في تصريحات أثارت الكثير من الجدل، قال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، خليل الحية، إن الحركة "قادرة على الصمود في غزة لسنوات طويلة"، متجاهلًا الواقع اليومي الذي تعيشه غزة تحت نيران الحرب والمجازر الاسرائيلية البشعة، والمجاعة، والدمار الواسع، والنزوح الجماعي، والانفلات الأمني!
كلمات الحية، التي قد تبدو للبعض محاولة لرفع المعنويات أو تأكيد الاستمرارية السياسية، تصطدم بقوة مع مشهد إنساني كارثي يتكشف كل يوم أمام أعين العالم. فمنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، يعاني سكان القطاع من أوضاع معيشية مأساوية، بعد أن فقد الآلاف أرواحهم، وتحوّلت غالبية مناطق القطاع إلى ركام. عشرات الآلاف من المنازل دمرت، والمستشفيات باتت عاجزة عن أداء دورها، بينما يعاني السكان من نقص حاد في المياه والغذاء والدواء.
أن تقول قيادة "حماس" إنها قادرة على الصمود "لسنوات طويلة" قد يُفهم في سياق الخطاب السياسي، ولكن السؤال الأهم: من الذي يصمد؟ وماذا تبقى كي يصمد؟ هل يمكن فعلاً الحديث عن صمود في ظل مجازر يومية، وانهيار للبنية التحتية، وانعدام الأمن الغذائي والصحي؟ أم أن هذه التصريحات تحمل أبعادًا دعائية على حساب الواقع الإنساني المؤلم؟
من المهم التمييز بين ما تقوله القيادات من على منابر الإعلام، وبين ما يعيشه المواطن الغزي من ألم حقيقي ومعاناة مستمرة. سكان القطاع لا يحتاجون إلى شعارات، بل إلى حلول تنهي المأساة، وتحمي أرواح الأبرياء، وتفتح أبواب الأمل بعد سنوات من الحصار والانقسام والدم.
وفي خضم كل ذلك، يبدو أن القيادات ما زالت تتحدث بلغة الشعارات، بينما تتآكل الأرض تحت أقدام المدنيين العزل، الذين أصبحوا ضحايا للصراع المستمر، ولغياب الرؤية السياسية الجامعة، وللعجز الدولي عن وقف الحرب أو محاسبة المسؤولين عن المجازر.
إن التصريحات التي تتجاهل الحقيقة لا تبني مشروعًا وطنيًا، بل تزيد من فجوة الثقة بين الشارع الفلسطيني وقياداته. والمطلوب اليوم ليس إعلان القدرة على الصمود فحسب، بل البحث الجاد عن نهاية للكارثة، ومخرج من النفق المظلم الذي دخله القطاع منذ سنوات، وتحديدًا منذ بداية هذا العدوان.
فالصمود لا يُقاس بالخطاب، بل بما يُنجز لحماية الإنسان، وكرامته، ومستقبله ! لذلك نقول : لقد آن الآوان لكي تتنحى قيادة حماس وتنسحب من المشهد السياسي والميداني تماما , وتعتذر للشعب الفلسطيني عما لحق به من كوارث طيلة هذه الحرب الاجرامية، لكي تفسح الطريق امام حل ينقذ ماتبقى من الارواح والممتلكات في قطاع غزة .
التعليقات