يوما ما سألت المخرج عاطف الطيب، من هو أفضل من أدى أدوار البطولة فى أفلامك نور الشريف أم أحمد زكى؟، نور لعب بطولة 6 أفلام وأحمد 5 أفلام.
قال لى عاطف وكأنه ولا أدرى كيف كان متوقعا السؤال مستحضرا الإجابة، نور يمنحنى أفضل ما يمكن أن أتخيله يصل للحد الأقصى، الذى أتمناه، بينما أحمد يحلق بعيدا، أبعد حتى من خيالى، نور ملتزم بكل التفاصيل، ولا توجد لديه مشكلة فى إعادة اللقطة فهو يستعيد ببساطة الحالة، بينما أحمد يتطلب وقتا أطول، لكى يستحضر الحالة مجددا. كان رأي نور الشريف فى الفارق بينه وبين أحمد زكى (إذا كنت أنا أساوى فى التمثيل 7 من 10، فإن العلامة الكاملة 10 من 10 يستحقها أحمد زكى).
تتعدد مناهج وأساليب فن الأداء وتختلف من فنان إلى آخر، هناك من يشعرك أنه يمثل بعقله وآخر بقلبه وثالث بالكاريزما ورابع بالعافية، يشبه المطرب حسن أبوالروس فى فيلم (بداية ونهاية) الذى أدى دوره فريد شوقى، فكان يجبر الجمهور على الاستماع إليه.
أستطيع أن أطبق ذلك عمليا على دراما رمضان، فى مسلسل (الإمام) لدينا خالد النبوى أكثر ممثلى الألفية الثالثة فى استخدام عقله، يحسب كل شىء بدقة طبقا لما يمليه عليه مخه، كما أنه أكثر فنان فى جيله يجيد تسويق نفسه إعلاميا ويحافظ دائما على تلك الخطوط مع قنوات التواصل، فى أدائه لدوره فى الإمام الشافعى، تشعر مباشرة أنه حسبها بدقة وبكل التفاصيل فى الحركة والأداء، هو مثلا لا يمتلك سحر أداء محمود ياسين الشعرى باللغة الفصحى، لكنه يجتهد ليقترب، يحميه دائما عقله متوازيا مع قدرته على تسويق اسمه.
أما تمثيل القلب فأنا أراه واضحا ومعبرا عن نفسه بقوة فى أداء محمد ممدوح فى مسلسل (رشيد)، يشعرك بمساحة من الإضافة اللحظية، من الممكن بنظرة سريعة أن تعتقد أنه يكرر نفسه، لكن ممدوح يذوب تماما فى الشخصية وما يتبقى فى نفسه من ممدوح هو بالضبط ما يتطلبه الدور، لديك نموذج آخر: عمرو عبد الجليل وهو (الكاركتر) فى كل أدواره تلمح عمرو بقوة وهو لا يؤدى دورا فى (الأجهر) أو (سره الباتع)، لأن عمرو هو عمرو، لكننا نتقبله مثلما كنا نتقبل استيفان روستى وزينات صدقى وعبدالفتاح القصرى وعبدالسلام النابلسى رغم أنهم يكررون طريقة الأداء حرفيا، هكذا أحببناهم، وتلك العيوب أصبحت مزايا.
ولدينا تمثيل الكاريزما، وهم النجوم الذين يمتلكون فيض من القدرة على الجذب الجماهيرى، مثل محمد رمضان، أعمال رمضان لو نزعته منها كبطل سيتقلص تماما الإقبال الجماهيرى، لا أنكر عنه موهبته كفن أداء ممثل وهو بالمناسبة ما أشرت إليه بمجرد انطلاقه بدور صغير فى فيلم (احكى يا شهرزاد).
الكاريزما لا تعنى قطعا الوسامة ولا اللياقة العضلية ولكن شيئا أبعد من كل ذلك كامن فى الفنان، المخرج محمد سامى أجاد استخدام رمضان العضلات والممثل والكاريزما ولهذا نجح تجاريا لقاؤهما معا، مهما كانت مشاكل السيناريو.
أكثر فنانتين تتمتعان بقدرة فائقة على فن التشخيص هما فاتن حمامة وسعاد حسنى، الاثنتان لديهما فيض الموهبة والكاريزما، قماشة سعاد الإبداعية متنوعة أكثر، إلا أن ذكاء فاتن أكبر، وكل منهما أستاذة فى مدرستها، فاتن حمامة عقل يمثل، وسعاد قلب يمثل، ويبقى التمثيل بالعافية والدراع والبجاحة وهؤلاء مع الأسف يشكلون الأغلبية!!.
التعليقات