الجيل الأقدم في السينما المصرية كان الأكثر عظمة ورونقا ليس لافتقار السينما اليوم من الكوادر المهنية المليئة بالموهبة وحب الفن، بل لأن مجال السينما قديما لم يكن مدرا على صاحبه مالا بالقدر الذي عليه اليوم، فلم يكن يسعى إليه إلا كل عاشق للفن، فمنهم من أخذ التمثيل كمجرد هواية بجانب عمله الأصلي مثل إيهاب نافع الذي كان طيارا وممثلا في آن واحد، ومنهم من كان سليل أكبر العائلات وأكثرها غنى وجاه، فكان الفن من أجل الفن، كان التمثيل من أجل التمثيل، فكان الإبداع وكانت العظمة.
واليوم وبعد أن أصبحت السينما مصدرا من مصادر الدخل القومي، وأصبحت أجور الممثلين أرقاما لا يُصدق أنه يمكن لأحد أن يأخذ مثلها في مقابل أي عمل كان، ولكنها حقيقة، تحولت السينما إلى مجال عمل أكثر من كونه إبداعا فظنت الفتاة الجميلة أنها تستطيع أن تكون نجمة من نجوم الصف الأول لا لشيء إلا لجمالها، وظن الشاب الأسمر الأشبه بأغلب المصريين أنه يمكنه أن يصبح نجم مصر الأول بلا موهبة أو طموح شخصي ولكن فقط بتقليد العظماء والتلاعب بمشاعر الشباب بتقديم عدة أعمال بقصة واحدة وهي الشاب الفقير المظلوم في البداية والمنتصر الغني في النهاية، ومع الأسف يتحقق مرادهما فيصعدون إلى القمة ولكن ما أسرع زوال وهجهم وخفت نجمهم وحينها يظهر بريق النجوم الأقل وهجا والأكثر موهبة وتلك النجوم هي ما تعيش وتستمر، هي ما تصنع التاريخ وهي ما سيتذكرها أجيال بعد أجيال.
النجم القدير كريم عبدالعزيز من النجوم التي لمعت في أواخر التسعينات بفيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" مع النجم الأكبر والأهم أحمد ذكي، ولم يخفت نجمه إلى اليوم ولكن ظهر في تاريخه الكثير من أصحاب الوهج المؤقت والذين يأخذون كل الكاميرات والجماهير طوال فترة نصف العمر الأولى بالنسبة لهم، ولكنه ظل صامدا سائرا على خطاه في طريق رسمه لتحقيق طموحه وأحلامه، فلم يتعجل بل تأنى في اختياراته ونجاحاته حتى نضجت موهبته واكتملت صورته، حتى أتى اليوم الذي يتفوق العمل الذي يقدمه على كل منافسيه، بل والأكثر من ذلك ليتفوق كل عمل جديد له على العمل السابق له في حلقة غير متناهية من النجاحات ليحقق فيلم "بيت الروبي" إيرادات غير مسبوقة ليصبح الأعلى في تاريخ السينما المصرية، ويأتي في المركز الثاني فيلم "كيرة والجن" من بطولته وبطولة النجم أحمد عز، ويأتي في المركز الثالث فيلم "الفيل الأزرق" وهو الآخر من بطولة كريم عبدالعزيز، ليصبح فنانا متفوقا على نفسه حرفيا ولكنه وبإجماع الآراء يستحق وعن جدارة ما وصل وما سيصل إليه من نجاحات.
ومن أهم أسباب نجاح فيلم "بيت الروبي" هو النجم والبطل الآخر بالعمل الفنان كريم محمود عبدالعزيز، تتم مهاجمة أبناء الفنانين الذين يستغلون صيت آبائهم لدخول الفن ولكن يجب الاعتراف أن الموهبة جينات يمكن أن تورث كغيرها من الصفات، وفي حالة الفنان كريم محمود عبدالعزيز فهي مورثة بالتأكيد وبإجماع الآراء فهو يمتلك الموهبة والقبول وخفة الظل وحب الفن، ليصبح اليوم واحدا من أهم نجوم الصف الأول وعن جدارة، فهو ابن الفنان القدير محمود عبدالعزيز، دما وروحا ووجها.
ليست السينما بأداة لجذب الجماهير لجمع الأموال، السينما متعة، السينما رسالة، السينما توثيق، السينما كل ذلك، فمن يستحق الوجود في هذا المجال هو كل مخرج ومؤلف وممثل راغب في تكوين تاريخ أكثر من تكوين حساب بنكي، فإذا أحببت السينما وأخلصت لها أعطتك مالا وحبا وصيتا في حياتك وبعد مماتك فيا لك من محظوظ.
التعليقات