بين دفاع وهجوم، بين محبي أنغام ومحبي شيرين عبدالوهاب ومحبي آمال ماهر وغيرهن، من تستحق لقب صوت مصر عن جدارة؟
هناك نوع من الألقاب لا يأتي بناء على إنجاز معين، بل يأتي تكريما وتشريفا لتاريخ طويل تم بغير نية لحصد الجوائز والألقاب وهذا ما يجعله الأكثر استحقاقا للتكريم، فعلى سبيل المثال لقب القاهرة "هوليود الشرق" فهذا ليس بلقب يتنافس عليه المتنافسون كل عام أو كل أربع أعوام على حصده، هذا لقب حصلت عليه القاهرة بعد تاريخ طويل من الفن الذي قُدم لا لشيء إلا من أجل الفن، فلو مر الزمان وتبادلت الأدوار ونجح الغير في المجال نفسه، سيُعلي هذا من شأنه في الحاضر ولكن لا سلطة لأحد على الماضي وبالتالي يعد لقبا غير قابل للتداول.
في مسابقات ملكات الجمال يتقدم إلى المسابقة كل من ترى نفسها جميلة، وكثيرا ما يحدث من عدم اقتناع الجمهور بجمال جميع المتسابقات، يتم القبول بناء على وزن وطول وعمر المتسابقة، وتتم التصفيات بناء على ثقافتها، جاذبيتها، خطوتها، رونق طلتها ككل، فلا وجود لمقياس لحجم الأنف ولا لدرجة لون البشرة.
الأول على صفه الحاصل على أعلى الدرجات يُرى أنه الأذكى بين أترابه، ولكنها ليست بالحقيقة فهذا ليس اختبارا للذكاء، فالأول على صفه هو من استطاع توظيف قدراته وإمكانياته بطريقة صحيحة ولو كان الأقل ذكاء، حيث يدخل الذكاء تحت بند الفروق الفردية فهناك من يستطيع تحصيل كم من المعلومات في ساعة واحدة وهناك من يُحصل نفس الكم من المعلومات بنفس الجدية في ساعتين، فإذا درس الأول نصف ساعة معتمدا على ذكائه ودرس الثاني الساعتين، يحصل الثاني على المركز الأول.
والأمر سيان في كل شيء، إذاً فإن قضية اختيار صوت مصر لا تبحث في جوهرها عن أفضل أحبال صوتية أو أفضل إحساس، بل تبحث عن من استطاعت توظيف إمكانياتها بطريقة صحيحة لتستحق لقب صوت مصر، يمكن أن تكون آمال ماهر صاحبة أقوى صوت نسائي مصري، ويمكن أن تكون شيرين عبدالوهاب صاحبة أجمل صوت نسائي مصري، ولكن أنغام هي صوت مصر، من استطاعت استكمال مسيرتها صامدة منذ ظهورها لأول مرة إلى الآن، من استطاعت إقصاء أي مسألة شخصية تشوب نقاءها في عيون محبيها، من استطاعت باختياراتها تحقيق سلسلة غير متناهية من النجاحات، من تجبر الجميع على تقديرها واحترامها في حضرتها وفي غيابها، من رأت نفسها وجها لمصر فاختارت أن يكون مشرفا، من تعاملت على أنها صوت مصر بلا لقب رسمي، من وقفت على المسرح في حفل مهرجان العلمين بثبات وقوة مسبوقة بالنسبة لها؛ حتى أبهرت جماهيرها بين شجن وبكاء لتقل بغير كلام أن لا وجود لمنافس لها على لقب صوت مصر فهو لها وهي له.
التعليقات