وافقت دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في اجتماعهم الأخير والذي انعقد في لاهاي يومي 24 و25 يونيو، على زيادة الإنفاق على الدفاع والأمن لنسبة 5% من الناتج المحلي وذلك استجابة لضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويبلغ معدل الزيادة بما يقارب 150% من نسبة الإنفاق المتفق عليه حالياً، حيث تنفق دول الحلف حالياً مالا يقل عن 2% من الناتج المحلي على الدفاع، وهو ما كان سبباً في تردد العديد من دول الحلف في القبول به، وخصوصاً في ظل مؤشرات على التباطؤ الاقتصادي العالمي.
وبخلاف ضغوط ترامب، يمكن إيجاز 4 أسباب أخرى ساهمت في موافقة دول حلف شمال الأطلسي على زيادة الإنفاق بهذه النسبة الضخمة، وهي:
1. تطبيق زيادة الإنفاق تدريجياً خلال مدة 10 سنوات، أي بحلول عام 2035، وهو ما يعطي الفرصة لدول الناتو لمراجعة هذا القرار بعد بضعة أعوام، أو استثناء بعض الدول من الالتزام به مثل إسبانيا المعترضة عليه في المستقبل، وذلك بعد خروج ترامب من السلطة، وابتعاده عن الحياة السياسية تماماً بانتهاء فترة حكمه.
2. زيادة نسبة 5% تطبق بنسبة 3.5% من الناتج المحلي على البنود الدفاعية والعسكرية، بينما نسبة 1.5% من الناتج المحلي على بنود أمنية أخري مثل البنية التحتية واللوجستية والأمن السيبراني، وهي أوجه إنفاق تخدم الدفاع وكذلك أوجه مدنية واقتصادية واجتماعية أيضاً. مع مراعاة أن إنفاق نسبة 3.5% من الناتج المحلي على البنود الدفاعية، تشمل جميع المساعدات التي سيتم توجيها لمساعدة أوكرانيا.
3. استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وعدم وجود بوادر لحل قريب للأزمة، وهو ما يهدد الأمن في أوروبا بالمقام الأول، وهو ما يستدعي زيادة الإنفاق العسكري لمواجهة التحديات الناتجة عن هذا النزاع الممتد لما يزيد عن 3 سنوات ونصف السنة، وقد يمتد ليعصف بكل أوروبا.
4. التوجه العالمي نحو الهيمنة عبر القوة، وتراجع التأثير بالقوة الناعمة ليكون في مرحلة لاحقة على الضربة العسكرية الأولي، حيث بدأت الموازين الدولية تتبدل، وتتراجع الحلول الدبلوماسية والاقتصادية وغيرها، وعودة الاعتماد على القوة الخشنة، وهو ما ظهر واضحا في الأزمة الروسية الأوكرانية، والحروب الإسرائيلية بالشرق الأوسط، والنزاع الهندي الباكستاني.
ختاماً:
يمكن القول إن الساسة الأوروبيين قد استوعبوا دروس التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد نجحوا في إعطائه ثوب القائد المنتصر، وهو ما أرضي بعضاً من غروره. ولكن في الحقيقة، لقد نجح هؤلاء الساسة توجيه هذه الزيادة بما يناسبهم، وذلك بضم الإنفاق على أوكرانيا ليكون من أوجه الإنفاق العسكري (وهي مبالغ تتخطي مئات المليارات من الدولارات)، وتخصيص نسبة 1.5 % من الناتج المحلي لأوجه ذات منافع متنوعة، وأخيراً بإطالة أمد التطبيق ليكون بحلول 2035.
التعليقات