستير، ثم يتحدث عن اهتمام العرب بإقبال الذي كان من أهم آرائه أن الإسلام هو النظام الوحيد الذي يضمن نجاة العالم.
ويوضح المؤلف أن الدكتور عبدالوهاب عزام هو أول من قدَّم إقبالا إلى القراء العرب حيث ترجم له ديوان "بيام مشرق" أي "رسالة الشرق" ونشر عام 1951 كما ترجم ديوان "ضرب الكليم" ونشر بالقاهرة عام 1952 وبعدها ترجم إقبال في مسجد قرطبة وطبعته سفارة باكستان في جدة عام 1955 وغيرها من الترجمات.
كما ترجم لإقبال أيضًا كل من الشيخ أبو الحسن الندوي ومحمد حسن الأعظمي والشيخ الصاوي شعلان، بالإضافة إلى ما كتبه عنه بعد ذلك كل من نجيب الكيلاني وعباس محمود العقاد ومحمد حسين هيكل وأحمد حسن الزيات وطه حسين وفتحي رضوان وعثمان أمين وحمدية مجيد وعمر بهاءالدين الأميري وخليل الرحمن عبدالرحمن.. وغيرهم.
أيضٍّا تحدث المؤلف - وهو أحد الذين كتبوا عن إقبال بطبيعة الحال - عن اهتمام إقبال بالعرب والعربية. لقد عوَّده أبوه على تلاوة القرأن الكريم صباح كل يوم، فامتلك سرَّ البلاغة التعبيرية من خلال توجيهات أبيه، وأعجب أشد الأعجاب بالشعر العربي القديم وواقعيته، وما يشتمل عليه من معاني البطولة والفروسية، لقد أُعجب بالمعري وعمرو بن كلثوم والبوصيري وكعب بن زهير وزهير بن أبي سلمى وامريء القيس وغيرهم. وضمَّن أشعاره أبياتًا لبعض شعراء العربية كما أنه أدخل ألفاظًا عربية في عالم الشعر الأردي وبخاصة في الموضوعات الدينية مثل، طواف، حج، زكاة، أذان، حرم، توحيد، جهاد، مسيح، جمال، جلال، نور كليم، ضرب كليم، خليل، معجزة، وحي، مصحف، جبريل، وغيرها.
لقد اتصل إقبال بالعالم العربي، وزار بعض البلاد العربية، وكتب هذا في خطاباته وكتبه، وكانت أوَّل زيارة عربية له إلى مدينة بورسعيد عام 1905 حينما كان في طريقه إلى إنجلترا، ثم زار مصر قبل حضوره المؤتمر الإسلامي بالقدس في أول ديسمبر 1931، فوصل الإسكندرية ومنها إلى القاهرة، وألقى محاضرة في جمعية الشبان المسلمين وبعدها اتجه إلى فلسطين، ثم زار بعد ذلك كلًّا من الشام وليبيا، والجزيرة العربية.
لقد وضع إقبال ديوانًا مشهورًا بعنوان "أرمغان حجاز" أي "هدية الحجاز" وفيه يوجه حديثه إلى أهل الجزيرة العربية في عدة رباعيات بالفارسية. كما وجه أشعارَه إلى الملك عبدالعزيز بصفته سلطان الحجاز وذلك بعد توحيد الجزيرة العربية.
التعليقات