يقولون إنه إن استطعت أن ترضى بعض الناس بعض الوقت فلن تستطيع أن ترضى كل الناس كل الوقت، وأضيف أنا يقينا جديدًا وهو أنك لا تملك أن ترضى أحدًا لا كل الوقت ولا بعضه، مهما حاولت وسعيت بما لديك من مهارات فى الإرضاء، لأنه لا أحد سيرضى عنك ولا هو أساسًا راضٍ عن نفسه، فالانتقاد هو سمة العصر واللغة المتعارف عليها والعهد المأخوذ على بنى آدم، ولا أبالغ إذا قلت لك إنه إذا فعلت الشىء أو عكسه فى الحالتين ستنتقد وبشدة، فلا سبيل لمن يناضل ولا منفذ لمن يعافر، وفر طاقتك ومجهودك ما فيش فايدة، وبنظرة سريعة عزيزى القارئ لما سوف أطرحه سوف تتأكد بنفسك من حقيقة ما أقول، خد عندك...
إذا بكيت على مشهد لا يخصك يقولون إنك شديد الحساسية، وإذا ابتسمت بلطف للمارة يقولون إن حياتك مثالية وبلا هموم، وإذا أخطأت دون قصد يقولون إنك غشيم، وإذا ساعدت من حولك يعتبرونك مدعيًا، وإذا أحببت بعمق يقولون إنك سريع التأثر، وإذا سامحت مَن أساء إليك يظنون أنك سهل الإرضاء، وإذا كنت لطيف المعشر يتأكدون أنك ضعيف، وإذا دافعت عن نفسك يصفونك بالعدوانى، وإذا وصلت إلى أهدافك سريعًا إذًا أنت فى نظرهم محظوظ، وإذا فشلت رغم كثرة محاولاتك إذًا أنت لم تبذل جهدًا كافيًا، وإذا استيقظت مبكرًا يقولون إن لديك طاقة مبالغا فيها.
وإذا استيقظت متأخرًا يقولون إنك منغمس فى الكسل، وإذا سافرت كثيرًا فأنت عندهم لا ترسو على بر، وإذا بقيت فى المنزل فترات طويلة يقولون إنك انطوائى لا تحبذ الاختلاط، وإذا انشغلت بأعمالك يعتبرون أنه لا وقت لديك للترفيه، وإذا أخذت الأمور ببساطة دون تعقيدات يتفقون أنك غير جاد فى شؤونك، وإذا تحدثت كثيرًا فأنت رغاى وتفتقد الحكمة، وإذا تحدثت قليلًا يقولون إنك صموت وتفتقد التواصل، وإذا بقيت هادئًا فأنت فى نظرهم بارد المشاعر، وإذا أصبحت صاخبًا فأنت إذًا غير ناضج ومندفع، وإذا كنت من الذين يأكلون بنهم يقولون إنك شره وسمين، وإذا خسرت وزنك فأنت فى نظرهم مُرهق أو مريض، وإذا ارتديت ملابسك بأناقة وإتقان يقولون إنك تستعرض ما تقتنيه.
وإذا ارتديت ملابسك على عجالة يقولون إنك غير مهتم بمظهرك الخارجى، وإذا كنت جادًا فى أقوالك وأفعالك يعتبرونك مملًا وفظًا، وإذا كنت ضحوكًا تتمتع بروح الدعابة يعتبرونك خفيفًا وغير متوازن، وإذا كنت صريحًا ومباشرًا يتهمونك بالوقاحة وقلة التقدير، وإذا كنت دبلوماسيًا فى حديثك يصفونك بالنفاق، وإذا كنت عازبًا فأنت فى نظرهم بوهيمى وغير مسؤول، وإذا كنت ناجحًا فى أعمالك يعتبرونك مغرورًا، وإذا كنت تكافح من أجل البقاء يقولون إنك كثير الشكوى والهموم، وإذا خططت لكل شىء يقولون إنك لا تؤمن بترتيب الأقدار، وإذا لم تخطط لشىء يقولون إنك فوضوى ينقصك التنسيق.
وإذا كنت من الذين يذهبون خلف التيار يعتبرونك بلا هوية، وإذا كنت من الذين يتمسكون باتجاهاتهم يقولون إنك متصلب وغير مرن، وإذا كنت تفضل الاسترخاء يقولون إنك محروم من الهمة والنشاط، وإذا كنت كثير الأصدقاء يقولون إنك بلا صديق حقيقى وسط هذا الجمع المحيط، وإذا كان أصدقاؤك قليلين يقولون إنك لا تعطى فرصًا للتقارب الإنسانى، وإذا كنت تفضل الوحدة يقولون إنك انعزالى، وإذا كنت صادقًا على طول الخط يعتبرونك ساذجًا وبلا خبرة، وإذا كنت كذوبًا أغلب الأوقات يعتبرونك غير جدير بالثقة، وإذا انتقدت آراءهم وأبديت رفضك لطريقتهم فأنت فى نظرهم غير ديمقراطى ولا تقبل الآخر.
إذًا مهما فعلت سيكون لدى البشر آراء عنك وانتقادات لك، لذا عش حقيقتك وكن فخورًا بمن تكون، وافعل ما يحقق لك الإشباع والرضا، وتجنب المنطق الدائر فى الأسواق (يا توافق– يا تنافق– يا تفارق)؛ أنه أكذوبة، أما حياتك فهى الحقيقة، ابحث عن ما يجعلها سعيدة عن قناعة.
التعليقات