تأملوا الحكايتين: الأولى بطولة سعاد حسنى، الزمان مطلع السبعينيات، ذهبت سعاد مساء إلى الفندق الذى تعود أن يسهر فيه محمود مرسى، كانت تسبقها دموعها، عندما رآها محمود احتضنها وطيّب خاطرها، قالت له: (سعيد مرزوق طردنى أمام كل العمال من الاستوديو)، سألها غاضبًا: كيف يجرؤ هذا المجنون؟ قالت له إنها أثناء تصوير فيلم (الخوف)، اقترحت عليه تغيير زاوية الكاميرا فى لقطة تجمعها مع نور الشريف، فلم يعلق حتى برفض الفكرة، فقط قال لها: (اطلعى برة)، انتظرت سعاد ما الذى يقوله محمود مرسى، وكانت قد شاركت قبلها مرسى ونور فيلم سعيد مرزوق الأول (زوجتى والكلب)، ولو كانت سعاد انسحبت من الفيلم الأول أو الثانى لتوقف المشروعان لأنهما استندا فى التوزيع الخارجى إلى اسم سعاد، بينما كانت تلك هى أول أفلام سعيد مرزوق لإخراج الأفلام الطويلة.
قال لها محمود مرسى: (سعيد مرزوق عنده حق يا سعاد، كيف تجرؤين على توجيه المخرج، لماذا لا تمارسين الإخراج؟)، لم تعمل بعدها سعاد فى أى عمل فنى جمعها مع مرزوق أو مرسى!!.
الحكاية الثانية نهاية الستينيات، بطلها عبدالحليم حافظ، الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، واحد من أهم الأقلام الذين دعموا عبدالحليم حافظ فى بداية المشوار، كانت العلاقة بينهما لها مذاق الصداقة.
قدم حليم لإحسان روايتى (الوسادة الخالية) و(البنات والصيف)، وصولًا لآخر أفلامه (أبى فوق الشجرة)، سوف تقرأ اسم إحسان مشاركًا أيضا فى السيناريو.
خلاف فكرى بينهما أحال المرحلة الزمنية التى تتناولها القصة، فى الأربعينيات، إلى الستينيات، اعترض إحسان، وتمسك عبدالحليم باعتباره أيضا المنتج، ستلمح على (تترات) الفيلم اسمى كل من سعد الدين وهبة ويوسف فرنسيس مشاركين فى السيناريو. إحسان عندما اعترض على تغيير المرحلة الزمنية، قال لحليم: (إذن، اكتب أنت يا عندليب وأمثل أنا). سر تمسك إحسان بتفاصيل الرواية أنها كانت تتناول حكاية حقيقية عاشها فى مرحلة شبابه المبكر، عندما ارتبط بفتاة، ولم تكن أمه السيدة روزاليوسف سعيدة بتلك العلاقة، وأرسلت له زوجها زكى طليمات لكى ينقذه من السقوط فى الحب، إلا أنها فوجئت بأن طليمات وقع فى حب نفس المرأة، ومن هنا جاء العنوان (أبى فوق الشجرة)، الذى اعترض عليه أيضا عبدالحليم، وتقريبًا كل فريق العمل، أول صورة تسيطر عليك بعد قراءة العنوان هى قرد يقف فوق الشجرة، إحسان وافق على تغيير المرحلة الزمنية للرواية، إلا أنه اعتبر أن عنوان (أبى فوق الشجرة) خط احمر لا يجوز لعبد الحليم، بطل ومنتج الفيلم، اختراقه.. وحقق الفيلم إيرادات ضخمة تعد من بين الأكبر فى تاريخ السينما المصرية، وكان من المفترض أن يلتقيا فى فيلم (تائه بين السماء والأرض)، تعاقد عبدالحليم مع إحسان على كتابته.
صراع حتمى يتكرر بين كبار المبدعين، ويتعدد أبطاله، فاتن حمامة كانت هى بطلة حكاية حسين كمال فى (إمبراطورية ميم)، عندما أصرت كعادتها على أن تدخل غرفة المونتاج أسوة بما كانت تفعله مع مخرجها الأثير هنرى بركات، بينما حسين كمال بمجرد أن رآها أوقف العمل، حتى أدركت فاتن أنها غير مرحب بها وغادرت الاستوديو، ولم تقدم بعدها أى عمل مع حسين كمال!.
التعليقات