من أجمل العبارات التي قرأتها اليوم "المجد للذات التي تعرف قيمتها".
تكاليف معيشتنا الروحية باهظة الثمن، كل منا يتوق بشدة كي يصادف في دربه "عزيز الروح".
في المطلق كل من أحبك وآمن بك، صلب ظهرك وهون عليك الطريق؛ هو لك عزيز الروح.
مر على قلبي آلاف البشر وأشباه البشر والكثير من الدواب. على مدار عشرات الأعوام عرفت بفطرتي كيف يكون الحب وما معنى السند الجميل وكيف يجود ويستمر الأثر.
كان ولا زال هناك من يرافق دنيانا بكثير من الحب المنقوص، الود الحذر والعطاء المحسوب!
هل أفاجئك يا صديقي أن كل هؤلاء شكلوا الجزء الأجمل من تكوينك.
إن معظم إبداعاتك خرجت من رحم المعاناة.
هناك مثل مصري يقول "اللي يجي بلاش يروح بلاش"، لذا تأكد أن كل ما حصلت عليه قد دفعت ثمنًا غاليًا لبقائه والحفاظ عليه.
بداخل كل منا حياة أخرى يعيشها بمفرده، يرى دواخل المجاورين ويشعر بكل خبيئة وخطيئة تدب في القلوب، لا يبديها بل يتركها في أرشيف الروح ثم في الوقت المناسب يغير على إثرها نقلات الشطرنج على طاولة عمره.
ثم تأتي لاحقًا مرحلة من العمر تفقد مقدرتك على الصبر والجلد والتحمل، تتحول أكبر طموحاتك في الحياة أن تستمر أيامك دون مفاجآت.
تنحصر أغلب سعادتك في أن يمر يومك بسلام، لا يتطفل عليك أحد ولا يقحمك نفر في حروبه ومكائده.
في معظم الأحيان أصبحت أفضل أن أحتفظ برأيي في كثير من المواقف، لذا أصبح موضع المشاهدين ألطف وأخف وطأة من منصة الحكام.
ودعت الجدل العقيم وسفسطة الحوارات، فخير لعمري أن أتحدث وقت أن يكون للحديث صدى ومسمع واستجابة.
نحن بحاجة لوقت مناسب من الوحدة نطلع على أعمارنا من أعلى، نلتقي بذاتنا ليزداد إحساسك بنفعك وقدرك، انصاتك لصمتك الداخلي هو التْمَاس الصادق والتعديل الجيد الذي تحتاجه من وقت لآخر.
تلك الوحدة إن جاز التعبير هي "اللص الشريف" الذي يجب أن تفتح له أبوابك على مصراعيها، فيلتقط من داخلك كل ما يؤذيك.
عادة نبدأ حياتنا بكم هائل من الأحلام، ثم تختزل معظم تلك الأماني في أن تصبح مطمئنًا، أن يغدو أحبابك بخير وألا ترى في من جاورك الدنيا بود سوى منابت الخير.
لا تتمسك بألمك لكن تعلم أن تفلته ولا تعش فيه طويلا، وتذكر أن إلحاحك في مطلبك يؤخره فقد نزلنا إلى الأرض لنتعلم الصبر.
كل شيء تحتاجه بشدة ضعه في لِستة دعواتك دون أن يرافقك ألم تأخيره، لا شيء يتأخر بل تأتي أقدار الله في أفضل أوقاتها.
دائمًا تُداخِلنا مواسم اللطف كما أرهقتنا أزمنة القلق.
كل الأشياء البسيطة الرتيبة التي كانت تمر علينا دون أن نلتفت لها هي اليوم مطلات آمنة تحمينا ونركَن إليها لنلتقط من خلالها الهدوء والروية.
توقف عن انتظار المفاجآت وانغمس في نِعَمك الحاضرة.
إن غياب الفواجع وقدرتك على مزاولة مهنة الحياة والتمتع بها، {وإن كنت مكبل ببعض الثقل الذي لا تتوقف معه جريان مياهك}، هو لك أجمل أرزاق الطمأنينة.
إدراكك الواعي أنك لست وحدك من يعاني، أن هناك من يتحمل ما لا تطيقه، أن الله أرسل إليك الود في كل محنة، أنه في كل كُربة يُجَملك، وأن أحيانًا أسوأ الأقدار هو بداية لغرس الصالحات في دنياك؛ يجعلك تدرك بقوة أنك لست وحدك وأنك موصول بالقدير.
أنت قوي بقدر تمسكك بمبهجات دنيتك.
أتدري من يمثل لك عزيز الروح؟
قد يكون أنت يا صديقي الجميل!
أعوذ بك يا الله أن أسلك طريقًا لا ترتجيه مني فجهدي لن يقيمني دون عونك، وأعوذ بك منك وأن أسلك طريقًا أصل فيه متأخرة، يا رب كن لنا دربًا آمنًا ووطن حانٍ بلا لهفة ولا لوعة ولا انكسارات.
اعتدت أن أخرج من المعارك خاسرة بعض من قلبي لأكون الطرف الأقوى المنتصر؛ فلطالما آلامني الترك والهجر والخذلان.
أتمنى لك يا صديقي أن تجد من يستحق أن تحارب من أجله، وألا تركض في طريق تعود من منتصفه، أن تتجدد طاقتك بإستمرار على نحو يهيئ لك كل أسباب الرضا، أن تغدو أيامك مستحقة لكَدِك، وأن يثبت الله عينيك على ما تصبو إليه ثم تظل مستحقًا له ثم تمنح فيه أجمل أرزاقك، وألا لا تسلب منك لقيمات السعادة ما حييت.
كل عام وأنت عزيز الروح.
التعليقات