أيتها العابرة في مخيلتي كل حين، يا سيدة الضفتين ومُلهمة الحالمين، غدوتِ نبضاً في شرايين أيامي، وموعداً لا يخيب في رحلة الصباح والمساء. أعتلي صهوتكِ المتمايلة، فتحملينني بين قوسي الماء والسماء، أتأمل في صفحة االمياه المتلألئة قصة العبور الأزلية.
تمخرين عباب البحر كقصيدة متحركة، حاملةً في جوفك أساطير المسافرين وحكايا العابرين.
ففي أحشائك تختمر آلاف القصص، وتتعانق الدموع مع الضحكات، وتتشابك خيوط الفرح مع خيوط الحزن في نسيج الحياة المتجدد.
تنسابين كنبوءة صامتة بين الضفتين، مختزلةً فلسفة الوجود في رحلتك المتكررة. على متنك تتراقص الأحلام كالفراشات ، وتتهادى الآمال كأشباح حائرة، وتتعلق الأمنيات كنجوم متناثرة بين السماء والماء.
تحملين في ثناياك أسرار العابرين وهمسات المودعين، تنقلين الأرواح من ضفة الواقع المرير إلى ضفة الحلم الجميل، كأنك جسر معلق بين الحقيقة والخيال، وبوابة سحرية بين عالمين.
تجسدين جوهر الزمن في حركته الأبدية، لا تعرفين التوقف ولا تأبهين للتردد. ولا تنتظرين أيا ماكان .
تختصرين المسافات بحكمة العارفين، وتذيبين حواجز الانتظار بصبر الحكماء.
وعلى الرصيف تقف قافلة الحالمين: طالبٌ يحمل في حقيبته أعباء المستقبل، وعاشقٌ يترنح بين نشوة اللقاء ولوعة الفراق، وحالمٌ يتأمل في الأفق البعيد بحثاً عن معنى ضائع.
أراك رمز التجدد والأمل في قلب اليأس. فخلف كل رحيل ميلاد جديد، وبعد كل وداع لقاء موعود. هكذا تكتب الحياة فصولها: رحيل يعقبه عودة، وفراق يتلوه لقاء، في دورة أبدية من العطاء والتجدد.
التعليقات