يظل المسلسل الأشهر في أوائل الألفية الثالثة والأحب والأقرب إلي قلوب الجماهير هو مسلسل حديث الصباح والمساء، طل على الناس في عام ٢٠٠١، عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الكبير نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الآداب بعد إصداره لهذه الرواية بسنة.
تميزت الرواية بكونها تعايش أجيالا مختلفة من أصول واحدة، وهو أسلوب تميز به الكاتب حيث ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة التي حكت ثلاثة أجيال مختلفة من عائلة واحدة، حيث تدور أحداث الرواية من بداية الحملة الفرنسية على مصر مرورا بالثورة العرابية وثورة ١٩١٩ إلى عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات أي وقت كتابة الرواية.
أظهر المسلسل في ٢٨ حلقة، اختلاف وتأثر شخصيات الأجيال المختلفة بما يدور حولهم من أحداث سياسية وتطور اجتماعي، أظهر كيف كان يُسمى الناس بوظائفهم كالمراكيبي والطرابيشي، ربط بين الإيمان بالغيبيات والتبرك بزيارة آل البيت والذي كان منتشرا في تلك الفترة والجنون في شخصية جليلة والتي قدمتها الفنانة عبلة كامل بعبقرية واحترافية غير مسبوقة.
قدم واحدة من أشهر قصص الحب بين هدى هانم والتي قامت بدورها الفنانة ليلى علوي وعطا المراكيبي والذي قام به الفنان أحمد خليل، مع علاقة صداقة تُدرس؛ بها أسمى معاني الصداقة بين جليلة ونعمة والتي قامت بدورها الفنانة دلال عبد العزيز، والشاب المصري الفقير الذي تمنحه الحياة فرصة للقفز إلى مكانة اجتماعية أعلى من مكانة أهله وذويه وينتهي بحنينه إلى مسقط رأسه الأصلي والذي قدمه النجم خالد النبوي.
في مزج بين الحياة والموت، بين الفرح والحزن، بين البداية والنهاية، بين الصباح والمساء في سيمفونية بديعة لتكن رواية حديث الصباح والمساء.
لم يلبث في عقلي نقد للرواية أو العمل التليفزيوني الذي قدم الرواية بصورة ناجحة جميلة، سوى نقد جدتي وتعبيرها عن عدم حبها لهذا العمل التليفزيوني مبررة ذلك بأنه مسلسل كئيب يقبض الأنفاس ويرهق الأرواح بكاءً ونحيباً طوال حلقاته، وهذا لكثرة أمواته، فيأتي في كل حلقة مشهد أو مشهدان على الأقل لجنازة وصراخ لشخصيات قريبة من القلوب مما زاد من الألم،
فعلى الرغم من حرص الكاتب والمخرج من بعده على المزج بين الموت والحياة حيث كان كل جنازة يصحبها ميلاد طفل جديد أو احتفال بزواج، لم يستطع الموازنة بين الحزن والفرح فكفة الحزن كانت الغالبة في جميع المشاهد، ففي مشهد وفاة الشيخ معاوية والذي قام بدوره الفنان محمود الجندي؛ كان هناك زواج وميلاد طفلين ومع ذلك خيم الحزن على المشهد.
فمجيء الفرح بعد الحزن لا يخفف من ألمه بينما ينهي الحزن أي بقايا فرح سبقه، فأصبح المسلسل كئيبا مظلما لكثرة أمواته ولو كان مواليده أكثر، ولكن هذا لا يقلل من قيمة العمل، فالمشكلة تكمن في داخلنا؛ خوفنا من الفرح وانتظارنا للحزن ينعكس على رؤيانا كالمرآه.
فلا خطأ في العمل ولا خطأ في حكمنا، فرؤيتنا هذه هي نتاج التأثر بالأحداث السياسية والتطور الاجتماعي المحيط بنا مثلنا مثل شخصيات المسلسل.
فمن اعتاد القلق ظن الطمأنينة فخا.
التعليقات