تلك النافورةُ منِّي
وأنا منها ..
والماءُ الصاعدُ من فمِها
الهابطُ بين أصابعِ قدميها
يذْكرُني دوما ..
ويناديني باسمي
وأنا أذكرُهُ ..
وأناديه باسمِ العشق
ما يُحزنُني عند النظرِ إليها
بعضُ شروخٍ في رئتيها
وهزائمَ في عينيها
ودموعٍ تنسابُ على ماضيها
ورخامٍ شابَ على واديها
ماذا يوجعُكِ الآنَ
وأنتِ بعيدٌ عن أندلسٍ
وبعيدٌ عن قصرِ الحمراءْ؟
ماذا يا بيضاءُ وزرقاءُ وخضراءْ؟
فعروقُكِ تسري في شرياني
ومياهُكِ شلالٌ من تاريخٍ في وجداني
تلك القطرةُ تحملُ أخبارًا من (ولاّدة) *
تلك النقطةُ فيها صورٌ من عهدِ أميّة
وخريرُ الماءِ يُزمزمني
ويُرجرجني
يتمدَّدُ وعيي ويُسابقني
ويطيرُ إلى الجنَّةِ حيثُ الكوثر
هذا الماءُ هو الروحْ
والنافورةُ لي وطنٌ وجروحْ
فليتخيلْ كلٌّ منّا جسدًا يطفو في نافورة
ويسافرُ عبر الإشعاعِ المائيِّ
إلى نهرِ النيلِ لينقذَه من عطشٍ أبديّ
ويعودَ بنورسِ حبٍّ نورانيّ
يتمايلُ فوق النافورة
تلك النافورةُ مني
وأنا منها ..
لكنْ عند النظرِ إليها الآنَ
أراها قد صارتْ
إبريقًا من فَخَّار
وأنا صرتُ رُخامًا
في أضرحةِ الموتى.
* الشاعرة الأندلسية ولادة بنت المستكفي، حبيبة ابن زيدون.
التعليقات