في زمن القلوب المنهكة... نحتاج إلى من يُنصت لقلوبنا لا من يُملي عليها ما ينبغي أن تكون.
ما كنّا أقوياء كما ظنّوا...
بل كنّا نحمل فوق أكتافنا صخورًا من الخذلان، ونمضي، متماسكين كأن شيئًا لم يكن.
نبثّ الطمأنينة لمن حولنا، كأن في دواخلنا فيوضًا من الأمان، ونحن، في الخفاء، نبحث عن نظرةٍ تُشعرنا بأنّا مرئيّون...
عن لمسةٍ تردّ علينا صدى إنسانيّتنا حين تُنهكنا أدوار الاحتمال.
كلّما هممنا أن نبوح، تراجعنا...
لا لأن الحروف أعيتنا، بل لأنّ الذاكرة ما زالت تحتفظ بملامح أولئك الذين استهانوا بصوت قلوبنا حين صدّقنا أنّهم سيُصغون.
كأن العالم لا يريد منا سوى أن نكون عقلانيين دائمًا، أن نرتدي الحكمة في كل المواقف، أن نتجاوز، ونحتوي، ونصفح...
لكن، قل لي بربك:
من الذي يحتوي أرواحنا حين تضيق؟
من يسندنا ونحن نغالب الانهيار تحت ملامح الصبر المصطنعة؟
لسنا دائمًا كما نبدو.
ثمة ليالٍ تُثقل القلب، لا يُنقذه منها سوى كلمة، نظرة صادقة، أو حتى صمتٌ فيه من الحنان ما يُشبه الحضن.
نحتاج إلى الحب...
لكن أيّ حب؟
ذاك الذي لا يأتي مشروطًا، ولا مشوبًا بالتوقّع، ولا مقيّدًا بسلوك.
نحتاج إلى أن نُرى دون أن نصرخ.
أن نُفهم دون أن نُفسّر.
أن نُحتضن دون أن نُنهار حتى نُقنع أحدهم أننا نستحق الدعم.
في قلوبنا حكايات متروكة على رفّ الصبر، واحتياجات مؤجّلة باسم النُبل، وجروح خبّأناها خلف واجهات الصلابة لأننا تعبنا من الشرح.
وليس ضعفًا أن نحتاج.
بل القسوة أن نُجبر أنفسنا على الاكتفاء، وأن نكتم آهاتنا خوفًا من أن يُساء فهمها.
أولئك الذين يُعطون كثيرًا...
لا يعني أنهم لا يحتاجون.
بل ربما يهبون الآخرين ما يفتقدونه هم.
نُربّت على أرواحنا بأطراف من قوّة مختزنة، نلمّ شتات قلوبنا كما تفعل الأمهات خلف الأبواب المغلقة:
بلا ضجيج، بلا انتظار، بلا يد تُعين.
نُواصل الطريق... لا لأنّنا لا نُحب، بل لأنّنا لم نعد نملك رفاهيّة التوقّف في كلّ مرة لم نجد فيها من يحبّنا كما نحتاج.
التعليقات