البحث عن الكمال صفة أصيلة عند البشر .... يبحثون عن الكمال في كل شيء .... وكأنهم يطالبون به فمن حقهم إيجاد الكمال وعليك العمل دائما لامتلاكه .... فإذا لم يجدوه - كما هو الطبيعي - يبدأ التنمر والسخرية بدون النظر ولو لدقائق عن الجمال الكامن في الشيء الناقص.
عندما يأخذ فيلم أو عمل تليفزيوني جائزة ما يصبح هذا دافعا ومبررا قويا لمشاهدة هذا العمل .... وفي بعض الأحيان تُظهر إعجابا كاذبا بالعمل حتى لا يتم اتهامك بعدم القدرة على التقييم .... فمن أنت؟! وما أهمية رأيك بجانب هذه الجائزة؟!
يعد مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" واحدا من أهم الأعمال التليفزيونية وأكثرها مشاهدة منذ عرضه إلى الآن بما يتخطى خمسة وعشرين عاما .... مع أنه ليس الأفضل على الإطلاق .... تم تصويره في مزرعة دواجن لضعف الإنتاج .... الشخصيات المقدمة ليست بمثالية حتى نحبها كل هذا الحب .... الابن المشتت نفسيا، والأب المتسبب في ذلك، الابنة التي تنظر بطمع لمن يمتلك أكثر منها .... وغيرهم .... ولكننا أحببناه ... أحببناه كما هو لأنه جميل فليس بشرط أن يكون الأجمل.
يسير الأمر نفسه الآن على مسلسل "الضاحك الباكي" بطولة الفنان عمرو عبدالجليل والذي يقدم فيه قصة حياة الفنان الراحل نجيب الريحاني .... تم توجيه العديد من أشكال النقد المختلفة إلي العمل بصورة دورية منذ عرض أول حلقة إلى الآن مع عدم النظر إلى أي جوانب أخري في المسلسل ....
كان النقد موجها دائما إلى سوء اختيار الممثلين .... بسبب التباين الواضح بين العمر الحقيقي للفنان والعمر المراد تقديمه في الشخصية .... ولكن على الرغم من هذه الأخطاء كان الاختيار الأعظم هو الفنان عمرو عبدالجليل لتقديم دور نجيب الريحاني .... حيث تعتقد ولو لوهلة بأنك تشاهد نجيب الريحاني حقا أداء وحديثا وروحا استحضرها ..... بالإضافة إلى الفنان محمد سليمان والذي قدم دور استيفان روستي ببراعة ... وغيرهم ممن أحسنوا الاختيار ....
لطالما صنفت بيني وبين نفسي الأعمال التليفزيونية إلى أعمال دافئة وأعمال باردة .... أعمال دافئة كمسلسل يوميات ونيس، وأين قلبي، ورحلة السيد أبو العلا البشري .... ومسلسلات باردة كالشهد والدموع، وحديث الصباح والمساء .... فبمجرد الجلوس أمامهم لمشاهدة حلقة واحدة تشعر بالبرودة صيفا وتشعر بالدفء شتاء ....
ولو صنفت الضاحك الباكي على هذا المنوال لوجدته دافئا بلمسات المخرج الكبير محمد فاضل .... تشاهده لكي تستمتع بأحداثه وجوه وإضاءاته وإيقاعه المنعش للروح والعقل ....
هناك من يختار مشاهدة عمل يغذي عقله وثقافته، وهناك من يختار مشاهدة عمل يغذي روحه ووجدانه ... ولكل منهما وقته ....
الوقت الذي تنفقه بحثا عن الأفضل يمكنك استغلاله في الاستمتاع بكل ما هو قريب وجميل.
فيكفي أن يكون جميلا ... فالأمر ليس بالأجمل.
التعليقات